كان القشتاليون كلما احتلوا مدينة جديدة ، هرعت منها جمهرة من المهاجرين العاملين إلى غرناطة ، فتزيد سكانها كثرة على كثرة ، يحملون ثروات عظيمة ، وصفات هي أثمن من الثروة
ألا وهي النشاط الغير عادي لهؤلاء المقهورين و الاقتصاد في العيش ، والمقدرة على هضم الظروف الجديدة ، وكانت تحفزهم ذكرى المظالم السابقة ، وآلام المطاردة المحزنة ، و أمل الانتصاف من عدوهم ، وملء صدورهم شعور لا يقهر ببغض النصرانية .
وكان الاندماج السياسي لهذه الجماعات المنفية المضطهدة ، في حماية تلك الجبال حول غرناطة التي تظل ملاذها الأخير ، هو الذي عاون في حفظ مملكة غرناطة الزاهرة لمنحها المستقبل ومحنها الغامرة توفي محمد بن الأحمر في التاسع والعشرين من جمادى الثانية( سنة ٦٧١ ه / ديسمبر ۱۲۷۲ م) على أثر سقطة من جواده ، بعد هذه الحياة المريرة والطويلة
و كان ذلك حين عودته من معركة رد فيها جماعة من الخوارج الذين حاولوا الزحف على الحمراء في منتصف جمادى الثانية من العام المذكور ، فحمل جريحا إلى القصر وتوفي بعد ذلك بأسبوعين ، وقد.قارب الثمانين من عمره ، ودفن بالمقبرة العتيقة بأرض السبيكة عند وفاة ابن الأحمر كانت مملكة غرناطة قد توطدت دعائمها نوعا ، واستقر بها ملك بني نصر الفني على أسس ثابتة .
وكان من حسن الطالع أنه لم يظهر في مملكة غرناطة في بداية أمرها زعماء خوارج ينازعون بني نصر زعامتهم . ولذا لم نشهد في هذه الأندلس الجديدة مأساة الطوائف مرة أخرى
وقد كان من غرائب القدر أن هذه المملكة الإسلامية الصغيرة ، استطاعت أن تعيد لمحة من مجد الأندلس الذاهب ، كما استطاعت بكثير من الشجاعة والجلد ، أن تسهر على تراث الإسلام في الأندلس ، زهاء مائتين وخمسين عاما أخرى ..
كانت مملكة غرناطة عند قيامها في أواسط القرن السابع الهجري تشمل القسم الجنوبي من الأندلس القديمة ، وتمتد فيا وراء نهر الوادي الكبير إلى الجنوب ، حتى شاطىء البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل طارق ، ويحدها من الشمال ولايات جيان وقرطبة وإشبيلية ، ومن الشرق ولاية مرسية وشاطئ البحر المتوسط الممتد منها إلى الجنوب ، ومن الغرب ولاية قادس وأرض الفرنتيرة .
وكانت تشتمل عندئذ على ثلاث ولايات كبيرة ، وهي : ▪︎ ولاية غرناطة الواقعة في الوسط ، والممتدة جنوبا حتى البحر ، وأهم مدنها العاصمة غرناطة ، ووادی آش و بسطة وأشكر وحصن اللوز ولوشة والحامة وأرحبة والمنكب وشلوبانية .
▪︎ وولاية ألمرية وهي تمتد من ولاية مرسية حتى البحر ، وأهم مدنها ثغر ألمرية وبيرة والمنصورة وبرشانة وبرجة ودلاية وأندرش .
▪︎وولاية مالقة ، وهي تقع على البحر غربی غرناطة ، وأهم مدنها ثغر مالقة، وبأش مالقة وطرش و قارش و أرشدونة وأنقرة ورندة و مربلة ؛ويلحق بها منطقة جبل طارق والجزيرة الخضراء و طريف .
ويخترق مملكة غرناطة من الوسط جبال سيرا نيفادا ( جبل شلير ) الشاهقة ، وهضاب البشرات الوعرة و بسائطها الخضراء، كما يخترقها عدة أنهار منها شنيل فرع الوادي الكبير ونهر أندرش الصغير ، وفي الشرق نهر المنصورة .
وكانت خواصها الطبيعية التي تجمع بين مزيج مدهش من المروج والوديان الخصبة ، والحبال والهضاب الوعرة ، تمدها بثروات زراعية ومعدنية حسنة ، ينميها ويضاعفها الشعب الأندلسي الموهوب، بذكائه و نشاطه و براعته
وهكذا كانت مملكة غرناطة الصغيرة ، تستمد من مواردها الطبيعية ، أسباب القوة والمنعة والرخاء.
وقد رأينا فيما تقدم أن كورة البيرة ، وهي التي غدت فيما بعد كورة غرناطة ، كانت منذ الفتح منزل قبائل الشام ، وقد لبثت أعقاب هذه البطون مدى عصور كثيرة في تلك الولاية .
ولما اضطرمت الفتن بالأندلس عقب انهيار الدولة الأموية تقاطر البربر من الضفة الأخرى من البحر على قواعد غرناطة ، ثم غدت مدينة غرناطة مدى حين إمارة بربرية ، وأصبح البربر عنصرا بارزا في سكان هذه المقاطعة .
وكانت الثغور الجنوبية بطبيعة الحال ، منزل البربر كلما عبروا إلى ، وخصوصا أيام المرابطين والموحدين .
وكانت طوائف كبيرة من الغزاة ، تتخلف في هاتيك الوديان النضرة وتستقر فيها ، يجذبهم خصبها و نعماؤها..
ولما أخذت قواعد الأندلس الشرقية والوسطى تسقط تباعا في أيدي النصارى ،هرع إلى القواعد والثغور الجنوبية كثير من الأسر المسلمة الكريمة ، التي آثرت الهجرة إلى أرض الإسلام ، على التدجين والبقاء تحت سلطان النصارى.
على أنه بقيت في القواعد والثغور التي استولى عليها النصارى جموع كبيرة من المسلمين ، الذين حملتهم ظروف الأسرة ودواعى العيش على البقاء في الوطن القديم، تحت حكم الإسبان سادتهم الجدد . وهؤلاء هم المدجنون أو بالإسبانية Mudejares
وقد شاع استعمال هذا اللفظ بالأندلس منذ النصف الأول من القرن السابع الهجري 13 ميلادي لكثرة استيلاء النصاری ، على أراضى المسلمين ، وكثرة من بقي من أهلها المسلمين تحت حكم الإسبان ، وهي التي غدت مجتمع المدجنين . وكان أكثر الأندلس يحتفظون بدينهم الإسلامي ، وأنه كانت ما تزال ثمة بعض مساجد قائمة في بعض أنحاء ولاية سرقسطة
ومن ذلك :
▪︎ وثيقة مؤرخة في شهر ربيع الأول سنة 644 ه (1246م) تبدأ بالبسملة والصلاة على النبي ، وهي عقد شراء ، يشترى بمقتضاه . « أحمد المران » من « محمد بن سلمة البرتيالى » جميع ما له من أملاك و دیار ببطرة قرية أبتورة … بثمن مبلغه و عدته تسعون دنيرآ قناشر من القناشر الجارية بسرقسطة… وذلك كله على سنة المسلمين في طيبات بيوعاتهم ومرجع إدراكهم وارتضاء تلك البيعة المذكورة الشنيور من القرية المذكورة القسيس الأجل دون برتاو و شنت جيل عن إذن الأقسة من الكنيسة المذكورة ، شهد على إشهاد المتبايعان المذكوران ، من أشهداه ، وسمع منهما ، وعرفهم ، والجميع بحالة الصحة والجواز في شهر الأول و من سنة أربعة وأربعين وستمائة .
