مقال بعنوان: أبي ومجالس الصالحين.
بقلم عادل خلف القليعي.
عندما يقترب حلول شهر أغسطس من كل عام وبالضبط يوم السادس من أغسطس، ذكري وفاة والدي الحبيب.
أصدقكم القول لا أدري ولا أعلم ماذا قد يخط بناني في هذه المناسبة الحزينة التي فقدنا فيها أعز إنسان لنا علي وجه الأرض بعد حبيبنا الغالي رسول اللّه صلي الله عليه وسلم، وبعد أن فقدنا ستنا ست الحبايب أمنا الغالية التي واراها الثري قبله بحوالي ست سنوات.
لا أجد كلمات أعبر بها عما يجيش في خلدي من حب لك يا أبي، فعلي الرغم مما أتانيه الله من نعمة الكتابة وبلاغة العبارة إلا أن الكلمات تطيش منا، وقلمي توقف أكثر من مرة لكن سأستجمع نفسي وسأكتب.
اسمه ولقبه ومولده ونشأته:
خلف عبد العزيز أحمد عبد الغفار القليعي
اللقب خلف القليعي.
والقليعي لقب لعائلات القليعي التي تنتشر في ربوع مصر،ويمتد نسبها الي آل البيت الاطهار.
ولد عام 1940م بمدينة أخميم، احدي مدن محافظة سوهاج في صعيد مصر.
الإبن الأكبر لأبيه ،له أخ واحد،وثلاثة بنات.
تولي تربيتهم معينا لوالده الذي كان يعمل في حرفة بسيطة.
مؤهله الدراسي الشهادة الإبتدائية ولم يكملها لضيق ذات اليد وكما ذكرت لمشاركته لأبيه في تربية إخوته.
حفظ القرآن الكريم قراءة وكتابة، كنت استيقظ من النوم علي عذب صوته وجمال تلاوته، ورثنا جمال الصوت وخصوصا أخي الطبيب.
عمله، كان يعمل سائقا في مجلس مدينة سوهاج ، يحمل رخصة قيادة درجة أولي مركبات دولية
خرج من الخدمة عند سن التقاعد علي درجة كبير مشرفي سائقين.
تزوج من سيدة ذات حسب ونسب، من أكابر البلد ذات أصل طيب ، اخوالنا آل شيخون الاكارم.
له من الأبناء ستة أبناء أربعة رجال، وبنتان.
قضي حياته مكافحا، كادحا، شعاره قول الله تعالي (من يتق الله يجعل له مخرجا)
(وليخش الذين لوتركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا شديدا)
كان يتحري الحلال لاطعامنا.
قضي حياته قائما قانتا ، تاليا للقرآن الكريم، صواما.
محبا للخير، لم يفتخر يوما بأبنائه ولم يتباهي بهم، بل كان يقول أنا لم أفعل شيئا، لاتنسبوا فضلا لأنفسكم بل ارجعوا الفضل كله لله.
فما نحن الا أسباب قصدنا بابه تعالي ولم يردنا خائبين فأكرمنا فيكم.
تخرج من مدرسته الأستاذ الجامعي،والمهندس المشهور، والطبيب الماهر،ومدير شركة الأدوية، حتي ضابط الشرطة نشأ في كنفه.
مآثره:كان حاملا للقرآن الكريم
بارا بوالديه رأيته بأم عينيي يحمل الطعام لأبيه ويطعمه ويذهب إلي عمله.
أسس مجالس القرآن الكريم في أكثر من مسجد ببلدنا أخميم،فعلي سبيل المثال مسجد الصحابة الذي شاهدته يبني فيه لانه رحمه الله كان يجيد البناء إضافة إلي عمله سائق.
وآخرها والذي اختتم حياته به ،مسجد ابوعبداللاه، فكان يجمع الكبار والصغار حوله يعلمهم ويتعلم منهم.
كان رحمه الله تعالي محبا لصلاة الفجر فلم يتأخر يوما عن صلاته في جماعة، رأيت الدموع في عينيه ،في مرضه الأخير الذي أقعده عن الصلاة في جماعة.
كان محبا لدينه،وله غيرة شديدة عليه، كان لايغضب من أحد إلا إذا رأي أحدا لايصلي أو سمع أحدا يسب الدين وما شابه ذلك من الموبقات.
كان لا يجلسنا معه علي الطعام إلا بعد سؤال أمي هل صليتم، لا نستحق الطعام إلا إذا شكرنا من أطعمنا.
كان رحمه الله تعالي وصالا لرحمه حتي وان قاطعوه كان يذهب إليهم،وعندما كنت اراجعه كان يقول حفت الجنة بالمكاره، وأنا يا ولدي أريد أن ألقي ربي وهو راض عني، أريد أن ينير لي قبري.
كان متواضعا متسامحا، لم اسمعه يوما أخطأ في حق أحد، كان التسبيح والذكر والاستغفار حاله، كان وضائا محبا للوضوء.
ومآثره كثيرة ولانزكيه علي الله.
وافته المنية عن عمر ناهز 77عاما الا قليلا،
لبي نداء ربه بعد مرض لم يستمر أكثر من ثلاثة بعدعصريوم الجمعة الساعة الخامسة الاربع، لفظ أنفاسه الطاهرة.
طلبت من ربي وفاة أمي التي لم احضر دفنتها نظرا لتأخري في الوصول إلي البلد لتأخر القطار.
دعوت ربي أن أكون في البلد حال وفاة أبي، وحقق الله تعالي أمنيتي.
توفي أبي علي ذراعي وبين أحضاني بعد أن ذكرته بالله ودعوت له وقلت له قل يا أبي لا إله إلا الله وحده لا شريك له،قالها وسمعتها منه مع حشرجت صوته لكن سمعتها وربي.
حضرت غسله،ما اجملك يا أبي
ما أطيب ريحك،وكأني رأيت شابا علي خشبة الغسل.
ابي لونه قمحي اللون أبدله الله كرامات الصالحين وألبسه حلية الأتقياء الطاهرين.
مشهد جنازته مهيب مهيب،قبره رأينا والله نورا يخرج من قبره ،لحده أخي الطبيب،خرج وقال والله كأني أضع أبي علي سريره في غرفته، كانت دفنته ليلا العاشرة والنصف مساءا.
أبي مهما كتبت فلن ولن اوفيك حقك،
أبي استميحك عذرا علي تقصيري، فالقلم توقف في يدي والدموع انهمرت من عيني.
أبي عشت طيبا ولقيت ربك طيبا راضيا.
أبي رحمك الله تعالي رحمة واسعة.
ولانزكي أحدا علي الله تعالي.