هي بنت خالتي؟! مش عايزها)
بقلم رجب أبو الحسن
المذيعة: حبيت السينما، ما حبتكش ليه؟..أشرف عبد الباقي: مش عارف..(ثم ضحكة خجولة)..المذيعة: محتاجة شجاعة من أشرف عبد الباقي، ولا محتاجة شجاعة من المنتجين؟..أشرف عبد الباقي: لا هي مش شجاعة، هي قبول، يعني ممكن حد يبقى قبوله أقل من حد، فدي ما بتبقاش عيب فيه بالمناسبة.. المذيعة: (في محاولة تلطيف) بس عملت حاجات زمان..أشرف عبد الباقي: (مقاطعا) عملت حاجات وما شاء الله ما نجحتش..المذيعة: (ضاحكة) فيه حاجات..أشرف عبد الباقي: (مقاطعا) فيه أكيد حاجات نجحت، وفيه حاجات ما نجحتش، بس النهاردة لووو واحد ، لو أنا منتج وهجيب أشرف عبد الباقي معايا في عمل، وبشوف إن الإقبال عليه قليل، لأ مش هجيبه، أنا كمنتج، يعني مش هجيبني..المذيعة: مش هتجيب نفسك..أشرف عبد الباقي: لأ طبعا….ثم أسئلة أخرى ليست هي لب مقالي..
المذيعة: قلة حظ ولا نحس (تقصد عدم نجاحه سينمائياً)..أشرف عبد الباقي: لا ده، ولا ده، حظي في حاجات تانية، يعني ربنا ما أدهنيش هنا، بس ادهاني هنا، وادهاني هنا، ما ابقاش شايف دول، وشايف بس بتاعة السينما، هي بنت خالتي؟! مش عايزها..المذيعة: (متلعثمة) يعني ما بتبصش غير في نص الكوباية المليان..أشرف عبد الباقي: لو ما شوفتوش أبقى جاحد…..ثم يبقى الحوار بنفس الروح الراضية حتى نهايته.
ده كان جزء من حوار بين الكوميديان أشرف عبد الباقي، وإحدى المذيعات، في أحد البرامج (لم أرهق نفسي في البحث عن اسم المذبعة أو اسم برنامجها، فما ذكر أغناني عن أية تفاصيل أخرى). ولنتغافل سويا عن رأي الشرع فيما يقدم من دراما، فوق خشبة المسرح، أو أمام كاميرات السينما، وما يفتقد إليه التمثيل من ضوابط تدرأ الفتنة، واسمحوا لي أن نستخلص سويا شيئا جميلا فيما قاله هذا الرائع..
نلمس جميعا لا نتلمس فيضاً من السلام النفسي، والقبول فيما قاله هذا الفنان الذي أصفه بالرائع المبدع، لا فيما يتعلق بكم البهجة التي يحدثها مسرحه، والتزام فريق عمله بقدر غير ضئيل ببعض القيم التي غابت أو غيبت وتغيب عن دور العرض الأخرى، بل أنني أصفه بالمبدع، نظرا لما أطل به علينا من فلسفة معتدلة، ونظرة ثاقبة، ورؤية تنم عن التمتع بحالة صحية نفسية رائعة رقراقة، يخبرنا شيئا معلوما، إلا أننا نحتاج لأن نذكره، ونذكر به بين الحين والآخر، بل يجب أن يكون مكونا رئيسيا مما نعتنقه من مبادئ – إن كنا نفعل – هذا إن لم نضعه أول أولوياتنا، ” لا أحتاج إلى القبول العام، فالناس أذواق وأنماط” هذا هو، مبدأ لا يجب التخلي عنه، فإنه مصدر رئيس للسعادة، وراحة البال، لم يجمع البشر حتى على الأنبياء ، أتعلم ذلك؟ بل أنهم حتى لم يجتمعوا، ولايزالون، على رب الأرض والسماء،أرأيت جحودا كذاك جحود؟
قد لا يقبلك أحدهم جحودا، أو نتيجة مشاعر مكبوتة لا علم له هو شخصيا بماهيتها ، وما قد نطلق عليها مندفعين أنها مشاعر غيرة تصل لدرجة الحقد. كذلك كما قد ترفض لسبب يتعلق بغيرك، فقد يكون سبب عدم قبول الآخر متعلق بك ، فقد تعاني نفس معاناته ، فقد يتعلق الأمر بمكبوتات تشبه ما قاده إلى مشاعر رفضك، إذن لا يجب أن يزعجك رفض البعض لك، فذاك لا يشينك ، ولا يقلل منك ، ألا يكفيك قول ربك، وإقراره، عز وجل، أن خلقك في أحسن تقويم، وذاك التقويم الذي وصفه الرب الأعلى بالأحسن،ألصقت به الفطرة نسبيته، فلقد خلق الله فينا أعينا لا ترى نفس الشيء -إن كنت تعي ما أقصد-فلسنا جميعا نحب نفس الألوان، ولا الأحجام، ولا نفس الأطعمة، فلا نمتلك نفس الذوق، ولا نفس الميزان، فلسنا قوالب.إن ما ينجح فيه البعض، يفشل فيه غيرهم، وهؤلاء الناجحون يفشلون فيما يحققه الغير، وحين يحبك فلان، فلا يعني ذلك بالضرورة حتمية عشق الباقين لك، وحين لا يقبل عليك أحدهم،فذاك رزق لم يكتب، كتب غيره، تذكر أننا لا نمتلك جميعا نفس الأعين،ولا نفس الأذواق، فالناس مختلفون حتى الشقيقين الذين حملهما معا ذات الرحم، تذكر أنك جميل في عين أحدهم ، وغض الطرف عن عين لا تريدك ، فذاك رزق غيرك، ولا تنس أن الله العدل قد قسم الأرزاق بالتساوي والتباين، الأرواح جنود مجندة،ما تعارف منها ائتلف،وما تنافر منها اختلف،.عيدكم جميل