سبب إندلاع حرب البسوس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن حرب البسوس التي دارت رحاها في شبه جزيرة العرب منذ أكثر من ألف وخمسمائة عام، وقيل أنه إندلعت شرارة حرب البسوس في جنوب الجزيرة العربية بين قبيلتي تغلب بن وائل، وبني شيبان إثر مقتل كليب بن ربيعة التغلبي الذي من قبيلة تغلب بن وائل على يد الجسّاس بن مرّة الشيباني من قبيلة بكر بن وائل، ويشير التاريخ إلى أن الحرب لم تضع أوزارها إلا بعد أربعين عاما من إندلاعها عام خمسمائة وأربعة وثلاثون من الميلاد.
وإن حرب البسوس واحدة من الحروب الطويلة الأمد التي إندلعت نيرانها بين قبيلتين من الحجاز، ويُضرب بها المثل كأكبر حرب للأخذ بالثأر، ويقال بأنها قد إندلعت بشكل محدد في منطقة الباحة في وادي الخيضان في مضارب ديار بكر وتغلب، وتداولت كتب التاريخ أن سبب إندلاع حرب البسوس هي ناقة، حيث كانت هذه الناقة ترافق إبنة منقذ في زيارة لمضارب بني بكر وكانت قد توجهت إلى بئر يعود لقبيلة تغلب لتروي ظمأها، وكانت هذه اللحظة بمثابة شرارة للحرب، حيث قام كليب بن ربيعة ملك قبيلة تغلب بقتل هذه الناقة كونها شربت دون إذنه، وعند بلوغ النبأ إلى خالة جسّاس وهي “البسوس بنت المنقذ” غضبت غضبا شديدا لمقتل ناقتها، وأمرت ابن أختها الجسّاس بأخذ ثأرها من قبيلة تغلب وذلك بقتل ملك القبيلة كليب، وبالفعل أقدم الجسّاس على قتل كليب بن ربيعه.
ليأتي الزير سالم أبو ليلى المهلهل ويقود حربا جديدة إنتقاما لمقتل أخيه كليب وتمكن من الفوز، وإشتد القتال بين القبيلتين لمدة أربعين عاما، ووضعت الحرب أوزارها بعد مقتل الجسّاس بن مرة على يد المهلهل، وكان النصر حليف قبيلة تغلب، وقد شهدت حرب البسوس عدة وقائع طوال فترة إندلاعها، وقسّمت هذه الوقائع إلى أيام ومن أهمها هو يوم النهي وهو اليوم الذي التقت به جموع بني شيبان حلفاء بني بكر وبني تغلب عند الماء، وكان الحارث بن مرة يترأس حشود بني شيبان، بينما كان عدي بن ربيعة أو المعروف بأبي ليلى المهلهل سيد قومه، حقق بنو تغلب انتصارا في ذلك اليوم وأوقعوا من بني شيبان عددا كبيرا من القتلى، وكما أن من أيام حرب البسوس هو يوم زبيد كان التكافؤ وهي سمة ميزت هذا اليوم عن سائر أيام الحرب.
حيث إن الطرفين لم ينتصرا على بعضهما البعض، وكما أن من أيام حرب البسوس هو يوم الذنائب وهو اليوم الذي تحالفت فيه قبيلة بني بكر مع بني ذهل بن ثعلبة، ويعتبر هذا اليوم عظيما لدى بني بكر لما حققوه من إنتصارات على بني شيبان ومن حالفهم، وأسقطوا عددا كبيرا من القتلى في ذلك اليوم، وكما أن من أيام حرب البسوس هو يوم واردات، ويوم عويرضات، ويوم أنيق، هذا وصلوا وسلموا على أفضل المرسلين وخاتم النبيين، رسول رب العالمين محمد الصادق الأمين، فقد ندبكم لذلك ربكم القوي المتين، اللهم صلي وسلم على نبينا محمد صلاة وسلام ممتدين دائمين إلى يوم الدين، اللهم وزده ثناء وتعظيما وتشريفا وتكريما، اللهم وارض عن آله الأطهار وصحابته الأبرار المهاجرين منهم والأنصار وعنا معهم بمنك وكرمك يا رحيم يا غفار.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى وهيئ له البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه يارب العالمين.