أخبار عاجلة

تغريدة الشعر العربي

تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر
===============
الشاعر الفيلسوف الأندلسي ابن باجة ( ١٠٨٥ – ١١٣٨ م)
وُلد في سرقسطة بإسبانيا – والوفاة فاس بالمغرب ،عمل بالفلسفة، علم الفلك، الفيزياء، الرياضيات، الموسيقى، الطب٠

أَسُكَّــانَ نَعمــــانِ الأَراكِ تَيَقَّنـــوا.. بِــأَنَّـــكُــمُ في رَبعِ قَلبِيَ سُكَّانُ

وَدوموا عَلى حِفظِ الــوِدادِ فَطــالَما.. بُلينــا بِأَقوامٍ إِذا حُفِظوا خانوا

سَلــوا اللَّيلَ عَنّي مُذ تَناءَت دِيارُكُــم.. هَــلِ اِكتَحَلَت بالغمضِ لي فيهِ أَجفانُ

وَهَل جَرَّدَت أَسيافَ بَرقٍ
دِيارُكُم.. فَكانَتْ لَها إِلَّا جُفونِيَ أَجفانُ ٠

٠٠٠٠٠٠٠
* هذا الملف إهداء إلى الأخ والصديق أستاذ الفكر السياسي عادل أبو سكين * ٠
ان الحديث عن الأندلس جنة الأرض ذلكم الفردوس المفقود و الجنة الضائعة ذو شجون ٠
و لم َ فقد مكث العرب فيها حضارة زهاء ثمانية قرون حتى سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الغرب٠
و لا ننس غرناطة و اشبيلية و قصور بني الأحمر وابن المعتمد و الرومكية وولادة و ابن زيدون الوزير العاشق ٠٠

نعم كانت شبه الجزيرة الأيبيريَّة هى الأندلس أسبانيا اليوم ٠
وكتبت عن الأندلس والفتوحات والأمراء و الأدب و الشعراء بحوث مطولة ٠٠
حيث كانت الأندلس في نهاية القرن الخامس الهجري قد انقسمت عدة ممالك صغيرة عرف حكامها بملوك الطوائف، وكان نصارى الشمال يهددون هذه الممالك حتى جاء المرابطون وقضوا على هؤلاء الملوك الذين انغمسوا في الترف، «ولاح إذ ذاك ان زمن الثقافة الرفيعة والبحث الحر قد انقضى» .
كما يقول دي بور ـ تاريخ الفلسفة الإسلامية ـ ولم يجرؤ على الظهور إلا رجال الدين ولاسيما رجال الحديث، أما الفلاسفة فقد كانوا عرضة للاضطهاد أو القتل. ويؤيد هذه الحقيقة إحراق كتاب «إحياء علوم الدين» للإمام أبي حامد الغزالي بأمر أمير المسلمين المرابطي علي بن يوسف بن تاشفين.

بعد أن تعرفنا على بيئة الأندلس العلمية و الفكرية والثقافية ومدى تأثيرها في الغرب بعد ان نقل أهل المشرق إليها كل حضارة بغداد ثم بنى الاندلسيون عليها كل علم وفن بديع هكذا ٠

نتوقف هنا في سطور مجملة مع ابن باجة الفيلسوف و الطبيب و الشاعر الأندلسي العظيم ، و لم لا فقد اشتهرت كتبه في الشرق والغرب، وظلت مرجعاً هاماً للفلاسفة حتى القرن السابع عشر.. إنه ابن باجة، الفيلسوف الأندلسي الذي أثر في فلاسفة الغرب ومات مسموماً.

* نشأته :
======
نشأ وتعلم ابن باجة
أبو بكر محمد بن يحيى الصائغ المشهور بابن باجة في مدينة ( سرقسطة ) شمال شرقي الأندلس في الربع الأخير من القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي.

درس ابن باجة علوم الإسلام النقلية والعقلية وعلوم العربية، كما ألم بالرياضيات والفلك والطب، لكن أكثر ما استهواه كان الفلسفة.

وكانت مدينته في هذه الفترة تواجه الهجوم الصليبي المتكرر من مملكة أرغون، وعندما سقطت المدنة في أيدي الأرغونيين، هجرها ابن باجة إلى إشبيلية ومنها إلى بلنسية ثم إلى شاطبة، ممتهناً الطب الذي كان حاذقاً فيه، ومن هناك انتقل إلى المغرب.

