فاطمة امزيل سفيرة المحبة
لا تجرح أمك أو أباك وقد تحملا من أجل أن تصير إلى ما أنت عليه آلام الدنيا كلها. جعلا منك رجلا أو امرأة تغنم في الحياة ولا تشعر بشيء، ولا تذكر أو تتذكر أسوأ اللحظات والوقائع. صارت لك عائلتك الخاصة، وعملك الذي تعيش منه وتبني حياتك، وسيارة، وبيت. من أين لك هذا!؟ أليس من جهادهما ومجاهدتهما!؟ والديك أحق بك من نفسك، وأحق ببيتك منك، وأحق بسيارتك من أهل بيتك. يستقلان سيارة الأجرة، والحافلة، وأحيانا لا يكون معهما ثمن ذلك فيضطران إلى الترجل، أو إلى العزوف عن الذهاب إلى مقصدهما وقضاء مآربهما. يستحييان أن يطلبا من الإبن أو البنت أن يحملهما في السيارة ويرافقهما إلى حيث يريدان مجتمعان أو متفرقان. يستحييان ممن لا يستحيي أن يقول لهما: ” أنا آسف لا أستطيع حملك أمي في سيارتي وأخذك إلى المكان الذي تريدين. وكذلك جوابه على طلب الأب. لا يستحي أن يرغم أبواه على حبس دموعهما، وما يعتصر في قلبيهما من ألم التجريح، وهو لا يحس بكل ذلك، لأنه صاحب سلطة الآن، وصاحب مركز، وصاحب قدرة، ويتمتع بالقوة والصحة والجرأة أن يعتذر أو يقول لا. أو يقول سيارتي لا تحتمل الثقل، أو بها بعض الأعطاب. فالآباء أصبحوا يفضلون أن يتحملوا المشاق وأن يعانوا في زحمة الطريق والمواصلات على أن يتوسلوا من أبنائهم ماهو في الأصل حقهم وواجب على أولادهم. انظر كم مرة ذكر الله سبحانه وتعالى نفسه وأردف بذكر الوالدين في القرآن الكريم، فجعل لهما المرتبة الثانية.
” وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ” في سورة الإسراء.
” وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ” في سورة النساء.
” وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ” في سورة البقرة.
” أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ” في سورة لقمان.
والأحاديث التي تحت على الإحسان إلى الوالدين كثيرة منها :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ “.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، و سخطُهُ في سخطِهما “.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أنتَ ومالُكَ لوالدِكَ، إنَّ أَولادَكم مِن أطيَبِ كَسبِكم، فكُلوا مِن كَسبِ أَولادِك ”
ولا ننسى قول الله تعالى في سورة الإسراء: ” واخفض لهما جناح الذل من الرحمة. وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا “.
هل من تكريم لهما أكثر من ذلك ؟. فهما أصحاب فضل ونعمة علينا كما نحن على أولادنا. وتذكر، أيها الإبن الجاحد وأيتها البنت الجاحدة، أنك كما تدين تدان، وأن أبناءنا يشهدون ويحفظون ويتعلمون منا ما سيفعلون بنا. فنحن المدرسة والقدوة. هدانا الله وغفر لنا، وهدى ذرياتنا وغفر لهم إلى يوم الدين.
راعوا وارعوا آباءكم، وراضوهم وارضوا بهم تنالوا رضاهم ورضا الله. فإذا كانت الجنة تحت أقدام الأمهات، فالآباء أيضا جنة، ففي حديث الترمذي وابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ” الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضِع ذلك الباب أو احفظه “.
أعاننا الله وإياكم على البر والإحسان لوالدينا، وعدم إيلامهما والإساءة إليهما عن قصد أو عن غير قصد ?