كتبت: هبة إسماعيل
على من يقع اللوم؟
• على الجاني الذي يرى نفسه “بيعمل اللي عليه” لأنه يوفّر الطعام، ويدلّل زوجته بأشياء غير أساسية مثل الشيبسي والأندومي، ثم يعتبر رفضها للمعاشرة — حتى لو لأسباب مرضية — إهانة لرجولته تستحق العقاب؟
• أم على أمّ الجاني التي لا ترى في الأمر شيئًا غريبًا: “هو بيضرب زوجته… وده عادي”، وحدث مرارًا وتكرارًا، فكانت أقصى استجابة: روائح بسيطة وقليل من العصير؟
• أم على أسرة العروس التي تعتنق الثقافة نفسها: الضرب عادي، والتحمّل قدر، والصبر حكمة؟
تخيّلوا… كل هذه الأفكار تُعتبر “طبيعية” عند أفراد يعيشون على بُعد ساعة من بيتك.
وعندما تقع الجريمة، يصدم البعض، ويسخر آخرون، ويتحوّل الحدث إلى ضجة… بينما يتم تجاهل الأخطر: فارق المعايير والثقافة والوعي.
ومن هنا يخرج السؤال المؤلم:
هل حملات التوعية ضد العنف وصلت فعلًا إلى مستحقيها؟
أم أننا نُعيد تدوير الرسائل داخل الدوائر الآمنة — ندوات في قاعات مغلقة، وحضور من الشريحة المثقفة أصلًا — بينما البيئات التي تُطبّع العنف لا تسمع الرسالة، أو لا تثق بها، أو لا تُقدَّم لها بلغتها اليومية؟
التوعية الحقيقية ليست “محتوى جميلًا” ولا شعارات موسمية، بل اختراق اجتماعي يصل إلى البيوت التي ترى الضرب حقًا، لا إلى البيوت التي ترفضه مسبقًا. يصل إلى الأماكن التي تحتاج أن تتعلم معنى “التراضي”، وحدود السلطة، وأن كلمة “لا” ليست إهانة، وأن الكرامة ليست رفاهية.
وقبل كل شيء، يجب أن ندرك أن فرق الطبقات في المجتمع ليس خطرًا على “الطبقة الأقل” فقط، بل قنبلة موقوتة تهدد الجميع. حين تتسع الفجوة — ماديًا وثقافيًا — يتحوّل الاحتكاك اليومي إلى صدام معايير: غضب، واحتقان، وعنف، وجرائم أكثر قسوة. وعندها يدفع الثمن كل الناس: الفقير يفقد الأمان، والمتوسط يفقد الاستقرار، والغني يفقد الإحساس بالحماية. لأن المجتمع شبكة واحدة… إذا اهتزّ طرفها، ارتجّ الجميع.
لن تُنقذنا الدموع ولا “الترندات”. ما ينقذنا هو قرار جماعي بإعادة تعريف “العادي”:
أن نرفع سقف الاحترام، ونكسر دائرة الصمت، ونُصرّ أن الكرامة حق للجميع…
لأن أي مجتمع يساوم على كرامة أفراده، سيدفع الثمن أمنًا وسلامًا داخل كل بيت
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 