ما الذى يوجه السلوك البشرى حقا؟
ب
قلم /أيمن بحر
يبقى الإنسان لغزا معقدًا رغم كل ما وصلت إليه العلوم الحديثة من معرفة وتفسير. ومع ذلك يتفق المتخصصون وعلماء النفس على أن السلوك البشرى لا يتحرك صدفة ولا يتشكل بمعزل عن مؤثرات واضحة بل تقوده قوة داخلية عميقة تتفاعل مع ما يحيط به من ظروف خارجية. وفى جوهر هذا المشهد يتضح أن الداخل ينتصر دائمًا مهما اشتدت الضغوط من الخارج.
فالإنسان يقوده في المقام الأول ما يحمله من قيم ومبادئ راسخة فهي البوصلة التى تحدد طريقة تفكيره وقراراته وتوجهه فى المواقف الصعبة. ومع أن العالم من حوله يتغير بسرعة مذهلة تبقى المبادئ الحقيقية ثابتة لا تهتز إلا بإرادة صاحبها.
وتلعب المشاعر دورًا محوريًا في توجيه السلوك، فالعاطفة هى الطاقة المحركة للقرار البشرى. قد يضع الإنسان خطة باستخدام العقل لكنه لا ينفذها إلا حين تتفاعل معها مشاعره فالحب والخوف والطموح والرغبة في الأمان كلها قوى خفية قادرة على دفع الإنسان إلى فعل ما لم يكن يتوقعه.
كما تشكل التجارب السابقة جزءًا مهمًا من هوية الإنسان، فالذكريات والصدمات والانتصارات الصغيرة والكبيرة تترك أثرها فى ردود أفعاله ونظرته للحياة. وكلما تراكمت الخبرات اتضحت أنماط السلوك التي يرى الناس أنفسهم يتصرفون وفقًا لها دون وعى أحيانًا.
ومع أن البيئة المحيطة تمارس تأثيرًا مباشرًا على الفرد من خلال المجتمع والعادات والضغوط والظروف الاقتصادية إلا أنها لا تستطيع تغيير الداخل إلا إذا سمح لها صاحب القرار بذلك. فالإنسان قد يخضع لتأثيرها لكنه لا يصبح أسيرًا لها ما دام داخله قويًا.
وهكذا يثبت الواقع أن السلوك البشرى ليس نتاج عامل واحد بل هو تفاعل معقد من القيم والمشاعر والتجارب والبيئة. لكن القوة الأؤلى التي تنتصر فى النهاية هى قوة الداخل التي تحدد مسار الإنسان مهما تبدلت الطرق من حوله.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 