أخبار عاجلة

«ليست زوجتي»

«ليست زوجتي»

بقلم : نجلاء محجوب

أمتلك محل مجوهرات ورثته عن والدي، وأعيش حياة سعيدة ومستقرة مع زوجتي شريكة العمر ، لم ننجب لذلك أحرص دَائِمًا علي جبر خاطرها وتدليلها، ووددت أن أسعدها، أشتريت فيلا لنعيش حياة مريحة مرفهة، وبعد ما ودعنا ذكرياتنا في الشقة القديمة، انتقلنا مبتهجين للفيلا الجديدة، لكن من أول يوم أصابتنا عين حاسدة، فلم نر يومًا سعيدًا، كانت تحدث أشياء مريبة وغامضة، فالمكان يعتريه الكثير من الغموض، اول يوم أَبَى الباب أن يفتح، فانقبض خافقي، واستدعيت متخصصًا، وبعد ثلاثة ساعات يائسة، وقفنا فيها علي عتبات فقدان الأمل ، فتح الباب، الفيلا جميلة والحديقة ساحرة، وبها زهور نادرة، لكنني مرتاب، أشعر أن سكانًا من عالم آخر يمتلكون المكان قبلنا، كنت أرى خيالات تمر، رجلا طويل القامة، وامرأة ممتلئة قصيرة، وثلاثة أطفال بأعمار مختلفة يتشاجرون دائمًا، كنت أراهم ليلًا وأنا جالس بمفردي، أقرأ علي ضوء الشموع ، فدق الخوف أبواب قلبي، لم أخبر زوجتي بشئ، لكنني فوجئت، انها تقول لي ان اللوحة المعلقة علي الحائط بها شئ مريب، كأن ألوانها تتغير كل يوم، كانت خائفة، وبدأنا نفكر ان نترك المكان، وفي يوم سمعت صراخ زوجتي تستغيث، بخطوات مسرعة أرتجف، أبحث عنها في كل الحجرات، ولا أجدها، صراخها مستغيثة بي لا يتوقف، سهم التذكر أعاننى، الغرفة التي بها القبو، هي الوحيدة التي لم أبحث فيها، كانت تحدثني دائما أنها تريد أن تجعلها غرفة نوم لنا، وتغير الأثاث ذا الطراز القديم بآخر مودرن، وكنت أنقبض من هذه الحجرة و لا أدخلها مطلقًا، هي حجرة نوم مفروشة بأثاث من الطراز القديم، أشعر أن التماثيل الموضوعة داخلها تشبه الخيالات التي كنت أراها ليلًا، عائلة الأشباح، وتفكيري كان أن الأشباح تسكنها، صراخ زوجتي يأتي من هذه الغرفة، فأسرعت الخطوات تجاهها، وفتحت الباب، فانقطع التيار الكهربائي فجأة ، فأوقدت الشموع، وفجأة رأيتها فتحت القبو نظرت لي بعينين ماطرتين ثم اختفت، وسمعت صوت اترك المكان يا أنس، وصوت آخر يقول إن استطعت، وفجأة ضحكات مخيفة، وانقطع صوت زوجتي، ووسط كل هذا الذعر، زارني الفجر فأطمأنيت بنوره، وبدأ فزعي يقل، التقطت أنفاسي بصعوبة، لا تحملني قدماي، جلست علي مقعد قريب مني في ركن الحجرة، وفجأة رأيت خيال زوجتي وكأنها مرت، من خوفي وتعبي أغشي عليّ، وفجأة أيقظني أحد، لكزني في كتفي برفق، فاستيقظت مزعورا، إنها زوجتي!! عقلي يقول كيف؟ ولم أتحدث كنت أَسِيرًا لصمتي وقتها، أخبرتني أن الإفطار جاهز، وعندما حطمت قيود صمتي أسألها ماذا حدث؟ لم تجيب، ملامحها بها شئ مختلف، ليست كما اعتدت أن أراها، وكأنها امرأة أخري، نظراتها مخيفة، حادة وهادئة، وجهها شاحبًا، حتي مشيتها مختلفة، وكأنها تنزل من منحدر، كنت اتحاشي النظر إلي عينيها، بعدما كانت عينيها مسكني، وصرت اسهر اقرأ لأنام في غرفة اخري، نبرة صوتها بها حشرجة، هذا ليس صوت حبيبتي الهادئ الرقيق، شعرت أن عقلي سيذهب من كثرة التفكير، وأنا بين نارين، أغادر وأتركها أم أتحدث معها عمَّا طرأ عليها من اختلاف، فقررت الخروج أفكر بَعِيدًا بهدوء، أخبرتها أنني سأخرج لأن لدي زبونا مهم ينتظرني، هزت رأسها ولم تتحدث، وعندما هممت بالخروج كانت هي بحمام السباحة، ترمقني وتتظاهر بعدم ملاحظتها لي، دق الهاتف مَنْ ؟ مستشفي !!ماذا تريد؟ زوجتي!! في المستشفى منذ يومين!! صدمتها سيارة مسرعة وهي تشتري بعض طلبات المنزل، أعطني إياها سمعت صوتها، هو صوت زوجتي، إذن من هذه التي تبتسم ابتسامة خبيثة، أظهرت بروز فك أسنانها، وأغمضت عينيها فصارت جفونها سوداء،ثم غطست تحت الماء ولم تخرج، أصابنى الذعر، وأخذت أتمتم بآيات من القرآن الكريم، إلي أن خرجت بسلام، وكلما اتصلت بصديق لينجدني، وجدت هاتفه غير متاح، إلي أن اتصلت بصديق فأجابني، وكان أول حديثه أخبرني عن أحوالك في مسكنك الجديد، أخبرته أنني مذعور،حتي يأتي ويأخذني للمستشفى، فلم يتفاجئ ورد ببرود، فأغلقت الخط، ذهبت للمستشفي، وأخذت زوجتي، وضعت قبلة علي رأسها ونظرت في عينيها الآمنتين حمدًا لله علي سلامتك، ورجعنا بيتنا القديم، عرضت الڤيلا للبيع وبحثت عن فيلا أخري، أما عن صديقي مازلت أفكر هل له علاقة بكل ما حدث، أعرف أنه يكن لي بغضًا، أغلقت هذه الصفحة وأسقطها من الذاكرة، وبعد شهر وجدنا ڤيلا مناسبة، ونسكن فيها منذ عشرين عَامًا، والأحوال علي ما يرام، بعض الأشياء لا نستوعبها، والحل الوحيد البعد، والبحث عن بدائل، لأنها يصعب ان يستوعبها العقل.
تمت

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …