أخبار عاجلة

مقالات في رمضان اصحاب الأيكة

مقالات في رمضان

اصحاب الأيكة
……………………..

كثيرا ما نقرأ في كتاب الله عن اصحاب الايكة التي وردت في سور الاعراف وهود والعنكبوت ، وجاءت اكثر تفصيلا في سورة الشعراء ، قال تعالى :
” كذب اصحاب الايكة المرسلين * اذ قال لهم شعيب الا تتقون * اني لكم رسول امين * فاتقوا الله واطيعون * وَما اسالكم عليه من اجر ان اجري الا على رب العالمين * اوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تعثوا في الارض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الاولين * قالوا انما انت من المسحرين* وَما انت الا بشر مِثلُنا وان نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا كسفا من السماء ان كنت من الصادقين * قال ربي اعلم بما تعملون * فكذبوه فاخذهم عذاب يوم الظلّة انه كان عذاب يوم عظيم * ان في ذلك لاية وَما كان اكثرهم مؤمنين “.
واصحاب الايكة هم قوم سيدنا شعيب ( عليه السلام ) ، وهم قبيلة عربية في مدين شمال غرب المملكة العربية السعودية التابعة الى منطقة تبوك حاليا ، كان اهلها يعملون في التجارة وقد منَّ الله عليهم بالنعم التي وهبها لهم فكانت ارضهم بساتين وجنات من اشجار كثيفة ومياه وعيون بين الحجاز وحاضرة الشام ، ولعل وصفهم اصحاب الايكة وهي بمعنى الشجر الملتف الكثيف دلالة على نعيم عيشهم ورفاهية حياتهم وتمتعهم بما افاض الله عليهم من خير وفير .

اما سيدنا شعيب ( عليه السلام ) فقد منحه الله فطرة الخطابة وفصل الحديث وحسن الكلام واللسان والاقناع والتبليغ فقيل انه خطيب الانبياء ، فظل يدعو قومه بدعوة التوحيد والاسلام والنهي على ما كانوا عليه من عصيان وتعامل في البيع وتطفيفهم الميزان والكيل حين يكتالون ويبخسون الناس اشياءهم وهو فسق وضلالة وحرام ، لا يرضاه الله ولا رسالته الى عباده وزادهم نكرا وغيّا لطف حديث نبيهم وسماحة لفظه ولين خطابه وتقربه اليهم فأزدادو في غيهم وانكارهم لفضل الله ونعمته عليهم حتى ظلوا يجادلونه في الحديث ويصفونه بالسحر والجنون والتكذيب ، وراحوا يهددونه لولا رهطه ومكانة عشيرته بالنفي والقتل والايذاء ، قال تعالى” قال يا قوم أرهطي اعز عليكم من الله واتخذتموه ورائكم ظهريا ان ربي بما تعملون محيط”.

ولربما تتوارد في اذهاننا ونحن نقرأ كتاب الله واياته عن يوم الظلة الذي جاء عقابا لقوم سيدنا شعيب ( عليه السلام) ، وهو نذير ما دعا نبيهم بعد ان يأس من اقناعهم وايمانهم بما اتاهم من عند الله ، فدعا الله ان يعذبهم بما استحقوه لقاء صدهم ونكرهم لدعوات نبيهم واصرارهم في الغي والفسوق والعصيان ، فما كان من الله سبحانه وتعالى الا ان استجاب لدعوته عليهم فأبتلاهم بحر شديد لا يروي ظمأهم ماء ولا يقيهم من الحرارة شجر او جبل او واد ، وسخر لهم الله سحابة من غيم هربوا اليها ليستظلوا بها من حر الشمس ولهيبها ، فحسبوها ستارا تقيهم الحر وتجمعوا تحتها حتى اكتمل عددهم وصاروا جميعا تحت الغيمة ، فجمع الله عليهم من عذابه بما اسرفوا على نبيهم وتكذيبهم واصرارهم على الاثم والفجور ، انواعا والوانا من العقاب فسلط عليهم الرجفة حتى ظلوا جاثمين وصيحة عظيمة افرغت افئدتهم من الهواء ، وظلة من سحاب فِيهِ العذاب الذي ظنوه وقاية لهم فأضرمها الله عليهم نارا احرقتهم ورمتهم باسراب من الشرر واللهب .

وقد قال لهم نبيهم شعيب ( عليه السلام ) ياقوم لا يجرمنكم شقاقي ، اي لا تحملنكم عداوتي وكرهي على الاصرار على ما انتم عليه من الكفر والفساد فيصيبكم ما اصاب قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط من النقمة والعذاب ، الا انهم لم يسمعوا اليه وظلوا في عنادهم يعمهون ولَم يستجيبوا له ، فقال يا قوم اعملوا على مكانتكم ، بمعنى اعملوا على طريقتكم وقناعاتكم وهذا تهديد شديد لَو كانوا يعلمون ، واني ساعمل بطريقتي ونهجي وسنرى أيّاً منا يأتيه العذاب المبين الذي يخزيه في الدنيا والاخرة وانتظروا اني معكم رقيب .

ونجد في قصة اصحاب الايكة تأييدا لله سبحانه وتعالى لنبيه شعيب ( عليه السلام ) اذ جاء عذابه على الذين كذبوه وجادلوه وَما امنوا بدعوته بنفس ما ارادوا حيث قالوا لنبيهم وهم يجادلونه ” فأسقط علينا كسفا من السماء ان كنت من الصادقين “، فمكروا ومكر الله والله خير الماكرين ، وقد ذكر قوم مدين في كتب اليهود على ان مدين هو ابن سيدنا ابراهيم وان اخوة يوسف باعوا اخاهم الى اناس من اهل مدين وان سيدنا موسى ( عليه السلام ) قد لجأ الى مدين اربعين سنة بعد ان جاءها هاربا من قتل المصري .

الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولَم يجعل له عوجا ، والحمد لله الذي هدانا بِهِ وبرسوله الكريم صَل الله عليه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .

………………………………………………………………

عبدٍ الكريم احمد الزيدي
العراق / بغداد

شاهد أيضاً

عشر ذي الحجة منحة من رب العزة :

عشر ذي الحجة منحة من رب العزة : كتب سمير ألحيان إبن الحسين __من لطف …