القرأنيون من هم ؟؟؟؟؟

القرأنيون من هم ؟؟؟؟؟

د.عبدالواحد الجاسم

القرآنيون اسم يطلق على تيار إسلامي يسمون أنفسهم أهل القرآن و يرون أن القرآن وحده مصدرا وحيدا للإيمان والتشريع في الإسلام.
فهم لا يعترفون بالسنة النبوية ولا الأحاديث و لا الروايات التي تُنسب للنبي محمد عليه وعلى اهل بيته الصلاة والسلام على أساس أن الله قد وعد بحفظ القرآن ويستدلون على ذلك بأن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي اجتمع كافة المسلمين على صحته، بينما الأحاديث فيها اختلاف كثير على صحتها بين الفرق الإسلامية المتعددة. كما لا يعتمد القرآنيون على علماء أهل السنة أو الشيعة لأنهم يستعينون في إستدلالاتهم بمصادر غير القرآن!!!
ويطلقون على أنفسهم “أهل القرآن”. في حين أن القسم الآخر يتمسك بمسمى (مسلمين حنفاء) في إشارة لرفضهم للمذاهب والفرق.
ويعتبر بعض الباحثين أن فكرة إنكار السنة ظهرت لأول مرة على يد الخوارج الذين رفضوا إقامة حد رجم الزاني ومسح الخفين وغيرها من التشريعات المنقولة عبر الرواية عن الرسول والتي غير موجودة في القرآن.

أما أتباع هذا المنهج فيعتقدون أنهم على النهج الصحيح والأصيل الذي كان عليه خاتم النبيين فهو متبع لما أنزله الله عليه ودليلهم في هذا الآية ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ﴾ المائدة (48), ويستدلون بآيات كثيرة أخرى ومنها ﴿كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾

بعض نشاط( الفقه القرآني) يتحججون بروايات جاءت في كتب أهل السنة والجماعة عن كبار الصحابة على رأسهم عمر بن الخطاب رفضوا الحديث ومنعوا تداوله بين المسلمين.

أما في العصر الحديث فظهرت فكرة إنكار السنة في الهند في فترة الاحتلال الإنجليزي على يد( أحمد خان) الذي فسر القرآن بالرأي المحض ، ووضع شروطا تعجيزية لقبول الحديث مما جعله ينكر أغلب الأحاديث.

ثم تلاه عبد الله جكرالوي في باكستان الذي كان يشتغل بدراسة الحديث، من ثم اصطدم بالعديد من الشبهات حوله، فتوصل في النهاية لإنكار كافة الحديث وأن القرآن هو ما أنزله الله على الرسول محمد (ص) وأسس جماعة تسمى أهل الذكر والقرآن وأخيرا غلام أحمد برويز
يَعتبِر د. أحمد صبحي منصور أن جذور القرآنيين بدأت منذ حركة الشيخ محمد عبده الإصلاحية عام 1905فيقول أن “محمد عبده رفض الحديث والتصوف وانتقد البخاري وأنكر الشفاعة
ولكن تلميذه محمد رشيد رضا خالف مبادئه وتعاون مع السلفية وهو أستاذ لحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين”

المنهج القرآني
بهذه الآية القرآنية التالية ينبني كل منهاج أهل القرآن حيث يقول الله إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )فمنهج القرآنيين يعتمد في تدبر القرآن على المنهج العقلي بفهم القرآن بالقرآن.
ويرفضون كلمة تفسير القرآن حيث يعتقدون أن التفسير يكون للشيء الغامض أو المعقد بينما القرآن ميسر للفهم والتدبر كما هو مذكور في القرآن نفسه. كما يرفض القرآنيون روايات أسباب النزول أو التفسيرات المذكورة في كتب التراث، فهم يرون أن عامة المسلمين يقدسون تفسيرات التراث وروايات أسباب النزول حتى وإن تعارضت مع القرآن فيقدمون كلام البشر المشكوك بصحته وسنده على كلام الله المقطوع بصحته.

وحول فهم القرآن بالقرآن فيعمل القرآنيون على فهم مصطلحات القرآن في المواضع المختلفة منه لفهم وتدبر ما تشابه منه. كما لا يعتمد القرآنيون بأقوال السلف أو إجماع العلماء أو القياس وغيرها من مصادر التشريع الإسلامي السنية أو الشيعية أو غيرهما من الفرق التي يطلق عليها القرآنيون مسمى الأديان الأرضية، ومن هذا المنطلق فإنهم يخالفون الفكر الإسلامي السائد منذ عصر أبي حنيفة ومالك و الشافعي وأحمد بن حنبل فيرى القرآنيون أنه فكر حرفي متطرف ومخالف للإسلام الصحيح.

