أخبار عاجلة

كلمة ( فجل) التى اثارت الذعر قى اسرائيل عشية حرب 6 اكتوبر المجيدة

 

شعبان داود

في الليلة الواقعة بين الرابع والخامس من أكتوبر ١٩٧٣م ، في تمام الساعة الواحدة، تلقى ضابط الموساد دوبي اتصالاً هاتفياً من القاهرة ، كان دوبي (وهو أحد كبار مشغلي العملاء بالموساد ) يعمل من قاعدة الموساد في لندن ، على الجانب الأخر من الخط كان أهم عميل للموساد وأكثرهم سرية على الإطلاق ، والذي عُرِف باسم العميل حوتيئيل أو الملاك .

لم يقل حوتيئيل إلا كلمة واحدة فقط :  – “فجل”.

أُصيب دوبي بالذعر من فحوى الرسالة ، واتصل فوراً بقيادة الموساد ، وأبلغهم بالرسالة الكودية .

في اللحظة التي وصل فيها الأمر إلى علم رئيس الموساد  تسيفي زامير، أبلغ بدوره رئيس مكتبه فيردي عيناي بأنه مسافر إلى لندن .

كلمة “فجل” حملت في طياتها أنباء مروعة ، فالكلمة معناها الكودي هو : “من المتوقع هجوم فوري على إسرائيل”.

وبحسب التعليمات المترتبة على كلمة السر هذه ، كان يجب على زامير مقابلة عميله في لندن فور تلقيه الإشارة.

رحلة شركة الطيران الإسرائيلية( العال ) للندن كانت كاملة العدد ، حجز زامير طائرة خاصة وأقلع على الفور إلى العاصمة الإنجليزية .

في الطابق السادس من إحدى بنايات العاصمة البريطانية  لندن ، وعلى مقربة من فندق دورشستر ، كان لدى الموساد  شقة أمنة ، حيث كانت الشقة مؤمنة ومزودة بأجهزة تسجيل ، حيث تم إستئجارها وتجهيزها من أجل هدف واحد وهو اللقاءات مع  “الملاك” .

في اللحظة التي وصل فيها تسيفي زامير هناك ، انتشر حول البناية قرابة عشرة عملاء من للموساد لتأمين قائدهم ، تحسباً لأن تكون الرسالة خدعة أو أن تكون خطة مدبرة للمساس به .

ترأس قوة التأمين تسيفي مِلحين المخضرم ، الرجل الذي كان أحد أفراد الطاقم الأسطوري الذي اعتقل أدولف إيخمان في الأرجنتين .

زامير المتوتر والمنفعل، انتظر طوال اليوم عميله المصري  (الملاك ) كعادته  تأخر في روما خلال رحلته ولم يصل إلى لندن إلا في ساعة متأخرة من الليل .

التقى الإثنان في الحادية عشر مساء ، في تلك الأثناء حلت عشية عيد الغفران على شعب إسرائيل ، استغرق اللقاء بين تسيفي زامير والملاك حوالي ساعتين ، وحضر دوبي اللقاء وسجل مضمونه ، وفي نهاية اللقاء في حوالي الساعة الواحدة ودع تسيفي زامير عميله الملاك .

بينما كان دوبي يتهامس للحظة مع الملاك في الغرفة المجاورة ويعطيه أجره المتفق عليه وهو مائة ألف دولار أمريكي ، عمل زامير على صياغة برقية عاجلة لإسرائيل ، لكن ضباط الموساد لم يجدوا كود السفارة الذي يمكنهم عن طريقه إرسال تلك الرسالة العاجلة .

الساعات تمر ، وصبر تسيفي زامير بدأ ينفذ ، فإتصل هاتفياً بمنزل رئيس مكتبه ، فيردي عيناي في تل أبيب ، ولكن المكالمة الهاتفية لم يُرد عليها…

وبعد عدة محاولات أيقظت رنات الهاتف رئيس مكتبه الذي كان نائمًا ، فقال له زامير : خذ صحناً ممتلئاً بالماء وضع قدميك فيه ، ثم خذ ورقة وقلم .. عندما نفذ فيردي التعليمات ، أرسل له زامير رسالة مشفرة : “الشركة توشك على توقيع عقد اليوم قبل حلول المساء”. وأضاف : الأن ارتدي ثيابك ، واذهب إلى القيادة وأيقظ الجميع .

هرع فيردي عيناي لتنفيذ التعليمات وبدأ بالإتصال بقيادات الدولة والجيش ، تلخصت فحوى الرسالة التي أراد أن ينقلها في كلمة واحدة : “اليوم ستندلع حرب”.

ووفقاً للخطة يعتزم المصريون والسوريون الهجوم قبيل حلول المساء ، إنهم يعرفون أن اليوم هو يوم عيد لدينا، ويعتقدون أن بمقدورهم أن يعبروا قبيل الظلام  ،الهجوم سيكون وفقاً للخطةالمعروفة لنا .

السادات لن يستطيع أن يؤجل الهجوم بسبب التعهدات التي قطعها لرؤساء دول عربية أخرى، وهو يريد الوفاء بتعهداته كاملة .

رئيس شعبة المخابرات العسكرية ، اللواء إيلي زعيرا ، كان على قناعة تامة بأن الحرب لن تندلع رغم كل التقارير الإستخباراتية المُقلِقة . وقد كان على يقين تام بأن الإنتشار الواسع للجيش المصري على إمتداد قناة السويس ، ليس إلا جزءًا من مناورة كبيرة .

