بقلم الدكتورة/ إيمان نوار
التكنولوجيا في رمضان سلاح ذو حدين فالإنسان يسعى دائمًا لجعل حياته أفضل، ولا شك أن وسائل الاتصال التكنولوجية استحدثت لتحقيق ذلك، وما زالت التكنولوجيا تأتى كل يوم بالجديد في كل نواحي الحياة؛ حيث تلعب دورًا كبيرًا فى حياتنا المعاصرة، فوسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة أحدثت طفرة في المجتمعات الإسلامية على مدار العام عامة وفي شهر رمضان الكريم خاصة، وبالرغم من إيجابياتها ومنها تسهيل الوصول إلى المواد الدينية و التخطيط لمواعيد الصلاة و تسهيل التبرعات الخيرية والرسائل الروحية النصية منها والحركية إلا أن لها سلبيات من شأنها أن تحرم المسلم من الغاية التي شُرِعَ من أجلها الصيام، وهي التقوى، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(.البقرة، 183 ).
وكما هو الواضح من الآية فإن الغرض من الصيام هو استغلال الوقت في رمضان في العبادة وتقوى الله سبحانه وتعالى وليس اللهو وقضاء الوقت علي وسائل التواصل الاجتماعي وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ.
ولذا يجب على المسلم في رمضان أن يشد الهمة وأن يستغل نهار رمضان في العمل والعبادة وألا يضيع وقته حتى يكون من الفائزين في شهر رمضان بالمغفرة والرحمة والعتق من الناروكذلك يجب على الصائم أن يستغل ليله في العبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالي.
يجب على المسلم أن يعلم أن الوقت نعمة كبيرة، وهوأمانة عليه أن يحافظ عليه، وأن يستغله فى الطاعة والعمل الصالح وهذه النعمة «أى الوقت» مغبون «أى محسود » فيها كثير من الناس، واللحظة التى تمر عليك لن تعود ثانية، وستسأل عنها أمام الله عز وجل، لقوله ﷺ: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟”.
ومن هنا يجب قصر استعمال الاتصالات الحديثة على الضرورة فقط، لأنها فى غير ذلك تعد إهدارًا للوقت وضياعًا للعمر، فضلا عما يمكن أن يؤدى هذا السرف من الوقوع فى مخالفات شرعية وما أكثرها، لذا على الصائم أن يشغل وقت فراغه فى هذا الشهر العظيم فى القربات والطاعات بشتى أنواعها حتى ينال الثواب الأعظم، ومنها أن يحافظ على الصلوات المفروضة والسنن والنوافل والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى من خلال الأدعية والأذكار والتصدق وصلة الأرحام، ويكون ممن
قال الله تعالى فى حقهم «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ»(العنكبوت،69 ) هذا فضلًا عن السعى على المعاش للكسب الحلال وتوفيرحياة كريمة لأسرته، والمسلم الذى يجعل هذا هدفا له فى رمضان لن يجد متسعًا لوسائل الاتصال لأنها حينئذ ستكون مضيعة للوقت، وستخرج من دائرة أولوياته.
وفى الليل ينبغى للصائم قضاء ليله فى الذكر وصلاة التراويح والتهجد وتلاوة القرآن، ومن هنا أثنى النبى صلى الله عليه وسلم على الصائم القانت القائم. وفي رواية الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مثلُ المجاهد في سبيل الله، كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاة ولا صيامٍ حتى يرجع.
وتحسّن التكنولوجيا من تفاعل وتواصل الموظّفين فيما بينهم أثناء العمل، بالإضافة إلى تسهيل تبادل المعلومات المتعلقة بالعمل، هذا إلى جانب دعم عملية صنع القرار؛ وهذا يؤدي إلى توفير كثير من الوقت أثناء الصيام، والذي يمكن اغتنامه في الكثير من المهام التي تفيد العمل مثل تبادل الخبرات وتنمية المهارات وغيرها.
كما تساعد الطلاب على أداء واجباتهم، وتمكينهم من التعلم عن بعد في الوقت المناسب لهم، إذ يمكن من خلال التكنولوجيا حضور دورات تدريبيّة، وتعلّم دروس مختلفة دينية وتعليمية منها وحياتية مباشرة عبر الإنترنت على مدى العام وخاصة في رمضان.
أما علي المستوي الاجتماعي تساعد التساعد التكنولوجيا المسلم على صلة الأرحام، والبقاء على اتصال معهم مهما بعدت المسافة من خلال التواصل الصوتي والمرئي، أو إرسال الرسائل النصية.
وتحقق التكنولوجيا أيضًا التسلية والمتعة الملائمة للأطفال أثناء الصيام عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال اللعب على ألعاب الكمبيوتر المختلفة؛ فتقلل لديهم الشعور بالتعب أو الجوع، مما يساعدنا في تدريبهم على الصوم.
أما على المستوي الصحي وصلت التكنولوجيا إلى مساعدة الصائم للتغلب على ما قد يتعرض له من أزمات صحية أثناء الصوم؛ حيث يمكن متابعة الحالة الصحية من خلال الأجهزة التي تعمل على قياس ضربات القلب وانتظامها أو اضطرابها ، وكذلك الأجهزة التي تعمل على التنبيه في حال القيام بمجهود كبير قد يعود على الصحة بالضرر مثل الساعات الذكية.
كذلك يمكن للتكنولوجيا المساعدة في تزكية النفس وزيادة الإيمان بالتنويه إلى أوقات الصلاة ؛ حيث تسهل من الوصول إلى القرآن الكريم وتفسيره والفتاوى الدينية. تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال.