(المتقاعد الشاب )
“الفصل الثالث”
-الكائن-
“الغريب في وطنه”
،،قصص،،
-١٣-
(قضبان عربية)
،،غسيل ،،
عندما سمح له بولوج البوابة الكبيرة ، مشى الرجل
العجوز بإعياء شديد..كانت البوابة هي بداية لممر
طويل جدا ،
كان يرى الجنود في كل مكان يروحون ويجيئون
بينما تخترق أذنه الفاضهم البذيئة ،تعود به الذاكره
إلى الوراء عقد بأكمله قبل أن يلج إبنه الوحيد
تلك البوابة ،
كان يلقب بالفيلسوف في فصله بالمدرسة حتى
تخرج وأصر على تغيير طريقه والإجهار برأيه
كما كان يصر دائما على فرض رأيه وقناعاته على
محاوريه،
لم يصدق نفسه عندما علم أنه سفرج عن إبنه ..
لم يصدق نفسه أنه سيلتقي بابنه الوحيد ويضمه
على صدره ،
وقف أمام رئيس المعتقل بتواضع ..نظر إليه
بسخرية وقال :
“إذن أنت أبو المدعو صخر ؟
“نعم ياسيدي .”
ضغط على زر مثبت على المكتب ..طلب إحضار
صخر ..لحظات و فتح الباب ..إندفع منه شاب
يتنطط كالطفل أو المصاب بالمس ..كان حين
يضحك وحين أخر يرقص ،
نظر الأب إليه بذهول وتساءل وقال:
“مابك يابني ؟”
لكن إبنه لم يرد بل إستمر في حركاته الغريبة ،
أخيرا وصله الجواب فورا عندما ضحك رئيس
المعتقل ضحكة طويلة إستفزازية وقال :
“الأن إبنك أصبح عاقل ،بأمكانك ان تأخذه و
تخرج .
،،بريء،،
بعد الصفعة الأولى التي تلقاها المتهم البريء قرر
أن يعترف على نفسه في جريمة لم يرتكبها ،
لكن هذا لم يشفع له ،لأنه لايمتلك الخيال الواسع
ليمثل كيف إرتكب تلك الجريمة التي لم يرتكبها.
،،كان،،
بعد أن أتم المتهم البريء المدة المحكوم بها في
السجن إستعد للخروج من جديد إلى معترك
الحياة ،وكان يعرف بوطتيته،
مدة طويلة أمضاها صامت..حزين ..مقهور ..سار
في الممر نحو رئيس السجن محني الظهر..طرق
الباب ..سمح له بالدخول ..تقدم من رئيس الشرطة
..إستلم حاجياته..قبل ان يستدير للخروج نهض
رئيس السجن وإستوقفه ..ربت على ظهره وقال
له:
“أرجو ألا يؤثر ذلك على وطنيتك؟”
لكنه رفع رأسه فجأة وكأنه سمع نكتة بعد
سنوات من القهر والظلم ..ضحك بصوت مرتفع
ثم إستدار وخرج.
،،تنكيل ،،
منذ ثلاث سنوات وهو في سجنه ،يؤخذ إلى
المحقق، وهناك عندما لاينطق بأي كلمة يعاد
إلى سجنه المنفرد الضيق ،
وكان السؤال الوحيد الذي يوجه إليه هو :
“ماهو الشيء الذي كنت تريد قوله ولم تقل؟”
،،،مافات ،،
بالرغم من كل الوسائل المتبعة مع الرجل العجوز ، لم يستطع تمثيل الجريمة التي ربما إرتكبها قبل
سنوات وذلك ،وذلك
بسبب إصابته بالزهايمر .
،،بيئة ،،
لم يتم الإفراج عن الرجل الذي قطع الشجرة
لمواجهة فصل الشتاء، حتى بعد ما قامت البلدية
بإزالة جميع أشجار المدينة.
،،منصبك ،،
كان لابد لك من منصب كبير لأستغلال نفوذك
ولتحتمي بحصانتك في كل أمور الحياة..تامر
وتجاب،
وبامكانك حتى “بجرة قلم” أن تزج بمن تريد في
السجن ،تظلم ويبارك ظلمك ..تستمتع بخوف
الأخرين منك ..تحمي جبنك وسط حراسات
مشددة ..تسرق ..تنهب ..تختلس ..تتضخم
ثروتك ،تصنع منها أسرة ..تأكلها..تحرقها ..المهم
عندك هو أن تأخذها من أفواه الأخرين ..من الشرفاء والضعفاء،
تنسى أنك ستترك هذا كله يوما ما وتنام وحيدا
في حفرة مظلمة ..وتسئل عن عمرك كيف
افنيته .
،،غربة ٢٠٢١ ،،
وقفت على محطة الباصات انتظر ..شعرت بإرهاق
السنين كما وأني احمل حمولتي على ظهري ،
وضعت مشترياتي من الخضار والخبز إلى جانبي
وجلست متهالكا على المقعد عندما وقفت العربة
الزرقاء أمامي وكان فيها أربعة رجال بزيهم
الأزرق..دون أن يلقوا التحية ناداني أحدهم..
نهضت وإقتربت منه قبل أن يسترح عمودي
الفقري تماما على المقعد ،
قال لي :
“بطاقتك الشخصية؟”
سنوات عمري ومنذ الطفولة إلى الأن لم تفاجئني أبدا،
فإن البطاقة ذريعة سهلة للتحرش ،أخرجت بطاقتي..أعطيتها له ..نظر إليها واعادها إلي
وغادروا . مر بي رجل عجوز..جلس إلى جانبي …قال لي :
“ماذا يريدون منك هؤلا ال……………. ياحح؟”
قلت بأسف :
“منذ خمسون عاما وأنا لاأعلم السبب ..ففي
الماضي كنت طفلا واليوم إبيض شعر رأسي
وصدري .وانا لاأعلم”
،،،أيضا،،،
………………………………………………………
…………………………؟
(يتبع…)
تيسيرمغاصبه
٢٠١٩
٢٣-١٢-٢٠٢١