سكان غزة يرفضون النزوح والمشهد يتعقد أمام الجيش الإسرائيلي
كتب بلال سمير
نقلاً عن رويترز: غالبية سكان غزة يرفضون النزوح والمشهد يتعقد أمام الجيش الإسرائيلي
أثارت أوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي لسكان مدينة غزة بالإخلاء نحو منطقة المواصي الصغيرة جنوب قطاع غزة، حالة من الارتباك بين سكان مدينة غزة البالغ عددهم مليون نسمة.
وقالت الغالبية العظمى إنها ستبقى في المدينة لأنه لا يوجد أي مكان آخر آمن، فيما وقال بعض سكان غزة إنه لا خيار أمامهم سوى المغادرة إلى الجنوب.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “أقول لسكان غزة: اغتنموا هذه الفرصة وأصغوا إليّ جيدا: تم تحذيركم، غادروا الآن!”.
ونزح سكان غزة مرات عدة منذ بدء الحرب في أكتوبر تشرين الأول 2023، وظلوا يتنقلون بين شمال القطاع وجنوبه في ظل أزمة إنسانية متفاقمة ومجاعة قاسية.
وأصدر الجيش الإسرائيلي تعليمات لسكان مدينة غزة بالانتقال إلى منطقة المواصي في خان يونس، والتي يصنفها “منطقة إنسانية”.
وتعقّد خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة جهود وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الدائرة منذ قرابة عامين.
وانعقدت آمال على جهود الوساطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار لمنع إسرائيل من تنفيذ خطة السيطرة على أكبر مركز حضري في القطاع.
ويأتي الهجوم في الوقت الذي أعلنت فيه دول أوروبية عدة، تشعر بالغضب من القصف الإسرائيلي في غزة، أنها ستعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، وهي خطوة ترفضها إسرائيل.
يقول منتقدون دوليون إن خطة إسرائيل، التي تتضمن إخلاء القطاع بأكمله من السلاح مع السيطرة الأمنية عليه، قد تفاقم المحنة الإنسانية لسكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.
وقد صرح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة:
أكثر من 1.2 مليون إنسان ما زالوا في مدينة غزة وشمالها، ثابتين في أرضهم، يرفضون بشكل قاطع النزوح نحو الجنوب رغم شدة القصف والإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول تنفيذ جريمة “التهجير القسري” المخالفة لكل القوانين الدولية.
يبلغ عدد سكان غزة وشمالها أكثر من 1.3 مليون نسمة، منهم نحو 398 ألفاً من سكان محافظة شمال غزة (غالبيتهم نازحون حالياً إلى غرب غزة)، وأكثر من 914 ألفاً من سكان محافظة غزة، بينهم 300 ألف نزحوا من الأحياء الشرقية للمدينة نحو وسطها وغربها.
خلال الأيام الماضية، رصدت الطواقم الحكومية ظاهرة “النزوح العكسي” من الجنوب نحو غزة وشمالها، حيث اضطر نحو 35 ألف مواطن للنزوح جنوباً تحت وطأة القصف، لكن أكثر من 12 ألفاً عادوا إلى مناطقهم الأصلية حتى مساء الأحد الماضي، في ظل انعدام مقومات الحياة في الجنوب.
منطقة المواصي في خان يونس ورفح، التي تضم حالياً نحو 800 ألف نسمة، وتُسوّقها سلطات الاحتلال زوراً كمناطق “إنسانية وآمنة”، تعرضت لـ 109 غارات وقصف متكرر خلفت أكثر من 2000 شهيد في مجازر متتالية يرتكبها جيش الاحتلال في المواصي.
هذه المناطق تفتقر تماماً إلى مقومات الحياة الحقيقية فلا وجود فعلي لمستشفيات ولا وجود لبنية تحتية، ولا تتوافر فيها أي خدمات أساسية من ماء أو غذاء أو مأوى أو كهرباء أو تعليم، ما يجعل البقاء فيها شبه مستحيل.
المساحة التي حددها الاحتلال في خرائطه كمناطق “إيواء” لا تتجاوز 12% من مساحة قطاع غزة، ويحاول الاحتلال حشر أكثر من 1.7 مليون إنسان فيها، في سياسة “تهجير قسري” ممنهجة تهدف لإفراغ شمال غزة ومدينة غزة، وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم مخالفة للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني.
ندين بأشد العبارات استمرار جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، ونستنكر الصمت الدولي المعيب والتقاعس عن القيام بالواجبات القانونية والأخلاقية في مواجهتها.
نحمّل الاحتلال الإسرائيلي وحليفه الاستراتيجي، الإدارة الأمريكية، والدول المنخرطة في الإبادة، نحملهم المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم الممنهجة وما يترتب عليها من تبعات قانونية دولية.
نطالب المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمحاكم والمؤسسات القانونية الدولية، بالتحرك الفوري والفعّال لوقف هذه الانتهاكات، وملاحقة قادة الاحتلال أمام المحاكم المختصة، وضمان حماية المدنيين وحقهم في البقاء على أرضهم بأمان وكرامة.