بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد الله الذي أسكن عباده هذه الدار وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار وجعل الدار الآخرة هي دار القرار، فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار، أحمده على نعمه الغزار وأشكره وفضله على من شكر مدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار، الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار، أما بعد أيها الأخ المسلم الكريم هل تعرف أمك؟ وهل تصدقون يا عباد الله أن من بيننا من لا يعرف أمه؟ فضلا أن يعرف حقها وقدرها، ولست أعني هنا في هذا الموضوع أمّنا من النسب التي قامت بولادتنا، بل أعني أمّنا بل أمهاتنا في الحرمة والتوقير، إنهن أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
اللواتي قال الله سبحانه في بيان فضلهن وعظيم قدرهن وحقهن ” النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم” ويعني أمهاتهم في الحرمة، ووجوب الإحترام والإكرام، والتوقير والإعظام، وقد أثنى عليهن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فقال ” يا نساء النبي لستن كأحد من النساء” وقال عز وجل ” إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجز أهل البيت ويطهركم تطهيرا” فإن سيرة أمهات المؤمنين اللواتي نزلت النصوص في بيوتهن، وكن التطبيق العملي لهذه التعاليم، طبقن ذلك تحت سمع وبصر النبي صلى الله عليه وسلم فسددهن وعلمهن، وأطلقهن معلمات لنساء ذلك الجيل، ومرشدات لأجيال النساء فيما بعد، وما ذلك إلا مثل رائع ضربنه من خلال العظمة التي إكتسبنها في بيت النبوة، فأصبحن المثل الرائد، والقدوة المتفردة عبر العصور، وإرتفعت مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي.
وكانت أمهات المؤمنين رائدات التغيير في ذلك المجتمع قريب العهد من الجاهلية، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها من المناصرين للمرأة، والمنافحين عنها بلا منازع، وإليها وحدها تتطلع أبصار المستضعفات، لما تم لها من المكانة الكبيرة في العلم والأدب والدين، حتى تقطعت دون مقامها الأعناق، وكانت أستاذة لمشيخة الصحابة الأجلاء في كثير من أمور العلم والدين، كما أن زوجات النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم زوجاته في الدنيا والآخرة وأمهات المؤمنين ولهن من الحرمة والتعظيم ما يليق بهن كزوجات لخاتم النبيين فهن من آل بيته طاهرات ومطهرات وطيبات وبريئات ومبرآت من كل سوء، يقدح في أعراضهن وفرشهن، فالطيبات للطيبين والطيبون للطيبات فرضي الله عنهن وأرضاهن أجمعين وصلى الله على نبيه الصادق الأمين، ولقد ورد الثناء في الكتاب والسنة على الصحابة.
من أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذكورا وإناثا، وأوضح الله تعالي بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مرتبة علية ومنزلة رفيعة فقال تعالى” النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ” ففي هذه الآية فضيلة عظيمة ومنقبة رفيعة لجميع أزواجه عليه الصلاة والسلام، وقد أوجب الله تعالي لهن حكم الأمومة على كل مؤمن ما لهن من شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الإمام القرطبي رحمه الله شرّف الله أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بأن جعلهن أمهات المؤمنين أي وجوب التعظيم والمبرة والإجلال وحرمة النكاح على الرجال وحجبهن رضي الله عنهن بخلاف الأمهات، وقال شيخ الإسلام ابن كثير رحمه الله ” وقوله وأزواجه أمهاتهم أي في الحرمة والإحترام والتوقير والإكرام والإعظام ولكن لا تجوز الخلوة بهن ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن ب
الإجماع “