هل أتاكم نبأ هبار
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
__ هل أتاكم نبأ هبَّارٍ بنِ الأسودِ الذي بلغ من سواد قلبه وشدة حُنقه على النبي صلى الله عليه وسلم أنه هو وصاحب له لقيا زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعيرها فقاما بضرب بعيرها فهوت زينب وكانت حاملا فاسقطت جنينها… فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل بابنته أمر بحرقه بالنار هو وصاحبه هذا، ثمَّ إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال بعدَ ذلك: ( لا يُعذِّبُ بها إلَّا اللهُ ولكِنْ إنْ لقيتُموهما فاقتُلوهما)
هبار هذا أدركته رحمة الله بعد ذلك فأسلم!!
بل وشارك في فتوح الشام وأبلى في الإسلام بعد ذلك بلاء حسنا!!
وهل سمعتم عن قيس بن عاصم المنقري أول من وأد البنات حتى أنه وأد بيده ثماني بنات من صلبه واعترف بذلك للنبي صلى الله عليه وسلم؟!
هذا أيضا أدركته رحمة الله فأسلم، وحسن إسلامه حتى قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” هذا سيد أهل الوبر “
بل إنه قد بلغ من علو قدره أن قال فيه الشاعر يوم مات:
فما كان قيس هُلكُه هُلكُ واحد
ولكنه بنيان قوم تهدما
وهل أتاكم نبأ عدو المآذن في سويسرا دانييل ستريتش، والذي كان يكره الإسلام كرها يملأ ألف قلب حاقد… أدركته رحمة الله هو الآخر فأسلم!!
ذلكم الرجل الذي بلغ من شدة نقمته على الإسلام أن قال أحد الدعاة في سويسرا حين بلغه نبأ إسلامه:
لقد كان إسلامه اليوم كإسلام عمر بن الخطاب بالأمس!!
غاب ستريتش هذا أيامًا ثم خرج على قومه بعد هذا الغياب يقول:
“وجدت الكثير من الأجوبة عن الإسئلة التي ظللت أطرحها على نفسي منذ سنوات طوال ولم أجد لها جوابا في المسيحية”
وهل أتاك نبأ المئات بل الآلاف من قساة القلوب غلاظ الأكباد قديما وحديثا ممن أدركتهم الرحمات قبل الممات؟!
جميعهم يبرهنون على أن رحمة الله لا حدود لها، وأن هداية الله لا تحدها حدود، وأن نور الله قادر على اختراق كل الحجب، وأن يد الهداية تطال أي قلب، وأن، وأن …..
وما علينا إلا أمران:
أن نطمع في الرحمة مهما بلغت معاصينا، ولا نيأس منها لغيرنا مهما بلغ إسرافهم على أنفسهم…
وان نبذل جهدنا في البلاغ، وعيوننا على رحمات الله الواسعة لا على صدورنا البخيلة الضيقة…
فما أقعد الداعي شيء أشد من اليأس…
وما آذى المدعو شيء أعظم من القنوط…
وعلى حين غفلة من يأس هذا وقنوط ذاك يقذف الله أنوار هدايته في قلوب ملايين العصاة!!
فهو القائل:
“ورحمتي وسعت كل شيء”
ليت العصاة والدعاة يوقنون بذلك.
وفي رمضان الدين نحن مقبلون عليه أجواء هداية عامة تشمل البر والفاجر، والمسلم والكافر…
يؤكّدها قوله تعالى:
“هدى للناس”
فإستثمروا إقبال نفوس الناس هذا، واستعدادهم للهداية في دلالتهم على الله..
يقول بعض دعاة غير المسلمين:
كثيرا ما نشعر أن الناس في رمضان غير الناس.. حتى إنك لتبذل في دعوة بعضهم في رمضان معشار ما تبذله في غير رمضان، ومع ذلك تلقاه أكثر إقبالا، وأسرع هداية!!
أما المسلمون فحدث ولا حرج عن قوافل التائبين والعائدين إلى ربهم في هذا الشهر الكريم..
فإذا علمت هذا…فتحيّن من ولدك بعض أوقات إشراق نفسه، ومن جارك بعض لحيظات طمأنينة قلبه، ومن زميل عملك بعض أثر القرآن والصيام عليه، ودلهم على الله، وخذ بأيديهم إليه… فلربما رأيت من إقبالهم ما لم تره من قبل!!
سيقول لك أحدهم:
إنما هي هدايات مؤقتة يوشك أصحابها أن يعودوا إلى سابق عهدهم بعد رمضان!!
فقل لهم:
الهدايات كالطعام… يعيش الجسم عليه سائر يومه وليلته بما يتغذى به…
ويختزن منه ما يشارك في نمو جلده ولحمه وعظمه وشعره…
فالهدايات تتراكم وتتابع منافعها حتى تستكمل عملها في النفس!!
فلا يحملنكم أقوال المثبطين على التخاذل عن استثمار الموسم في هداية الحيارى والمتعَبين..
وتذكروا أنه ما مَوْسم الله المواسم إلا ليعتق رقاب عباده من النار..
مصداق ذلك قوله تعالى:
“والله يريد أن يتوب عليكم”
فهلم يا أيها الملصحون إلى رمضان أيها الطيبون، فلولا ما يعلمه الفجرة مما لرمضان من تأثيرات، ما شغلوا الناس عنه بكل هذه المسلسلات والتفاهات!!
فلا يكونن الفاجر أفقه منكم.
أحبك ربي .