* مع فلسفة ابن باجة : وتأثيرها تأثر الكثير من الفلاسفة العرب والأوروبيين بفكر ابن باجة، ومن بينهم ابن طفيل وابن رشد، وكذلك موسى بن ميمون، الفيلسوف اليهودي الذي اتفق معه في مسألة الفضائل الأخلاقية.

كما تأثر به فلاسفة الغرب خاصةً الفيلسوف الألماني إكهارت، الذي انتهج التصوف العقلاني، والفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا الذي نجد في كتابه “علم الأخلاق” نقاط التقاء كثيرة مع ابن باجة.

وبالإضافة إلى أعماله الفلسفية، عُرف عن ابن باجة اهتمامه بعلوم السياسة والفلك والموسيقى والموشحات والرياضيات والطب والعلوم الطبيعية، كما اشتهر بتأسيس الفلسفة على أسس علمية رياضية وطبيعية.

وفاة ابن باجة وإرثه
بعد لمعان نجمه وسط بلاط المرابطين في المغرب، واجه ابن باجة الدسائس والمؤامرات والمكائد وتأليب الجماهير عليه، واتهامه بالإلحاد والزندقة.

وقد مات ابن باجة مسموماً سنة 533 هـ/1138 م، بعدما خلّف وراءه 27 كتاباً لا تزال معتمدة في دراسة الفلسفة حتى اليوم.
تشير عدة مصادر إلى أنه قتل مسموما في مدينة فاس المغربية من قبل بعض خصومه من الأطباء والأدباء.
رغم موقف المرابطين المتشدد من العلماء أمثال بن باجة، إلا أنه عين قاضيا على مراكش مؤلفاته: يسرد ابن أبي أصيبعة لائحة بثمانية وعشرين مؤلفاً ينسبها إلى ابن باجّه، تقع في ثلاث فئات مختلفة: شروح أرسطوطاليس، تآليف اشراقية، ومصنفات طبية. فمن تآليفه في الطب: كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس، كتاب التجربتين على أدوية ابن وافد، وكتاب اختصار الحاوي للرازي وكلام في المزاج بما هو طبي.

* شاعرية ابن باجة :
————————
ولابن باجّه مقطوعات شعرية ينثرها أشتاتاً في كل اتجاه، وقد نظم في الموشح ويُروى أن ابن تيفلويت أعجب بموشح مدحه فيه فحلف ألاّ يمشي الشاعر إلى داره إلا على الذهب، فجعل ابن باجّه في نعله ذهباً، ليبرّ يمينه.
وشعره دقيق المعاني، أكثره في المديح والهجاء والرثاء والنسيب، من ذلك قوله في مديح الملثمين:

قوم إذا انتقبوا رأيتَ أهلّة

وإذا همُ سَفروا رأيت بدوراً

وقوله في رثاء أبي بكر الصنهاجي:

وسألنا متى اللقاءُ فقيلَ الحشرُ

قلنا صبراً إليه وحزناً

وأكثر شعره دلالة على شخصه وفنّه قوله وهو يُحتضر:

أقول لنفسي حين قابلها الردى

فراغت فراراً منه يُسْرى إلى يُمنى

قَرِي تحملي بعضَ الذي تكرهينه

فقد طـالما اعتدت الفرار إلى الأهنا ٠
مختارات من شعره :
——————————
ونختم لابن باجة بهذه المقطوعة الشعرية الرائعة و التي يصور فيها عمق رؤيته بين التأمل في الطبيعة وحسن خياله بين الروض وريح الصبا قائلا ٠٠ :
ضَرَبوا القِبابَ على أقاحـة
روضــةٍ.. خَطَــر النَّسيمُ بها ففاحَ عبيرا

وتركْتُ قلبـي ســارٍ بَيْنَ حمـولِهم.. دامــي الكلومِ يَسوقُ تِلكَ العيرا

هلَّا ســألْتَ أسيــرَهُم هَلْ عندَهم.. عَـــانٍ يُفَكُّ ولو سألْتَ غيورا

لا والَّذي جَعلَ الغُصُــونَ مَعَاطِفــاً.. لَــهُم وصَاغ الأقْحُوَانَ ثغورا

مَــا مرَّ بي رِيحُ الصَّبــا مِنْ بعدِهِـــم.. إلَّا شهقْتُ لَهُ، فعَادَ سَعيرا ٠

هذه كانت قراءة في عالم الفيلسوف و الشاعر و الطبيب العربي الأندلسي ابن باجة الذي طالته يد الغدر حقدا وحسدا فقدمت له السم دسا لتقضي عليه ٠٠
لكن يظل علمه و فكره وإبداعه يغمر الشرق و الغرب حتى اليوم ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء ٠

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …