أخبار عاجلة

مقال بعنوان فلسفة الأخلاق طبيعتها وخصائصها.

مقال بعنوان فلسفة الأخلاق طبيعتها وخصائصها.1-1
بقلم اد/عادل القليعي أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان.
حاجتنا ملحة إلي إحياء قيمنا التي انسحقت، أو أوشكت علي الانسحاق في ظل المتغيرات الكثيرة والمتلاحقة التي يعيشها إنسان العصر،
تدن قيمي، إنهيار أخلاقي، عبثية، فوضوية، لامبالاة، عدم إحترام الصغير للكبير،عدم عطف الكبير علي الصغير ومعاملته كإنسان، أصبحنا نعيش في غابة مستوحشة القوي ينقض علي الضعيف، الغني يحاول بشتي الطرق أن يزداد غني لا يهمه الآخر، مصلحتي فقط، أنانية مفرطة علي حساب الغير.
الرزائل والموبقات المهلكات في كل مكان، رائحة كريهة تملأ الأمكنة، علي قوارع الطرقات، تعاطي المخدرات عيانا بيانا في وسط النهار، علي عينك يا تاجر، تحرش، اغتصاب، قتل وسفك أرواح بغير حق حرم الله قتلها، بلطجة وسباب بأقبح الألفاظ التي يندي لها الجبين، الرشاوي والمحسوبية تنتشر في كل مكان، من يدفع يحصل علي البركة، من “يكرمش” العملات الورقية يمر ويصل إلى ما يريد.
طبعا لكل قاعدة شواذها، لذا أقول إلا ما رحم ربي.
ثم الطامة الكبري من يبيعون أنفسهم ويتحدثون كذبا وزورا، ورائحة الكذب النتنة تفوح من أفواههم، ويقلبون الحق باطلا والباطل حقا مسفسطين مخادعين مزورين، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.
لكن ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، كلا إن كتاب الفجار في سجين.
حاجتنا باتت ملحة للأخلاق والعود الاحمد إلي أخلاقنا وقيمنا الراسخة، إلي فطرتنا الحقيقية التي فطرنا الله تعالي عليها، فطرتنا الخيرة التي لوثتها محدثات الأمور.
لكن لا نعيب زماننا، وأنما نعيب أنفسنا، نحن الذين حدنا عن الجادة وانجرفنا مع التيار دونما وازع داخلي ولا رقيب يقول لك هذا خطأ لاتفعله، هذا صواب فتمسك به وعاينه وسر في ظله الظليل.
ألم نجلس مع أنفسنا ولو حتي هنينة كل يوم لنحاسب أنفسنا، ماذا فعلنا ولماذا؟!ما سبب الإنهيار الخلقي الذي تعرضت له القيم، ولاتعيب علي متغيرات العصر، أو الظروف الملحة، ظروف الحاجة والفاقة هي التي جعلتنا هكذا.
حاجتنا باتت ملحة لإحياء قيم الحق، لأن الحق هو الذي يقودك إلي الفلاح، الخير، غايتنا القصوي، نعرف مفهوم الخير، الذي هو كل فعل يقود صاحبه إلي الفضيلة، نعرف مفهوم الشر، الذي هو كل فعل يقود الإنسان إلي الرزيلة، فإذا ما علمنا هل سنلتزم، عرفت فألزم.
الجمال، والذي يتمثل في الأقوال والأفعال والذي يخضع للملكات الإرادية التي تدفع الإنسان دفعا إلي فعل الجميل وطرح القبيح مثلما ذهب إلي ذلك الفارابي في مؤلفه تحصيل السعادة.
ميز الله تعالي الإنسان بميزتين مهمتين ميزة العقل والإرادة، فهو يشارك الحيوان أعزكم الله في مأكله ومشربه ونفسه وتكاثره وكذلك النبات، إلا أنه يتميز عنهما بالعقل ميزان الجسد، والإرادة التي هي تدفع الإنسان، إما أن يسير ناحية الخير، أو يسير ناحية الشر متحملا تبعة اختياراته، ومن هذا المنطلق جاءت عبارة أرسطو الشهيرة الإنسان حيوان ناطق عاقل إجتماعي ينفر من حياة العزلة مدني بطبعه، وإذا كان ذلك كذلك فإنه بالضرورة سيكون أخلاقيا أو لا أخلاقيا، أو أفعاله نحكم عليها أنها أكثر أخلاقية، أو أكثر لا أخلاقية.
إذا ما أردنا حقا ترتيب وإعادة بناء منظومة الأخلاق، لابد أن نرتب البيت من الداخل أولا، بمعني نهتم بالإنسان نفتش عن أسباب قلقه، أسباب انهياره، ما الذي جعله يفقد هويته وذاتيه، ويصبح عبدا ذليلا لشهواته، لماذا أصبح فريسة للهوي، لماذا غيب عقله وخدره وخادره، ما الذي وصل به إلي حالات اليأس التي نراها ونشاهدها كل يوم.
إعادة البناء تحتاج إلي بناء ماهر، فلا يكون هناك بناء أنيق ومهندس بطريقة تنشرح لها الصدور إلا من خلال مهندس ناجح، وهندسة الإنسان وإعادته للجادة تحتاج إلي غواص ماهر يغوص في النفس الإنسانية ويتعمقها متسلحا بهدفه الذي يسعي إليه، هذا الهدف هو الوصول بالإنسان إلي بر الأمان، بر الطمأنينة والإستقرار والهدوء النفسي، الذي إذا ما تحقق سنعود سيرتنا الأولي، سنعود إلي قيمنا الجميلة واخلاقنا الحميدة التي هي فطرتنا التي فطرنا خالقنا عليها، فطر الخير لأنه تعالي خير ولا يحب لنا إلا الخير.

شاهد أيضاً

ماذا بقي للعالم العربي ؟

ماذا بقي للعالم العربي ؟ مقال الاستاذ صلاح عثمان وكيل وزارة التربية والتعليم بكفر الشيخ …