حين تعلم القلب كيف يضيء وحده
بقلم/نشأت البسيوني
لم يكن الطريق سهلا ولم يكن القلب يوما محصنا من الخيبات لكن شيئا ما بداخله كان يهمس دائما حتى وإن انكسر الضوء سيبقى في الشقوق ما يكفي من وهج لتكمل المسير تعود أن يعيش مع الفقد كما يتعايش البحر مع الموج يرتفع حينا ويهدأ حينا لكنه لا يفقد هويته أبدا صار يعرف أن الوجع لا يزول بالهرب بل يشفى بالمواجهة وأن النسيان لا يأتي صدفة بل يبنى على يقين أن ما رحل لم يكن قدره في لياليه الطويلة حين كان السكون يغمر كل شيء كان يسمع داخله ضجيجا لا يشبه أصوات البشر ضجيج الذكريات وصوت الخطأ الذي ما زال يعتذر في صمت وصدى المواقف التي لم يجد لها يوما تفسيرا لكنه رغم كل ذلك كان يبتسم ابتسامة خفيفة كأنها إقرار بالهزيمة من الخارج لكنها في الحقيقة انتصار من الداخل لأن البقاء بعد كل هذا هو في حد ذاته شكل من أشكال القوة أدرك أن لا أحد يبقى للأبد وأن أجمل اللحظات هي تلك التي تمر سريعا لكنها تترك في القلب بصمة لا تنسى أدرك أيضا أن الله لا يبتلي ليعاقب بل ليطهر وأن الصبر ليس استسلاما بل ثقة بأن بعد الغيم شمسا لا بد أن تشرق صار يختار الصمت حين يكون الكلام ضعفا ويختار البعد حين يكون القرب خذلانا ويختار نفسه حين يتنازع عليه العالم تعلم أن السلام لا يشترى بل يصنع من الداخل وأن أعظم انتصار هو أن يخرج من المعارك القديمة حي القلب ولأن الحياة لا تعطي إشارات عبثا بدأت تبتسم له بطرق غريبة في ضحكة طفل صادفها في الطريق في كلمة شكر من غريب لم يعرفه إلا لحظة وفي صباح بدا مختلفا رغم أنه يشبه كل الصباحات شيئا فشيئا أدرك أن الروح التي جربت السقوط هي ذاتها التي تستطيع أن تحلق أعلى من الجميع لأن الألم حين يهذب يتحول إلى بصيرة والبصيرة حين تكتمل تصنع إنسانا يرى بنور قلبه لا بعينيه وهكذا صار يكتب رسالته الأخيرة إلى نفسه إن ضاقت بك الدنيا تذكر أنك خلقت لتقاوم لا لتنهزم وأن الله لا يكتب سطرا في حياتك إلا وفي آخره معنى وأن أجمل الحكايات هي تلك التي تروى بعد الوجع لا قبله ثم أغلق الرسالة ووضعها في قلبه وسار نحو غده بخطوات واثقة كمن غفر للماضي وابتسم للحاضر وصدق أن الغد أجمل مما يتخيل
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 