أخبار عاجلة

 المغرب شامة البلدان 

 المغرب شامة البلدان 
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
__️ رسالة عتاب ومحبة من المغرب للمشرق:
__ ( إذا تكشف لك المغرب عن حيطانه فإنك ستري الماء والخضرة والوجه الحسن )
__( لايمكنك أن تحكم على المغرب إلا إذا كنت في المغرب فليس كمن سمع كمن رأى )
* قمر العرب الغائب.. لماذا يتم يتجاهل المغرب في المشرق؟
_ أنا هنا في المغرب في الرباط جوهرة الثاج المغربي الجميلة عاصمة جمال المغرب اتسأل ليس بمحض الصدفة بل عن علم ويقين معرفي، فلم يخطر في بالي ولو لمرة كشاب من المغرب العربي أن أُبحر في ثنايا بلدي المغرب حتى رماني القدر الشعوري والوجودي الممزوج بالحس الثقافي المرهف والمفرط في طريقه، فأصابتني أسهمه الرقيقة ورحت أبحث في تفاصيله الدقيقة وكأنني وجدت نجمة ضائعة، بل هي المملكة الأكثر حضوراً والأخرون التائهون عنها.
بكل بساطة وصلتني دعوة الواجب وحزمت حقائبي الفكرية والمعرفية وغصت في ثنايا هدا البلاد بكل مدركاتي القيمية والإعتبارية وحللت بفكري المسافر بالدار البيضاء، أو كما يحب أن يطلق عليها المغاربة “كازا.” وبدأت عملية الفحص والتشريح كأنني أقوم بعملية قيصرية غاية في الدقة فالمغرب بلد لايجوز ولايحب أن يخطأ الإنسان في وصفه أو التقليل من قيمته فالمغاربة لهم حساسية مطلقة ومرهفة حد الثخمة في هدا الجانب فكن حدرا في تعاملك وفي حديثك عن المغرب بلد الأناقة و الأصالة والمعاصرة والجدور الضاربة في عمق التاريخ بالإضافة لطيبة وكرم وحسن خلق شعبه الأسطوري الدي شهد له به الأعداء قبل الأصدقاء
إذن فخد مني هدا الوصف ولا تبالي إن المغرب هو البلد الأكثر سحراً وجمالاً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن أحسن وأفضل الواجهات السياحية علي مستوي العالم يأتيه الزائرون من كل فج عميق ، جوهرة عربية بطابع غربي، خليط ثقافي مميز لشعب يجيد ثلاث لغات، بين بحر أقلق مضجعها عبر التاريخ وسلسلة جبال ترويها الثلوج ، وصحراء فتحت أبوابها نحو مجاهل إفريقيا.. وبين العرب والغرب نقطة هي نقطة ضائعة ستجدها مجتمعة هنا قابعة عند التراب المغربي.. أو كما أفضل أن أصفه قمر العرب الغائب، وهنا يكمن بيت القصيد لماذا هو غائب، لماذا يغيب عن شاشاتنا العربية لماذا لا يفقه قضاياه، وثقافته وتنوع أعراقه العالم والعرب كأنه يغرد خارج سرب العرب؟
عليّ أن أعترف وبكل أمانة أن البلد الجدير بالبحث والحب والسياحة، مظلوم من ناحية الإعلام العربي لصالح دول المشرق، فبحتي هدا لم يكن مصادفة هدا البحث كشف لي ولو جزءاً بسيطاً من الجهل المطبق لجمال وبهاء آخر بلد على الخريطة العربية، لماذا نُسي المغرب؟!
يُشكل المغرب الحالة العربية الاستثنائية الأكثر إثارة وتشويقاً لما يحمله هذا البلد من تناقضات هي بمثابة تنوع أغنى وجوده وثقافته، رغم أن المغرب لا يخلو من فساد وفقر وسرقة، حاله حال أغلب الدول العربية، لكن بالرغم من هذا هو فاتن بأدقّ تفاصيله الصغيرة.
جمال التنوع العربي، الأوروبي، والأمازيغي نسج لوحة فسيفسائية قل نضيرها من التكامل الثقافي والعرقي المشبع بالحضارة، عبق الصحراء مع جبال الأطلس المكسوة بالثلوج، وهناك خلف الصخرة شاطىء ذهبي حفرته أمواج البحر خليجاً عتيقاً جامحاً.
فالبحر الذي كان يأتي حاملاً الغزاة ومطامع الغرب، بات وديعاً مروضاً، في أعماقه مرجان وثروة سمكية هائلة والكثير من الأمنيات.. التنوع والنسيج المتشابك للمغرب وصل حد مطبخه المعروف دون سواه من مطابخ العالم بخلط الحلو والمالح معاً بدقة و بتميز وروعة في المذاق والطعم، فعلى سفرة الطعام نفسها يمكنك أن تتذوق الحلو والمالح معاً وممكن في نفس الطبق، وإن كانت لك رغبة في زيارة قريبة لا تتردد في تذوق الكسكس والطاجن والمروزية والبسطيلة الدائعة الصيت .
ومن ملح الطعام وسكره إلى فن العمارة والألوان الترابية التي تغزو المشهد فالمغرب يعرف كذالك بمملكة الألوان. يتأثر المغاربة بفن العمارة الأندلسي المستمد من ألوان الصحراء الناعمة الهادئة، وتتلون بعض المدن بالأبيض والأحمر والأزرق المريح للنظر. كما لفن العمارة البرتغالي والإسباني والروماني حضور لافت، ويصدمك ويأخد عقلك التصميم الداخلي الذي يجمع ألواناً جريئة كالأصفر والأزرق والأحمر، فسيفساء تغطي الجدران وسقوف خشبية عريقة.
على الطرقات وعلى مد البصر ترى خلف الجلاليب ولباس الحداثة تعايش الثقافات والأخوّة، إنه إسلام المغرب المنفتح والمتسامح، فللقفطان المغربي حكاية، تراه في كل مكان لباساً تراثياً فضفاضاً ومزركشاً، تتفنن المغربيات في هذا اللباس فيحكنه بطريقة فنية دامجة ألوانها المفضلة بنقوش مغربية متنوعة. وبالطبع لا ننسى حذاء “علاء الدين” الملون والمسمى “البلغة” هو نعل تقليدي مغاربي، يُصنع من الجلد ويرافق في غالب الأحيان باقي الملابس التقليدية المغربية..
يغيب المغرب عن شاشاتنا العربية أو يحضر كضيف متواضع، فعلى سبيل المثال يفهم المغاربة لهجات و قضايا وأزمات والمشاكل السياسية للعرب و العالم ، حتى أنهم يتابعون أخبار الفن والدين وبرامج العلوم، في المقابل هم يجهلون أبسط قضايانا ، يضيعون أمام لهجتنا العربية الممزوجة بكلمات فرنسية، فمن غير العادل أن يحلم العرب برحلة استجمام إلى أوروبا وأمامهم كنز يضاهي المشرق والمغرب جمالاً، ببساطة لأنه يحمل الاثنين معاً في قلب واحد، هو قلب المغرب الكبير.
القضية الفلسطينية حاضرة لدي الشعب المغربي وبقوة، فالرأي العام المغربي في غالبيته مؤيد لحق الفلسطينيين في أرضهم وفي حق اللاجئين بالعودة، ورافض لكل عنجهيات الاحتلال، ولكن من من العرب والرأي العام العالمي على دراية بقضية الصحراء المغربية؟
من من العرب الشرقيين يعرف عنها ولو جزء يسير من منهم يعرف المشاكل السياسية والاقتصادية والإهتمامات الثقافية للمغاربة وماذا يعرف المشارقة عن الأزمات الوجودية التي يواجهها المغرب؟
أكاد أجزم أن غالبية الوطن العربي لم يسمع عنها.
فحتى مادة القضايا العربية التي درستها في الجامعة لم أقرأ فيها عن قضية واحدة تخص المغرب لا من قريب ولا من بعيد، وكأنه بلد من عالم آخر. مسلسل الترحاب والضيافة لا ينتهي منذ أن تطأ قدمك التراب المغربي فخلف الوجوه السمراء طيبة، وخلف الابتسامات حب عارم لكل ضيف، الكل مستعد لاستضافتك، الجميع مستعد للمساعدة.. هي الشهامة العربية والكرم العربي.. تكفي اللغة الفصحى لكي تتفاهم معهم.
رغم أن بلاد المشرق غارقة بين فساد ودمار وانهيار، ترى في المغرب بصيص أمل للتقدم ولو بعجلة بطيئة فهو يسير مثقلاً بالأزمات والمحسوبيات، نحو الحداثة التي ربما تحتاج إلى سنوات من العمل الدؤوب ومحاربة الفساد ليسطع نجم المغرب ليس عربياً فقط بل عالمياً أيضاً، لاسيما في مجال الصناعة والزراعة.
فالمغرب الذي يعمل بصمت وسط ضجيج العرب، سطر إنجازات مهمة كميناء طنجة، البوابة البحرية الأضخم للمغرب الذي يعد اليوم من الأكبر في حوض البحر الأبيض المتوسط إن لم نقل أكبرها علي الإطلاق ، كما أنه نقطة التقاء البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي عند مدخل مضيق جبل طارق. من البحر إلى البر يظهر “البراق”، هو قطار فائق السرعة يربط مدينة طنجة في الشمال بمدينة الدار البيضاء مروراً بمدينة القنيطرة والعاصمة الرباط. دُشن قطار البراق سنة 2018، وهو أول قطار فائق السرعة في العالم العربي و القارة الإفريقية.
لكن البلد الغني بالفوسفاط والمصدر الثالث عالمياً له والذي يستحوذ على %75 من الاحتياطي العالمي لم يكتف بهذا القدر فقط بل صنع أكبر إنجازاته وأكثرها إثارةً للدهشة؛ هي محطة نور للطاقة الشمسية بهوليود إفريقيا مدينة ورززات، “نور” اسم على مسمّى. تنشر نور مراياها على آلاف الهكتارات، ما يعادل ثلاثة آلاف وخمسمائة ملعب كرة قدم، مما يجعل منها واحدة من أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية في العالم، لأن الشمس مصدر لا ينضب، تستغل المحطة الشمس وتحول نورها إلى كهرباء، هذا ما يتيح للمغرب الخروج من اعتماده الطاقي على النفط، وبحلول العام 2030 سيكون أكثر من نصف الطاقة المنتجة في البلاد طاقة خضراء!
ربما علي المشرق أن ينصف المغرب إعلامياً وسياحياً، فغيابه عن الشاشات بات مريباً ويطرح العديد من علامات الاستفهام؟، فلا يمكن أن تزور هذا البلد دون أن تحبه، حتى إن مظاهر العوز والشحاتة والسرقة تكاد تكون قليلة، وليست طاغية على المشهد كبعض الدول العربية التي تزورها وتتعرض إما للنصب أو السّرقة أو حتى التحرش بمجرد أن يعرفوك سائحاً. التاجر المغربي يمكن أن يخفض أسعاره على عكس المتوقع لمجرد أنك ضيف قادم من بلاد الشام أو من بلاد تواجه مشاكل وأزمات وهذا ما حصل مع العديد من الشواهد الحية!!
تلاحق الشائعات المغرب من كل حدب وصوب كمثل أنهم مجتمع يتفنن في صنع السحر والشعوذة والأعمال المدفونة، هو الأمر الذي لم ألاحظه طوال حياتي كإبن لهدا البلد ، بالطبع السحر والخزعبلات موجودة في كل مكان وفي كل البلاد العربية، لكن الدراما العربية كانت مجحفة بحق المغرب والتي عادة ما تظهر الساحرة أو المشعوذ بأنه مغربي. فلا المغاربة هم سحرة ولا المغربية بائعة هوى تنتظر الثري العربي، على العكس هن نساء عربيات حالهن كحال جميع النساء في الوطن العربي، حتى إن مظاهر الحجاب تطغى على المشهد العام هنا.
يبقى المغرب مفاجأة وسراً غامضاً.. يتوارى أمام أعينهم كما توارى عن العديد من الرحالة والباحثين، يطوق نفسه بسلسلة جبال الأطلس و يختفي وراء الصور، صور المشاهد الخلابة، صور الأزقة والمدن القديمة، يتبدى المغرب كمملكة تقاليد، لكنه بلد توغل بكل قوة و ثبات في الحداثة، يراه البعض وأنظارهم سارحة في الأفق البعيد كبلد بحارة تعصف به الرياح، بينما ظن آخرون أنهم عرفوا حقيقة المغرب في جبال الأطلس ووديانها، المغرب بالنسبة لعلماء الجغرافيا القدماء هو البلد الذي تغرب فيه الشمس في أقاصي العالم العربي، تضعه الخرائط على مشارف أوروبا، وهو إلى ذلك باب مفتوح على أغوار القارة الإفريقية، ماذا لو كان هذا البلد ملتقى هاته الدروب جميعاً، حيث يخفق قلب المغرب الخفي؟
يخفق قلب المغرب هنا ، في أحضان صحراء كثبانها عالية وأمام بحر يحملك نحو عالم آخر،
المغرب حاضر غائب بينكم ياعرب مصيراً وتاريخاً ولغة وديناً وسياسة. ربما عليكم أن ترفعوا غشاوة أعينكم قليلاً وترونه بقلوبكم كما يراكم هو واحة من الجمال. تعيدون ترتيبه بين أخوتكم بعيداً عن الماضي الاستعماري المغرق في الشوفينية والشعبوية.. تمدون له أوصال الرحم وأيديكم لكي يحتضنكم بقوة.
على إعلامكم ومؤسساتكم وقياداتكم أن تفتح يوماً نافذةً أكبر على مملكة تسمّى المغرب.
فالمغرب بلد كله جمال والأخرون هم عليه عيال .

شاهد أيضاً

الجندي المجهول في أمة الإسلام

 الجندي المجهول في أمة الإسلام  كتب سمير ألحيان إبن الحسين ️النجاشي (أصحمة بن أبجر) أوي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *