أخبار عاجلة

كلمة عن النقد الأدبي

تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ===============
((( كلمة عن النقد الأدبي ٠٠ !! )))

قال قائل لـخلف الأحمر :
إذا سمعت أنا بالشعر واستحسنته فما أبالي ما قلت فيه أنت وأصحابك، فقال له إذا أخذت أنت درهما واستحسنته فقال لك الصراف أنه رديء؛ هل ينفعك استحسانك له؟! ٠
عزيزي القاريء الكريم في البداية الحديث عن ( النقد الأدبي ) ذو شجون و لمَ لا فالنقد يقيم و يبين جماليات النص من خلال الاستحسان و الاستهجان و مواطن الحسن و القبح معا من خلال مقاييس و معايير فنية لعملية الإبداع و التذوق هكذا ٠٠٠

عندما أصدرت كتابي ” سقوط مملكة الشعر في الضحى ” عام 1993 م و تناولت مدخل للأدب العربي و فنونه و مدارسه و النقد مختصر يفتح شهية القاريء الكريم ثم ترجمة و مختارات لشعراء مملكة الشعر العربي ذلكم الكوكبة التي ملكت ملكة ووجهة الشعر من الذين رحلوا في شرخ الشباب و لهم نظراؤهم في الأدب الأجنبي العالمي و تركوا لنا بصمات في ديوان العرب ٠

و كان لي وقفة مع ( النقد الأدبي ) فقد تأثرت بكتاب النقد الأدبي عند العرب لأستاذنا الجليل د٠ محمد طاهر درويش بدار العلوم ، و منذ هذا العهد قمت بمطالعات و قراءات عديدة عن هذا الفن المتميز الذي يعمل العقل من خلاله في تفتح مبهر حيث نعيش حالة الإبداع الفني بالفكر و الوجدان و لغة البيان مع كافة أجناس الأدب العربي و فنونه عبر عصوره و مراحله التي تتميز بمسحة البيئة حسب الأزهار و تقدير حالة الأدب و الاهتمام برجالاته مما جعل الحكام يقربون الشعراء و الأدباء و أهل اللغة مع العلماء تجاه محراب أهل الحل و العقد تتويجا لدورهم الثقافي و الحضاري وصنع القرار ٠٠

و مما لا شك فيه و لا جدال يتصدر ” النقد الأدبي ” مقدمة الحكم على الأعمال بالجودة و الرداءة بغية تقديم المشاعر القائمة على الفكر و الوجدان في قالب متميز كما بين الروح و المادة في بناء متماسك تتوافر فيه المعايير و المقاييس التي يسير في اتجاهه العمل الأدبي في خط سير محمود البنيان و البيان في تباين و تلاقي ٠٠
و التركيز على :
نقد الأسلوب وطريقة الأديب خاصة و التراكيب و الأفكار وصوغها في عبارات وجمل حول الموضوع الواحد و المفردات و المعاني والتصوير و البناء و الخيال و الوضوح وشروط صحة الكلام والمشاكلة بين الألفاظ و القيم الجمالية و الابتكار في تطبيقات النقد حول بعض النصوص الأدبية واستقلال الأدب في خط بياني لكشف أسراره و إنشاء الأدب المقارن ونظرياته الواضحة الفاحصة بالشرح و التحليل و التعليل على أساس العقل و المنطق و المشاعر والوجدان بتذوق حسي كلها عوامل ذات صلة بالنقد الأدبي ٠

و من هذا المنطلق نتأمل الخطوط العريضة لهذا الفن الرائع ” النقــــــــــــد ”
و علي أية حال هدف النقد الأدبي النظر و التقيم و التفسير و الحكم على فنون الأدب و إبراز محاسنه و مهاجنه كي يستفيد المتلقي و المتذوق لهذا العمل المتوافر معايشة النص و التجربة بكافة ظلاله في دراية وحيادية لمجموع عناصر مكونة بكل نظرياته و تجاربه وحالته من فكر و عاطفة وخيال و لغة و بلاغة و موسيقى و ودلالات ورأي يؤمن به المتذوق كي يعدل من قيمه المهتزة نوعا ما ٠

فدراسة الأدب و تحليله تبرز مكانته السامية كالجواهرجي الذي يقيم النفائس بميزان الذهب لندرة الشيء و ارتفاع منزلته في المجتمع و من ثم تبدو لي رؤية النقد من خلال فهمي الخاص لقوالبه و أصوله و روحه المتطورة مع تداعيات الزمان و المكان و المحتوى فالبيئة هى
حاضنة هذا ” الفن ” و هو يعكس كالمرآة الأوضاع التي تمس الحياة بظلالها المعنوية و المادية كما وكيفا ٠
و من ثم لا نمتلك بعد هذا الحس الراقي لهذا العلم و الفن و الذوق الناعم المتعلق بالمشاعر المرهفة هنا بأسلوب أدبي موشح بروح العلم المتأدب الفاتح لكل مراكز الحواس في تلقائية تخدم الفن و المجتمع معا ٠
و تظل مسيرة النقد الأدبي المنهجي القائمة على البحث عند العرب الأقحاح بداية من العصر الجاهلي حتي الحداثة المعاصرة الملاصقة لعصر النهضة و التطور في شتى ألوان الحياة الفن الأول المتصدر على الساحة بين كافة الفنون الجميلة المتعارف عليها محليا و عالميا ٠
فأجناس الأدب من ” شعر و نثر ” شعر فصحى عمودي و حر تفعيلي – و شعر شعبي – و قصة و أقصوصة و رواية و مقال و مسرحية بأنواعها و موشح و قواما و دوبيت و خطابة ثم السرد هلم ٠٠٠ جرا ٠
كلها فروع تصدرت ساحات الإبداع الأدبي الفن عالجها ” النقد الأدبي ” منذ النشأة بجانب الفنون الجميلة السبع أيضا ٠

لكننا نقف مع ( الشـــــــــــــــعر ) هذا الفن الذي يجسد تلك الشعور من خلال الطرح الموزون ذات المعنى العميق و الدلالات المستفيضة بكل المفاهيم المتداركة
و من هنا منذ العصر الجاهلي احتكم الشعراء إلى شعراء نقاد مثل : حسان و الخنساء و خيمة النقد قبة النابغة ٠٠٠
و امرؤ القيس و علقمة الفحل و أم جندب سيدة النقد الأدبي الراقي
و عرف العرب أسواق الشعر ” عكاظ و ذي المجنة و المربد ٠٠٠ ” ٠
و قد نقد الشعر رسولنا الكريم صلي الله عليه و سلم ، و الفاروق عمر بن الخطاب ، و سكينة بنت الحسين و الخلفاء الأمويين و العباسيين و أجازوا العطاء للشعراء المميزين في جوائز فريدة مثبتة في تاريخ الأدب العربي ٠
و لا ننسَ دور حماد الراوية وخلف الأحمر و ابن سلام الجمحي و ابن قتيبة و الأصمعي و المفضل الضبي و ابن عبدربه ٠٠٠
و في عصرنا د٠ محمد مندور و أمين الخولي و الرافعي و طه حسين و العقاد و شوقي ضيف و خفاجي و هيكل و سعد ظلام و علي شلش و أنور المعداوي و عز الدين اسماعيل و النقاش و الطاهر المكي و محمد غنيمي و الزيات و لويس عوض و عياد و الحوفي و مصطفى الشكعة و طاهر درويش و محمودالربيعي و صلاح فضل ٠٠
والشاعر الناقد “صلاح عبدالصبور” والشاعرة الناقدة: نازك الملائكة
و كل هذا علي سبيل المثال لا الحصر ٠٠٠

فالنقد الأدبي ينظر في العمل الفني دراسة و تحليل وكشف عن مواطن الجمال و القبح في العمل الأدبي و لا سيما الشعر غذاء الروح و العقل المتأدب بسمات فنية تهز الوجدان و تعدل من سلوكه في رسالة إلى الإنسانية تخاطب ضمير الأمم في تخلي عن روح الجمود و الأنانية و النظرات العدائية تجاه الشعوب ٠٠٠
عبر مذاهب كلاسكية و رومانسية و نزعة عاطفية وصورة وواقعية في تحليل نفسي اجتماعي تاريخي تكاملي يجنح بنظرية الخيال نحو الأسطورة و الرمز و عدم إغفال العامل المؤثر ، وهذا يتسم بالمصداقية التي تتوافر فيه كافة المعايير للحكم على العمل الشعري في إنصاف وحيادية ودراية ودربة بعيدا عن التعصب و الجهل و الخصومات و معايشة النص و ظروفه بجانب الممارسة و التعليل سلبا و إيجابا للوقوف على مواطن القوى و الضعف بضوابط داخل علوم اللغة العربية ٠
فطريق النقد وعر و شائك يحتاج إلى محطات تكشف الغموض في تلقائية و مباشرة كالصياد الماهر باستعداده ومهارته الفطرية و المكتسبة ، في إطار أدوات تستخدم لإبراز القيم الفنية و التذوق المتشعب مع مراحله و مكوناته و نوعه وحالته و الأسلوب و اللغة و الخيال و الإيقاع الموسيقى و الغرض من وراء كل هذا لا ينبغِ السكوت عنه عند النقد ٠
و أرى هنا بعد هذا المدخل عدم الإغراق في نظريات أجنبية ومصطلحات غريبة غربية واقحامنا في هرطلة ، أضف إلى تحميل العمل الأدبي العربي طلاسم و مسميات تقيده و تعجمه خارج المعايير العربية وأضحت المعالم لا مفردات و تقاسيم دخيلة ٠٠
فلابد للشاعر أن يتقبل نقد تجربته كي يستفيد من القراءات أو يطمئن علي مجهوداته الفنية أو يعدل أو يضيف إليها من خلال الممارسة و الانفعال و التوحد مع الحالة الشعورية ووحدة العمل الأدبي في رؤية وملامح كاشفة جمالية داخل تدفق بهيج و منهجي موضوعي و ثنائية بين طرفي حلقة الإبداع( المرسل و المتلقي ) للعمل الأدبي و الشعري إضافة إلي المخزون والموروث والثقافة العربية مع التجديد في الملامح شكلا ومضمونا
إضافة إلى الغرض القديم من غزل و فخر و حماسة و رثاء و مديح ٠٠
فاليوم نجد الباعث السياسي و المقاومة و الحداثة المدنية ٠٠٠
و قد تناول هذه الأغراض النقد الموضوعي و المنهجي و الموازن و المقارن كلها تدفع إلى الجودة في تقييم كل ما يخدم عملية الإبداع فطريا و مكتسبا في تناغم ووحدة ٠٠
و أخيرا أقول لك أيها المبدع لا تحزن و لا تغضب من النقد القائم على قيم و أصول فنية و علمية منهجية في حياد لا خصومة فليس النقد بمثابة معاول هدم
٠
لتحقيق القصد من وراء المقولة ” علينا أن نقول و عليكم أن تحكموا ٠٠ !! ”
و ثمة أصناف لا تلتفت إلي النقد مطلقا لكن نذكر لهم هذه الرواية الجميلة التي توضح لنا قيمة النقد مهما كانت النتائج المترتبة علي العمل الفني ٠

و لذا قال قائل لـخلف الأحمر :
إذا سمعت أنا بالشعر واستحسنته فما أبالي ما قلت فيه أنت وأصحابك، فقال له إذا أخذت أنت درهما واستحسنته فقال لك الصراف أنه ردي؛ هل ينفعك استحسانك له؟! ٠

و بالنقد تم الكشف عن الذخائر عبر العصور و تربعت قصائد على عرش ديوان العرب الخالد عندما ناقشها النقاد و تداولت و كتب لها الشيوع و الذيوع على الساحة الأدبية
و لذا كان واجبي أن أحلق بـــــ ( كلمة عن النقد الأدبي ) من باب المعرفة و المسؤولية و الأمانة حتى يقف المبدع المبتدئ و الشيخ العازف عن المناقشة فلولا تعدد الأذواق لبارت السلع، و ما عرفنا الغث من السمين و الجمال من القبح و الجيد من الرديء هكذا يكون مفهوم النقد الحكيم بمصداقية و إنصاف بعيدا عن الميول لمذهب أو مدرسة أو نوع الشخص في سمو يساهم في إنجاح العمل الأدبي بكافة الأنواع و مفردات النقد الأدبي على حد سواء ٠
و للحديث بقية إن شاء الله ٠

شاهد أيضاً

الله عليكم يا مصريين مهما تكونوا….

الله عليكم يا مصريين مهما تكونوا…. رفيق يوسف طبيب سعودي يحكي : أنه في أحد …