▪︎ ووثيقة مؤرخة في 9 أغسطس سنة 1484، ورد فيها ما يأتي : « الحمد لله وحده ، أشهد على نفسه الكريم فرج الطليطلى الساكن بموضع قلعة التراب شهداء هذا الكتاب قولا بالحق و انقيادا إليه، أن عليه وفي ذمته وماله من المكرمان برول وكبتلة من شنت مري لميور والسيداد ذاسرغوس وديعة محضة وأمان موتمن وذلك خمسون قفزا قمحا طيبا نقيا من مكايل مدينة سرقسطة…». وكتب هذه الوثيقة : «محمد بن محمد الأزقة فقيه و خادم مسجد قلعة التراب ،
▪︎ ووثيقة مؤرخة في شهر فبراير عام احدى وتسعمائة (1496م ) تبدأ أيضا بالبسملة والصلاة على النبي . وهي عبارة عن إقرار كل من « موسی الحسن و ابن عبد الله محمد بن فرج المحه الساكنون في بلدة الحمام بأنهم يحبسون وديعة قمح ) لمن يدعي « أبو باكر ابن أبو پاکر ، من أهل قاعة التراب» . وكاتب الوثيقة هو : « ابراهيم البساتي الينيهليجي خادم جامع البلد المذكور (*3)
وعثرنا في متحف بلدية بنبلونة على وثيقة عربية وحيدة مؤرخة في « التاسع من شهر أبريل عام احدى و ثمانمائة » (۱۳۹۸ م) وهي عبارة عن إشهاد بالدين مستهلة بالبسملة والصلاة على النبي ومحررة أمام « القاضي الأروع الأورع أبي الحسن على القريشي» . وقد جاء فيها ما يأتي : ” أشهدوا على أنفسهم أبو الحجاج يوسف الحضرمي و محمد بن محمد بن جعفر الزهري ، ويوسف بن زيد، وأحمد بن المكحل، ويوسف شداد بن دجنبر مسلمان ساکنان في ربض المسلمين ببلدة برجة حاضرون بغايبون كل واحد منهم عنه وعن الكل، بأنهم دانوا الاشتراك الشابلى إسرائيل ساكن بلدة المذكورة أولمن ظهر هذا العقد عنده ثلثمائة واثنين وثلثين فلریناش ذهب قالب أرغون من سكة طيبة موزونة … الخ…. “، وفي ذيلها عدة من أسماء الشهود المسلمين
وفيما أوردناه من نص هذه الوثيقة ، ما يدل على أنه كانت توجد في تلك.المنطقة النائية من شمال اسبانيا ، في بلاد نافار ، أقليات مسلمة لها أحياء خاصة حيث وجدت ، وتتمتع بالتعامل بلغتها القومية أمام قاضيها الخاص، وذلك في هذا العصر المتأخر ، في أواخر القرن الرابع عشر ، أعني بعد مرور أكثر من ثلاثة قرون على استيلاء النصارى على سائر القواعد الإسلامية في تلك الأنحاء ..
وكانت مسألة التدجن هذه وبقاء المسلمين في الأرض التي يفتتحها النصاری تثير كثيرا من المسائل الفقهية ، وكان بعض الفقهاء يرمى أولئك المدجنين بالمروق عن الإسلام لبقائهم تحت حكم النصارى .
وقد عثرت (د. م.عبد الله عنان)خلال جواتي في مكتبة الإسكوريال على رسالة مخطوطة تتناول هذه المسألة ، وهي عبارة عن فتوى طلبها.أحد الفقهاء عن حكم الشرع فيمن آثر من المسلمين الأندلسيين الهجرة من دار.الإسلام إلى الأراضي المفتوحة ليعيش تحت حكم النصارى ،…
والمقصود بهؤلاء بنوع خاص أولئك الذين هاجروا من القواعد الأندلسية المفتوحة إلى بلاد المغرب ، ثم لم يجدوا بها ما أملوا من رخاء ويسر في العيش ، وترتب على ذلك أنهم ندموا على هجرتهم ، وتمنوا العودة إلى ديارهم القديمة تحت حكم ملك قشتالة ، وتتضمن الرسالة الأسئلة الآتية :
{ ما حكم من تمادي من المسلمين في ذلك ؟ وما حكم من عاد منهم إلى دار الكفر بعد حصوله في دار الإسلام ؟ وهل يجب وعظ هؤلاء أو يعرض عنهم ويترك كل واحد منهم لما اختاره ؟ … و هل من شرط الهجرة أن لا يهاجر أحد إلا إلى دنیا مضمونة بصيها عاجلا عند وصوله ، جارية على وفق غرضه حيث حل من نواحي الإسلام ، أو ليس ذلك بشرط بل تجب عليهم الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، إلى حلو أو مر أو وسع أو ضيق أو عسر أو يسر بالنسبة لأحوال الدنيا ، وإنما القصد بها سلامة الدين والأهل والولد ، والخروج من حكم الملة الكافرة إلى حكم الملة المسلمة، إلا ما شاء الله من حلو أو مر أوضيق عيش أو سعة ونحو ذلك من أحوال الدنيا }.
وقد رد الفقيه المسئول ، وهو أحمد بن يحيى التلمساني الونشریشی عن هذه المسائل ما خلاصته :
{ 1- أن الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإسلام فريضة إلى يوم القيامة ، وكذلك الهجرة من أرض الحرام والباطل وهو يؤيد قوله بطائفة من الأحاديث النبوية .
2- ولا يسقط هذه الهجرة الواجبة على هؤلاء الذين استولى الطاغية على معاقلهم وبلادهم ، ولا يتصور العجز عنها بكل وجه وحال ، لا الوطن ولا المال ، فإن ذلك كله ملغي في نظر الشرع …
وأما المستطيع بأي وجه كان وبأي حيلة تمكنت ، فهو غير معذور و ظالم لنفسه إن أقام . والظالمون أنفسهم إنما هم التاركون للهجرة مع القدرة عليها حسبما تضمنه قوله تعالى : « ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها … ». والمعاقب عليه إنما هو من مات مصرا على هذه الإقامة.
3- وتحريم هذه الإقامة تحريم مقطوع به من الدين ، كتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وقتل النفس بغير حق … و من جوز هذه الإقامة و استخف أمرها، واستسهل حكمها فهو مارق من الدين ، ومفارق لجماعة المسلمين ، ومحجوج بما لا مدفع فيه لمسلم ، ومنبوذ بالإجماع الذي لا سبيل إلى مخالفته وخرق سبيله
الفقهاء القاضي أبو الوليد بن رشد رحمه الله في أول كتاب التجارة ، إلى أرض الحرب»، من مقدماته : فرض الهجرة غير ساقط بل الهجرة باقية إلى يوم القيامة ، وأجاب بإجماع المسلمين على من أسلم بدار الحرب أن لا يقيم بها حيث تجرى عليه أحكام المشركين ، وأن يهجرها ويلحق بدار المسلمين حيث تجرى عليه أحكامهم .
4 – ثم لما نبعت هذه الموالاة النصرانية في المائة الخامسة وما بعدها من تاريخ الهجرة وقت استيلاء ملاعين النصارى دمرهم الله على جزيرة صقلية وبعض کور الأندلس ، سئل فيها بعض الفقهاء ، واستفهموا عن الأحكام الفقهية المتعلقة بمرتكبها ، فأجاب بأن أحكامهم جارية مع أحكام من أسلم ولم يهاجر ، وألحقوا هؤلاء المسئول عنهم والمسكوت عن حكمهم بهم ، وسووا بين الطائفتين في الأحكام الفقهية المتعلقة بأموالهم وأولادهم ولم يروا فيها فرقة بين الفريقين } (*4).
على أن هذه الاعتبارات الدينية لم تحل دون بقاء طوائف كبيرة من المسلمين.في الأراضي التي يقتطعها النصاری تباعآ من الوطن الأندلسي . وكانت الإعتبارات الدنيوية ، وظروف الأسرة ، ودواعى العيش ، تغلب على كل الاعتبارات الأخرى.