كما إعترف زعيرا أمام زامير بأنه “ليس لديه تفسير” للتقرير الذي رفعه “يحمور” من الوحدة ٨٤٨ ، (فيما بعد الوحدة ٨٢٠٠ ، وهي وحدة التنصت بالجيش الإسرائيلي).

فقد أفاد “يحمور: بأن مجموعة المستشارين العسكريين السوفيت في مصر وسوريا تغادر الدولتين ، كانت هذه علامة واضحة على أن الحرب باتت وشيكة .

رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية والجزء الأكبر من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ظلوا أسرى لذلك المفهوم ، فلقد اعتقدوا جميعاً أن مصر لن تهاجم إسرائيل إلا إذا توافر شرطان :

١ – أن تحصل مصر من  الإتحاد السوفيتي على مقاتلات قادرة على مضاهاة الطائرات الإسرائيلية ، وكذلك مدمرات وصواريخ قادرة على مهاجمة العمق الإسرائيلي .

٢ – ضمان تعاون الدول العربية الأخرى معها في أي مواجهة عسكرية ضد إسرائيل .

وطالما لم يتم إستيفاء هذان الشرطان ، بحسب ذلك المفهوم ، فلايوجد أي احتمال لهجوم مصري …

مصر سوف تهدد ، تستفز ، تُجري مناورات وتستعرض عضلاتها ، لكنها لن تشن الحرب.. جميعهم كانوا على علم بأن مصر لم تحصل على المدمرات .

هذه المرة أيضاً في جلسة الحكومة التي انعقدت في صباح السادس من أكتوبر ١٩٧٣م ، ترعرع ذلك المفهوم البائس في عقول غالبية الحضور ، فلم يكن فقط زعيرا ، وإنما أيضاً غالبية وزراءالحكومة تشككوا في مصداقية الخبر بشأن الهجوم المصري السوري الوشيك .

وكان الملاك قد نقل مرتين في الماضي ، ( في نوفمبر  ١٩٧٢ ومايو  ١٩٧٣)  معلومتين خاطئتين حول حرب وشيكه ، في مايو ١٩٧٣ تم استدعاء الإحتياط الإسرائيلي ، وهو ما كلف الدولة مبالغ طائلة ، حوالي ٣٥ مليون دولار .

كان الجميع في تلك  الجلسة الطارئة  على علم بمدى خطورة الوضع، ومع ذلك قرروا استدعاء الإحتياطي على نطاق محدود ، كما قرر الوزراء عدم المبادرة بهجمة استباقية لسلاح الجو على القوات المصرية الهائلة على امتداد قناة السويس .

كان رئيس الموساد تسيفي زامير مُصِرًا على رأيه ، فالحرب وشيكة ولقد أبلغ الملاك بهجوم مصري سوري مشترك يبدأ مع أخر ضوء في نهار اليوم .

قبل  الساعة ١٤٠٠ ،  وبعد  الظهر بقليل ، جمع رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية مراسلي الشئون العسكرية بالصحف ليقول لهم إن هناك إحتمالاً ضعيفاً فحسب لإندلاع حرب ، وفجأة  دخل أحد مساعديه ووضع أمامه ورقة ،

فقرأها زعيرا  ولم ينطق بحرف واحد … أخذ غطاء رأسه ثم خرج من الغرفة مُسرٍعاً ، بعد مرور دقائق معدودة سمع الجميع دوي صفارات الإنذار .

في وقت لاحق ترددت ادعاءات خطيرة من قيادة شعبة الاستخبارات العسكرية ضد الملاك ، الذي ضلل زامير عندما حدد ساعة الغروب كساعة الصفر للهجوم ، في حين بدأت الحرب في الثانية بعد الظهر .

وبعد فترة اتضح أن الساعة تغيرت في اللحظة الأخيرة بعد مشاورات بين الرئيسين المصري والسوري ، عندئذ كان الملاك في الجو متجهاً إلى لندن .

الغريب أن رجال شعبة الاستخبارات العسكرية غضبوا من الخطأ في تحديد الساعة، وكذلك من التحذيرات السابقة للملاك التي اتضح أنها أنباء خاطئة ، لم يتعامل رجال شعبة الاستخبارات العسكرية مع الملاك كمصدر مخابراتي ، ولكنهم توهموا  انه مندوب للموساد الإسرائيلي في مكتب الرئيس السادات،  ولكنه في الحقيقة كان ولاءه الكامل لمصر وليس لإسرائيل .

عندما أطلقت مصر صاروخي سكود على تجمعات الجيش الإسرائيلي في الدفرسوار ، مما تسبب  في سقوط العديد من القتلى من الجنود الاسرائيلين ، وصل خبر مهدئ من الملاك فحواه أن هيئة الأركان العامة المصرية لا تعتزم استخدام تلك الصواريخ  مرة اخرى ، وأن مصر لن تصعد الهجوم على إسرائيل ، الا اذا هاجمت اسرائيل العمق المصري

فسيكون الرد المصري في العمق الإسرائيلي ..

كما قالها السادات :العمق بالعمق…..

ولكنه في الحقيقة مواطن مصري تمكن من خداع الموساد الإسرائيلي .

شاهد أيضاً

الله عليكم يا مصريين مهما تكونوا….

الله عليكم يا مصريين مهما تكونوا…. رفيق يوسف طبيب سعودي يحكي : أنه في أحد …