يالها من رحمة ، ياله من مطر
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
__️ ياااالله هاته جزء من رحمتك فكيف برحماتك كلها
__نشكرك ياااالله علي معاملتنا بما انت اهله وليس بما نحن أهله
_عندما يتساقط المطر يجدد الأمل في النفوس مثلما يجدد الحياة حولنا، وفي المطر شجن غريب رغم الفرح الذي تصنعه حباته أثناء سقوطها؛ ففيه تُستدعى الذكريات، وتُذرف بعض دموع الحنين، ولأجله تُكتب الكلمات وتُقال الأشعار ، أحب رائحة المطر، كما يحمل لك المطر رائحة الأرض الندية، يحمل لك أرقّ السلام من تلك التي تهوي وستحمل لك الرياح سنابل الحياة الخضراء لتحيي بها غصون الأمل.
اللهم صيبا نافعا
فهل تتخيل هذا العالم من دون مطر؟
لا يمكن لأحد أن يتخيل العالم الذي نسكنه من دون أن يندّيه المطر، ولا الهواء الذي نستنشَّقه من دون أن تغسله قطراته، ولا السماء التي تظللنا من دون أن تمطر ربيعاً وشجراً وعشباً أخضر ووروداً فاتنة، ولا شوارع المدينة الملفوحة بِحَرّ الغبار من دون أن يغسلها ويلطِّفها المطر.
فالمطر نصيب العالم بأكمله، محرك الخصوبة أينما حلّ، جالب الخير أينما هطل… لذا تغلغل في كل أصناف الحياة، فكان الغالب في أجسامنا، باسطاً ماءه على ثلاثة أرباع الأرض. ومنذ فجر الإنسانية كان المطر مادة للتفكّر، وانتشرت في الثقافات مفاهيم وأفعالاً ندرك أولها ولا ندرك آخرها عن المطر .
ونحن في البلدان العربية قد نكون من أحوج الناس إلى المطر. وافهم الشعوب والأمم لأهميته إنطلاقا من خلفيتنا ومفاهيمنا وعقيدتنا الإسلامية الحنيفة الطاهرة النقية طهارة المطر الهاطل علينا لذا كثيـراً ما صاحـت الصحراء عطشاً له، واستسقته المجتمعات، وتلقفته أفواه الناس بعشق ولهفة، فحمل معه تباشير ربيع الحياة، واستقبلت موسيقاه عند نزوله الآذان بطرب وشغف، وتدفأت به القلوب، وتطهرت النفوس.
ولما أردت أن يكون للمطر مساحة في كتاباتي الثقافية الأدبية، أعدّدت هذا المقال ليكون نافذةً نتطلع عبرها إلى المطر، ونستدل على أسراره، ونستجلي أثره في الشعر والأدب والمعتقدات واللغة، ونبحث عن سر رائحته عندما يكون بكراً، ونتتبع هطوله أمام أعيننا، وفي صدورنا.
الماء الذي في أجسامنا، والذي نستحم به، ونشربه، ويروي المزروعات التي نأكلها، وتتفجَّر به الأرض ينابيع وأنهاراً تصب في البحار… كله ينتج عن المطر، تلك الكلمة الخفيفة اللطيفة التي تحمل في معظم معانيها التفاؤل.
قال أحمد شوقي:
“الشوق عند اللقاء
كرائحة الأرض بعد المطر
لأن حياة الثرى بعض ماء
وتحيا القلوب ببعض البشر”
هكذا تبدو رائحة الأرض بعد المطرة الأولى مساوية للحُب، أو كأن هاته الرائحة تلامس وتراً حساساً فينا، أو ذكريات جميلة، لذا يعشقها كل مقيم على أرض تندر الأمطار فيها، أو تبشّر بموسم جديد من الزرع، بأخضر الحياة الآتي، بمدفأة ليالي الشتاء الباردة، أو بالسهرات التي تطوقها زخات المطر المديدة.
إنها المطرة الأولى، التي كانت تلاقيها الفلاحون والمزارعون فرحا ورقصا بقدومها في غابر العصور، وفي أحيائنا الفقيرة الشعبية الهامشية عندما كنا نخرج تحث المطر وتحث زخاته ونهتف بتلك الكلمة الساحرة اللطيفة العفوية في دروب وازقة المملكةالمغربية( اشتا تا تا او ليدات الحراثة أصبي صبي صبي ألمعلم بوزكري طيب ليا خبزي بكري أشتا تا تا …. ) ولما تزل تهز فينا مشاعر تختلط بين إرث الفرح الآتي من الأسلاف الذين كان المطر يساوي حياتهم كلها.
ولكنَّ للمطر وجهين. فإذا فاض على حاجته أغرق الحياة، وإذا تحوَّل إلى عواصف هوجاء ضرب الأخضر واليابس، وإذا جنّ سيله جرف البيوت وأهلها، وإذا استمرت السماء محتقنة به حلَّت الكآبة والغضب على الأرض.
ولأنَّ اللاوعي الإنساني يختزن كثيراً من الصور القاتمة عن المطر بدءاً بطوفان سيدنا نوح -عليه السلام-، وصولاً إلى ما تنقله إلينا وسائل الإعلام من حين لآخر عن فيضانات وأعاصير مهلكة ومدمِّرة، فإن صورة المطر في الوجدان ليســت زاهية بالمطلق. فحتى المزارع، الذي قد يكون في صورته التقليديـة أشد الناس حباً بالمطر وأكثرهم لهفة لهطوله، يخشى المطر إذا فاض عن الحاجة، أو إذا نزل في غير أيامه المعتادة.
نعم، قد يلحق المطر الفائض عن الحاجة كوارث ضخمة، وقد يكون مهلكـاً لبعض البشر في ظروف معيَّنة. ولكن كونه يدخل في صميم كل شيء حي، يحملنا على تناسي وجهه القاتم، فنعود بعد مواسم الجفاف ننتظره بشوق حبيباً عزيزاً على القلوب.
فمن وجهي المطر لا نبتغي إلا الحسن، المطر المعتدل الذي ننتظره بشوق في مواسمه السنوية.
لذا نقول في هدا المقام ( اللهم صيبا نافعا)
ولايسعنا سوي أن نردد ماكان يدعوا به سيد الخلق والأولين والأخرين سيدنا محمد صلى الله عليه عندما ينزل الغيث والمطر عندما كان يدعوا ويقول وقوله صدق وحجة وحق إذا زادت الأمطار، وخيف من كثرة المياه، يقول: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظِّرَاب وبطون الأودية ومنابت الشجر))؛