ظِلُّ الذِّكْرَى
بقلم/ عبدالحميد أحمد حمودة
رَأَيْتُ الحَيَاةَ سَرَابًا طَوِيلَا
فَعُمْرِي يَذُوبُ وَحُزْنِي ثَقِيلَا
أُفَتِّشُ عَنِّي بِلَيْلٍ كَئِيبٍ
فَلَا شَيْءَ إِلَّا صَدًى أَوْ رَحِيلَا
أُنَاجِي خَطَايَايَ وَسْطَ الدُّرُوبِ
فَتَسْجُنُنِي الذِّكْرُ قَيْدًا ثَقِيلَا
تُشَعْلِلُ فِي القَلْبِ نَارَ الأَسَى
وَتَزْرَعُ فِي الرُّوحِ هَمًّا جَلِيلَا
سَكَنْتُ فُؤَادِي جِرَاحُ السِّنِينَ
فَأَمْسَتْ دُمُوعِي تَسِيلُ سَبِيلَا
كَتَبْتُ قَصِيدِي لَعَلِّي أُدَاوِي
فَأَبَى الأَسَى أَنْ يَكُونَ خَلِيلَا
صَرَخْتُ: كَفَانِي عَذَابًا طَوِيلًا
فَزَادَ صَدَايَ جِرَاحًا تَمِيلَا
يَعُودُ صَدَى المَاضِي هَمْسًا إِلَيَّ
يَقُولُ: سَيَبْقَى الجِرَاحُ دَلِيلَا
تَعُودُ وُجُوهٌ غَدَتْ غَائِبَاتٍ
وَتَخْنُقُ قَلْبِي ظِلَالًا ثَقِيلَا
رَأَيْتُ زَمَانِي مَلِيئًا بِفَرْحٍ
فَذَابَ، وَأَمْسَى سَرَابًا طَوِيلَا
وَكَانَتْ حِكَايَا، وَكَانَتْ أَمَانٍ
وَكَانَتْ أَحْلَامُ قَلْبِي الجَمِيلَا
فَصَارَتْ ذِكْرَى تُؤَرِّقُ رُوحِي
وَتَبْقَى بِدَرْبِي صَدًى مُسْتَحِيلَا
كُلَّمَا نَسِيتُ طُيُوفًا تَعُودُ
لِتُشْعِلَ فِي دَاخِلِي العَوِيلَا
تُرَافِقُنِي فِي مَنَامِي قَصِيرًا
وَتَتْرُكُ فِي الرُّوحِ جُرْحًا ثَقِيلَا
وَمَهْمَا تَمَادَتْ سُنُونُ اللَّيَالِي
سَتَبْقَى الذِّكْرَى رَفِيقًا أَصِيلَا
ذِكْرَاهَا فِي القَلْبِ نَارٌ مُقِيمَةْ
كَظِلٍّ يُلَازِمُنِي طَوِيلَا