كتبت:هبة إسماعيل
في السنوات الأخيرة، تحركت الدولة بقوة في اتجاه التحديث والتطوير: خطط للتحول الرقمي، ومشروعات لميكنة الخدمات، ومنصات إلكترونية، ومحاولات لتسهيل الإجراءات. لكن جزءًا كبيرًا من هذا المجهود يتبخر عندما يصطدم المواطن بـ”الموظف المنتهي الصلاحية”؛ ذلك النموذج الذي لم يعد مناسبًا لعصر يتحدث عن الكفاءة والحوكمة واحترام الوقت وكرامة الإنسان
قد تمتلك المؤسسة مبنى حديثًا، ونظامًا رقميًا متطورًا، وموقعًا إلكترونيًا أنيقًا… لكن كل ذلك يسقط في أول لحظة يقف فيها المواطن أمام شباك يواجه خلفه موظفًا متجهمًا، بطيئًا، يردّد الجملة المعتادة: “السيستم واقع… ارجع بكرة”.
في السنوات الأخيرة، تحرّكت الدولة بقوة نحو التطوير والتحديث، خاصة في ملف التحول الرقمي. لكن جزءًا من هذا الجهد يضيع عندما نصطدم بما يمكن تسميته بـ “الموظف المنتهي الصلاحية”؛ ليس لعمره، بل لأن أسلوبه وطريقة تفكيره لم تعودا صالحتين لعصر يتحدث عن الكفاءة واحترام وقت المواطن وكرامته.
جوهر الأزمة أن التطوير غالبًا ما يتركّز على المباني والأنظمة، بينما يتم تجاهل تطوير العنصر البشري:
موظف يرفض التدريب، يرى الكرسي ملكية شخصية، ويتعامل مع المواطن كأنه عبء لا صاحب حق. هذا النموذج لا يعطل معاملة واحدة فقط، بل يشوّه صورة مؤسسة كاملة، ويُرسِّخ في ذهن الناس انطباعًا قاسيًا مفاده أن كل ما يُقال عن الإصلاح لا يظهر في الواقع.
التحول الرقمي وحده لا يكفي.
النظام الإلكتروني يحتاج إلى موظف مؤهل، مقتنع بدوره، يعرف كيف يستخدم الأدوات الجديدة، ويتعامل مع المواطنين باحترام. وإلا تحوّلت مشروعات التطوير إلى ديكور جميل يخفي خلفه ممارسة قديمة، فتعود الجملة المؤلمة لتسيطر على وعي الناس: “ما فيش فايدة”.
الحل يبدأ بالاعتراف بأن الاستثمار في الإنسان هو مفتاح نجاح كل خطة: رؤية واضحة لدور الموظف كواجهة للدولة، تدريب حقيقي مستمر، ربط الحوافز والترقيات بجودة الخدمة ورضا المواطنين، ونظام تقييم ومساءلة يكرّم النماذج المشرّفة ويواجه من يصرّ على تعطيل التغيير.
عندها فقط، سيشعر المواطن أن التطوير ليس لافتة على مبنى، بل تجربة حقيقية يلمسها في أول مكتب وأول شباك… وأن زمن “الموظف المنتهي الصلاحية” انتهى، لتحل محله ثقافة جديدة تليق بدولة تريد أن تتقدم
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 