أخبار عاجلة

المطية

المطية

خربشات غسان
المطية
هربا من حرارة الصيف أفضل الصعود إلى الجبال … سنديانة بقمة ذلك الجبل كانت ملاذي بنسماتها العليلة وفيئها الكثيف الذي يغطي نصف الجبل لكبر حجمها وعمرها الذي فاق المائة عام .
كنت أحسب أني الوحيد الذي يحب الإختباء بظلها والتمتع بمنادمتها فهي صديقتي وتمتلك القدرة للولوج إلى مكنونات روحي تتغلغل بسحرها كياني ويمنحي بلسما لكل أوجاعي مهما كانت مستعصية .
رأيته يستلقي ساندا رأسه إليها منهكا وكأنه منذ ثوان إنتهى من أكثر الأعمال مشقة صوت لهاثه يسمع لمسافات .
يحدثها بصوت خافت ولكنه ولهدوء المكان تسمع كل كلمة يقولها مما دفعني للجلوس صامتا الإنسان بفطرته يحب أن يستمع فضول خلق مع تكوينه :
صديقتي وبالأصح بعضا من روحي ..
أنت تدركين كم أحبك وأحب أن أبثك فرحي وحزني اليوم أنا هنا لأتوسلك بطلب أعلم لن تمتنعي عن تلبيته لي ورغم ذلك ها أنا أتوسلك أن لا ترفضي طلبي .
سنين مضت وأنا أبذل الجهد والعرق لنصل بختام تعبنا يوما نحصد به السكينة والهدوء أنا ومن يقترض أني تقاسمت الحياة معهم سنين تجاوزت عن كل الأخطاء الكبيرة والصغيرة لأضمن مكانة لعائلتي تمنح أولادي الإنطلاق والنجاح لما قد يكتسبوه من إرث بعد وفاتي من مكانة في محترمة في مجتمعهم هي كل ما أملك وهي من تفتح ٱفاق غدهم وتنيره كنت أعتذر لمن يخطئ بحقي بستثناء الأخطاء التي تمس الشرف والكرامة .
زرعت الحب زرعت دروب الصداقة والأخوة التي لا تعرف المصلحة والغدر .
هذه ثروتي التي وهي إرثي فأنا كل ما جنيته من مال كان يصرف لتعليمهم ولراحتهم لم أكنز ولم أبخل يوما .
طمعي الوحيد أن يكون خريف عمري هادئا … مبتسما دافئا …
أقضي أخر أيامي باحثا عما يمنحني التقرب من خالقي فأنا اليوم كل دقيقة يقترب لقائي به .
حلمت أن أقضيه بين أحفادي أراقبهم أسمع ضحكتهم .
ستقولين لي كانت أحلامي بقدر بساطتها قد تكون كبيرة بجوهرها .
هي بالنسبة لي تعتبر كنزا بحجم العالم أجمع .
وها أنا اليوم أكتشف أن تلك الأحلام كانت سراب قضيت عمري أسعى خلفه …خيال يشبه حلم طفل بلباس العيد …
خلال السنين التي مضت وبسبب إنشغالي بإسعاد من حولي …بضمان مستقبل من أحببت وخريف من يفترض أنه شاركني هذه الحياة بكل تقلباتها وأنا أستخدم جسدي وروحي وكل جوارحي لتحقيق ذلك لم أدرك أني كنت واهما … مطية .
أدات يدارونها ويحاولون إبقائها تعمل مثل ألة ينتظرون منها عملا معينا تصان لأجله حتى ينتهي هذا العمل وعندها تصبح بلا قيمة لا مكان لها سوى سلة المهملات لا أحد يكترث بها الجميع يتعفف من وجودها .
لم يعد يعنيني ذلك النسيم الذي طالما حاولت تنشقه معتقدا أنه نسيم عليل ليظهر أنه لهب حارق ينتظرني متى تنتهي الحاجة لي .
صديقتي يامن كنت بلسمي وجذورك تتفرع داخل فوأدي هل تقبلين بي بجوارك أسند رأسي إليك تمنحيني بعض الدفء أم أنك قد ترفضين وجودي كما هم .أحن لأن تحتويني قرب جذورك الدافئة كما احتضنت أجدادي
كنت أستمع إليه ويا لجمال ما رأيت .
رأيت أحد أغصانها المورقة ينحني ليضمه كما تضم الأم وحيدها وهو يرقد مكتفيا بمحبة تلك السنديانة التي تحمل من الصدق والوفاء ما لا يدركه بشري قط .
غسان محسن يوسف (سورية-طرطوس)

شاهد أيضاً

===== خلي صورتك ذكرى =====

===== خلي صورتك ذكرى ===== لو تاني اتقابلنا في سكة واحدة اختفي عني وما تبصليش …