رمضان شهر الانتصارات

بقلم الدكتورة / هبة المالكي – مدرس أصول الفقه بكلية الدراسات الاسلامية والعربية

رمضان شهر عظيم الخيرات عظيم الفضل حيث امتن الله تعالى به على عباده تكفيرا للذنوب وتهيئة للنفوس وطهارة لها حتى تسمو وترقى بقمع النفس عن الشهوات وإيثار حب الله عن حب غيره سبحانه قال تعالى ” قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا” [سورة الشمس:9، 10].

وأعظم انتصار يتحقق في هذا الشهر هو الانتصار على النفس بقمع رغباتها وأهوائها ، وشهر رمضان شهر الخيرات ووضح ذلك جليا في أن القرآن الكريم وهو الكتاب المبين الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه نزل على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر من هذا الشهر الكريم جملة واحدة ثم نزل بعد ذلك منجما أي مفرقا حسب الأحداث والوقائع .

ورمضان بجانب أنه شهر العبادة وشهر القرآن والقرب من الله فهو شهر العمل والانتصارات ففي أكتوبرِ سنة 1973م، العاشرِ مِن رمضانَ سنة 1393هـ كان نصرُ السادسِ مِن أكتوبرِ المجيدِ، الذي كان يومَ استعادةِ الأرضِ والكرامةِ، فعبرت الجيوش العربية قناة السويس وحطمت أسطورة “الجيش الإسرائيلي” الذي لا يقهر، وهدموا بحمد الله خط بارليف.

فكان النصرُ المجيدُ في شهرِ الصيامِ والقيامِ وقد برزتْ فيهِ شجاعةُ الجنديِ المصريِ وبسالتُهُ وتضحيتُهُ في سبيلِ وطنهِ. ولا زالتْ قواتُنَا المسلحةُ الباسلةُ درعًا وسيفًا لوطنِهَا، حفظَ اللهُ مصرَ قائدًا حكيمًا، وشعبًا كريمًا، وحفظَ قواتَنَا المسلحةَ الباسلةَ.

ولايفوتنا في هذا المقام الكريم أن نرجع بتاريخنا منذ عهد نبينا الكريم صلوات الله وتسليماته عليه فغزوة بدر الكبرى التي فرق الله فيها بين الحق والباطل كانت في رمضان ، حيث وقعت في يوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية من الهجرة.

وفيها ظهر الحق والنصر وقمع الله تعالى فيها يد الباطل والكفر والجحود قال تعالى : “وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (سورة آل عمران آية 123) ، ومن أهم الفتوحات الإسلامية التي كانت في هذا الشهر الكريم فتح مكة الذي كان في العام الثامن من الهجرة.

قال ابن القيم في زاد المعاد في وصفه لفتح مكة المكرمة ما نصه: إنه الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحرمه الأمين، وفي رمضانَ عام (658هـ).كانتْ معركةُ عينِ جالوت التي أعزَّ اللهُ فيها المسلمين بقيادةِ السلطان قطز والقائد العسكري بيبرس ، و موقعة حطين كانت في رمضان سنة 584هـ بقيادة صلاح الدين.

وغير ذلك من الغزوات والمعارك والفتوحات التي كانت في هذا الشهر الكريم المبارك وفي هذا ما يؤكد أن هذا الشهر شهر الجود والرحمة والفتوحات والانتصارات.

وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم هذا الشهر الكريم بقوله ” قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم”.