كتبت:هبة إسماعيل
أزمة هذه الانتخابات لم تبدأ عند الصندوق، بل من اللحظة التي تم فيها “تسعير” الكرسي، واعتراض قيادات حزبية محترمة على المغالاة… ثم تم تجاهلهم تمامًا.
تلت ذلك استقالات لأسماء لها تاريخ ورسالة، ثم اختيارات عشوائية:
وجوه غير معروفة، بلا تاريخ حزبي ولا عمل مجتمعي واضح،
تبديل نواب بين دوائر كأنها كراسي في صالة انتظار،
ونقل شخصيات من حزب لآخر بسهولة زرار “نقل” و”لصق”.
كل هذا خلق شعورًا عميقًا بأن ما يجري بعيد عن العدالة والكفاءة، وأن الشارع آخر من يُؤخَذ رأيه في ما يُطبخ باسمه.
وسط هذا المشهد، يصبح عتاب المواطن المحتاج الذي اضطر لبيع صوته تحت ضغط الحاجة عتابًا في غير موضعه؛ فالأصل أن نواجه من خلق البيئة التي حوّلت الصوت إلى سلعة، لا من انحشر في زاوية الفقر وقلة الحيلة. ترك المخالفات الرئيسية التي أدت إلى هذه الصورة المزعجة — من تسعير المقاعد، وشراء الولاءات، وتدوير الوجوه — ثم صبّ الغضب كله على الأضعف في السلسلة هو قلب للمعادلة. إذا أردنا نتائج مختلفة فعلًا، فعلينا أن نعالج أولًا المنظومة التي دفعت الناس إلى هذا السلوك، قبل أن نرفع إصبع الاتهام في وجه من يبحث عن لقمة العيش.
وحين وصلت بعض ملامح الأزمة إلى رئيس الجمهورية، ظهرت إشارة إلى “تصحيح”، لكن ما نراه حتى الآن لا يتجاوز تعديلًا محدودًا في بعض الدوائر، بينما أصل المشكلة في منهج الإعداد كله، لا في رقم مقعد هنا أو هناك.
الحقيقة أن ما يحدث الآن ليس تصحيحًا لمسار كامل، بل تعديلًا شكليًا على سطح مشهد مضطرب.
المشكلة في الوصفة ذاتها، لا في درجة حرارة الفرن.
لا يمكن أن نطلب من صنّاع الأزمة أن يكونوا هم أنفسهم مهندسي الحل، ولا أن نُصرّ على استكمال “الطبخة” بينما رفض الناس رائحتها قبل أن تُقدَّم لهم.
التجاهل حوّل التعليقات إلى اعتراض، والاعتراض إلى غضب، واستمرار التجاهل يقرّبنا من لحظة لا تُحمد عواقبها.
الحل واضح زي الشمس:
تذوّقوا الطبخة قبل أن تُقدَّم للشعب،
استمعوا للصوت الذي تم تجاهله منذ البداية،
ولا تطلبوا من صُنّاع المشكلة أن يتولّوا وحدهم مهمة “تصحيحها”.
ما زال أمامنا فرصة ألا تتحول هذه الجولة إلى جولة خسارة جديدة في رصيد الثقة بين الشارع والسياسة…
لكن هذه الفرصة لن تُغتنم ونحن نصرّ على استكمال نفس الطبخة، بنفس المكونات، وعلى نفس نار التجاهل
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 