وكان تسامح النصارى في البداية ، وتركهم رعاياهم المسلمين ، يتمتعون.بتطبيق شريعتهم وأحكام دينهم فيما بينهم حسبما تقدم ، يخفف عن أولئك المدجنين مرارة الانسلاخ عن مجتمعهم القديم ، والانتماء إلى المجتمع النصراني .
وهكذا لبث المدجنون عصرا ، يتمتعون في ظل الحكم الأسباني بامتيازات كثيرة ، ويعيشون في نوع من الأمن والدعة، بعيدا عن عصف الأهواء السياسية والقومية العنيفة .
ولكن هذه الحال أخذت في التبدل منذ اتسع نطاق الفتوحات النصرانية في أراضي الأندلس ، وزاد بذلك عدد المدجنين في مختلف المناطق المفتوحة …
وكانت الكنيسة تبغض هذه الطوائف الإسلامية ، القائمة في قلب المحتمع النصراني ، وتنقم على المدجنين هذه الدعة وهذا التسامح، وترى في احتفاظهم بدينهم ولغتهم نوعا من التحدي المذموم، وتأخذ على ملوك قشتالة وأراجون تسامحهم في معاملتهم،.وتسعى جاهدة لتحريضهم على اتباع سياسة الإنتقام والعنف، إزاء أولئك الرعايا المسالمين .
ومنذ أوائل القرن الثالث عشر ، تتوالى أوامر البابوية وقراراتها ضد المدجنين ، والحض على استرقاقهم أو تنصيرهم، ومن ذلك ما أمر به البابا إنوسان الرابع في سنة 1248م ، ملك أراجون خا يمي الأول من وجوب استرقاق المسلمين في الجزائر الشرقية ؛ ولكن خايمی لم يأبه لذلك الأمر . ولما فتح ثغر بلنسية في سنة 636م (1238م)، سمح للمسلمين أن يبقوا فيها كمدجنين.
وكان ملوك قشتالة وأراجون يعارضون هذه السياسة العنيفة، لبواعث وأسباب تتعلق بمصالحهم القومية ورخاء بلادهم . ذلك لأن المدجنين كانوا بين رعاياهم ، أفضل العناصر وأنشطها وأكثرها دأبا ومثابرة ، وأوفرها تأدية للضرائب ، وكانوا ساعد النبلاء الأيمن في زراعة أراضيهم واستغلالها .
وكانوا ينفردون بالتفوق في العلوم والفنون والمهن . وكانوا أبرع الأطباء والمهندسين والبنائين .
وكان لهم الفضل الأول، في إدخال محاصيل عديدة في اسبانيا النصرانية، مثل القصب والقطن والأرز والحرير والتين والبرتقال واللوز وغيرها ، وما زالت مشاريع الرى التي أنشأوها، ولاسيما في مناطق اسبانيا الشرقية والشمالية الشرقية تشهد بعبقريتهم في هذا المضمار .
وهم الذين وضعوا أسس الصناعة الإسبانية ، وكانوا أساتذة الصناعات الدقيقة ، وكانت صناعاتهم ولاسيما المنسوجات القطنية و الحريرية ، والفخار والخزف والجلود ، نماذج بارعة تحذو حذوها الصناعة الأوربية ، فلم يك ثمة أشهر من خزف مالقة، ولا أقمشة مرسية، ولا حرير ألمرية وغرناطة، ولا أسلحة طليطلة ، ولا منتجات قرطبة الجلدية .
وكانت بلنسية التي تضم كتلة كبيرة من المدجنين ؛ تعتبر من أغنى ثغور أوربا ما تنتجه من السكر والنبيذ وغيرهما من المنتجات العديدة .
وكان المدجنون مثالا للنشاط والدأب ، يزاولون التجارة بنجاح وشرف، وكانوا أفضل التجار وأوفرهم أمانة ونزاهة ، ولم يكن بينهم متسولون إذ كانوا يعولون فقراءهم . وكانوا مثلا للنظام والسكينة