مسلسل رحيل الشعراء / وداعا ً الشاعر الليبي علي الخرم ٠
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر
—————————-
فقدت الساحة العربية في هذه الآونة الأخيرة اسماء كثيرة ؛ و لاسيما العراقية والليبية ثلة من الشعراء المجيدين ٠
و اليوم نودع الشاعر الكبير اليبي على الخرم ابن درنة ٠
تُوفي الشاعر و الأديب الليبي علي عبد الشفيع الخرم عن عمر ناهز 75 عامًا، بعد صراع مع المرض.
يوم الثلاثاء الموافق ١٤ / ٩ / ٢٠٢١ م ، في مدينة درنة الليبية ٠
يا رفَّة النَّفَسِ الدَّفِيءِ
تمضي الدقائق مثقلا
ت النبض في الخطو البطيء
وأنا احتراق العشب في
إيماضة الشفق المضيء
يختضُّ بوحُ الشوقِ يا
أسفي على الحاني المسيء
كم قلتُ آن لها الختا
م بشاشة العمر الخبيء
فحزمتُ أمتعة السِّفا
ر على مدى الظنِّ الوضيء ٠
( من قصيدة : مســـــــــــاورة )
٠٠٠٠٠
* نشأته:
بين حضن الوطن و قلب المحبوبة ينطلق بنا مغنيا :
” ياأحلى امرأة فيها رائحة الوطنِ ” ٠
وحصل الشاعر و الأديب الليبي الراحل علي الخرم على إجازة تدريس خاصة في اللغة العربية والدراسات الإسلامية العام 1974، وعمل موظفًا في قطاع الصحة، ثم انتقل إلى قطاع التعليم العام 1969.
وتولى موقع أمين رابطة الأدباء والكتاب بدرنة والجبل الأخضر، ومدير فرقة المتحدين المسرحية، ويعد أحد المشاركين في تأسيس فرع للجمعية الأهلية للمجاهدين القدماء بدرنة.
*مشواره الشعري :
================
فقد بدأ مسيرته الشاعر الراحل على الحرم أولى قصائده أواخر ستينيات القرن الماضي في عدد من الصحف والمجلات الليبية والعربية ٠
كما ساهم في تكوين فـرق للتمثيل والموسيقى، وإلى جانب كتابة الشعر الفصيح الذي عرفت به قصائده، فقد خاض الكتابة في مجالات المسرحية الشعري والأغنية الشعبية، والمقالة الأدبية والنقدية.
* ومن دواوينه الشعرية :
– ديوان سلة الأنغام 1973
– ديوان في انتظار الإنسان 1976
– ديوان الجوع في مواسم الحصاد 1984 م
* مختارات من شعره :
=============
فقد كتب القصيدة العمودية و التفعيلة الحر المرسل في سبك وجودة ذات مواضيع تعانق الواقع والخيال و الجمال ٠٠
مع هذه القصيدة من الشعر العمودي الرصين
بعنوان ( لـــو أنــنـــــــــــا ) متمنيا فيها صفوة احلامه حيث ومنها هذا المقطع فيقول فيها علي الخرم :
لذيذةٌ كقطعَةِ الحَلْوى
أصبرُ عنها كيفَ ? لا أقوَى
شهية لو أنني نلتها
يوما بلقيا تسكر النجوى
لعلنا لو ضمّنا مجلس
ننال فيه الراحة القُصوى
قد أرتوي من ظمأ مزمن
بدائه ماأجمل العدوى
الحب ماأروعه شاهداً
يدمَغُنا لو نظهر السهوا
إن لدينا من أحاسيسنا
نبعاً يفيض الخير والصفوا
لو أننا نغرس من حوله
كل أمانينا لمن نهوى ٠
***
و يقول شاعرنا الراحل علي الخرم في قصيدة اخرى مطولة من شعر التفعيلة الحر المرسل بعنوان : ( تجـلــيـــــات ) وهذا الجزء منها حيث يخاطب مريم الرمز و الحب و الرومانسية دفقات حالمة دافئة كحضن الوطن ٠٠ قائلا : مـــريـــــــم
أتشمم رائحة الأنثى من أبعد بُعد
حلماً يتغلغل في ذاكرة اللحظات الحُبلى بحضور الوعد
هذا الشوق الممتد
في جرح الكون وفي بوح الورد
ما أسوأ أن تصطك من البرد
وهنالك ثغر في أنثى , وهنالك نهد
أن يجتمع القَبْلُ .. الآنُ .. البَعدْ
ذلك أروع ما يمكن أن يحدث في لحظة وجد
يا أحلى امرأة تسكنني منذ التكوين…
فتجعلني ألهث بين وجوه النسوةِ…
أبحث عنها .. أبحث عنها . أبحث…
أحمل عمري قرباناً للعشق من المهد إلى اللحد
ياأحلى امرأة فيها رائحة الوطنِ
ياامرأة تنبثُّ بزمني
تتهجَّاني منذ انبثقت من كل تفاصيل أنوثتها…
لغة أتحداها بحروف الرقّةِ…
أنسجها شركاً للقلب…
يرفّ جناح القلب…
ليفلت من قبضة هذا الفرح المتسلل طفلاً للأعماق…
ليعبث .. يغضب .. يضحك.. يحلم…
يحلم أنك .. يحلم أنك .. يحلم أني
حتماً ستغنين .. وحتماً سأغني
بعد قرون الموت الذلة…
أنهض من قبري
أنفض عني كفني
يا أحلى امرأة…
حملتني في دمها شوقاً جنّحه الحلمُ…
فطار إلى الأعلى…
طار إلى الأعلى…
طار يلامس شُرفات الشمسِ…
المغمورة بالأصداف بجوف الأعماق…
ولكنَّ هنالك ظل الشمس…
وإنك ظل الروح… وإني ظل العاشق
كلماتك يامريم أحضان جُنَّت بالشوق إليّ…
وقلبي صدر محموم بالشوق إليك…
وساعتها كيف أكون ?.. وكيف أعانقُ ..
كيف أقارن بينك أنت وبيني ?
من قال بأنا يا مريم كنا اثنين ?
مريم ياعشقاً يسكنني
عشقاً .. ياعشقاً يشعلني
يادنيا أجمل من كل الدنيا
مريم ياوطني.. مريم ياوطني ٠
رحم الله شاعرنا الكبير الليبي علي الخرم ويظل شعره خالدا في ديوان العرب ينطق بصدق موهبته و بعبقريته ٠