الأفكار والمعتقدات

اولا . لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن
في مخالفة للاعتقاد السائد، هم لا يعتقدون بنسخ الآيات المعروف عند بقية المسلمين وهو أن تلغي إحدى الآيات حكم مذكور في آية أخرى وفقا لما ذكر في القرآن: ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ فمفهوم الآية المذكور هو المعجزة وفقا لفهم القرآنيين.وحجة منصور في هذا وهي مقبولة لدى الكثيرين من علماء اللغة ورجال الفقه القرآني أن النسخ يعني التدوين والإثبات وليس الإلغاء.

ثانيا ..الحديث ليس مصدرا للتشريع

القرآنيون لا يعترفون بوجود وحي ثان مع القرآن وكلام النبي خارج القرآن ليس وحيا من الله وبالتالي غير ملزم للمسلمين ولا يعترف القرآنيون من جهة أخرى بنسبة ما يسمى الأحاديث النبوية للرسول محمد(ص) ويقول القرآنيون في ذلك أن المنهجية التي اتبعت في تصحيح الأحاديث النبوية كانت تفتقر للموضوعية ومخالفة للمنهج العلمي السليم؛ لذلك خرج العديد من الأحاديث في الصحاح التي يختلف فيها المسلمون حتى اليوم، إضافة لقولهم أن من اعتمد تصحيح هذه الأحاديث النبوي هم مجرد أفراد وتصحيحهم قابل للصواب والخطأ، إضافة لاعتمادهم على نهي الرسول محمد (ص) عن تدوين السنة بأحاديث هي الآن في الصحاح، وأن هذه السنة المروية أو الأحاديث لم تدون إلا في القرن الثالث الهجري أي بعد ما يزيد عن المئتين والثمانين عاما على وفاة الرسول(ص). مما يؤكد اعتقادهم بنهي الرسول على الكتابة عنه أولاً، ودخول العديد من الأحاديث الموضوعة والمختلقة على هذه السنة قبل وخلال تدوينها ثلاثة قرون. لهذا يستبعد القرآنيون السنة القولية أو ما يسمى بالأحاديث النبوية من مصادر التشريع الإسلامي فلا يجوز حسب قولهم بناء الشريعة على أسس مشكوك فيها.

وحول أصل الأحاديث النبوية يقول د.أحمد صبحي منصور أن الأمويين عملوا على ترسيخ حكمهم من خلال تلفيق أحاديث ترفع من شأن معاوية بن أبي سفيان و الأمويين والتقليل من شأن معارضيهم مثل الامام علي بن أبي طالب وذريته عليهم السلام أوعبد الله بن الزبير وغيرهم حيث كان يرويها القصاصون في الشوارع والمساجد، كما قام بمثل ذلك العباسيون في تمجيد ابن عباس والتعظيم من شأنه. وعمل ملوك الدولتين من خلال الكهنوت الديني التابع لسلطتهم بخلق أحاديث ونسبتها للنبي تساعد على تثبيت حكمهم وأحاديث أخرى تسمح لهم بالتخلص من معارضيهم مثل أحاديث قتل المرتد، كما كان لهذه الأحاديث الأثر في ظهور الجبرية في العصر الأموي التي اعتبرت كل شيء مقدرا على الإنسان ومن هذه المقادير وجود الحاكم في السلطة. ويرى د. منصور أن الهدف من وراء هذة الأحاديث إلهاء الناس بأمور فرعية عن المطالبة بحقوقهم وتقييد حرية الرأي. كما يعتقد القرآنيون أن بعض الأحاديث دستها بعض الجماعات الفارسية التي دفعتها نظرتهم الشعوبية ورغبتهم لإعادة السيطرة للقومية الفارسية.

ثالثا يعمل القرآنيون بما يسمونه “السنة الفعلية” وهي الأفعال التي انتقلت بالتواتر مثل كيفية الصلاة والحج والزكاة وغيرها من الأمور التي لم تذكر تفصيلا في القرآن ولكن انتقلت من جيل إلى جيل ويكاد يجمع كافة المسلمين على كيفية أدائها دون الحاجة إلى الروايات المذكورة في كتب الحديث.

رابعا القرآنيين يعتبرون أن سنة النبي التي ذكرت في القرآن هي عمل النبي محمد (ص) بما جاء في القرآن والتزامه بمبادئ الإسلام المتمثلة في الوحي الإلهي المنزل عليه وهو القرآن لا أكثر. بناء على ذلك على المسلمين التأسي بالرسول من خلال العمل بما جاء في القرآن وذلك هو فهمهم للآية: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾.

خامسا الإسلام في وجهة نظر القرآنيين يدعو لدولة لا تفرق بين المواطنين على أساس عرقي أو ديني أو غيره، كما أنها دولة ديمقراطية يحكم فيها الشعب نفسه بنفسه، كما أن الدولة الإسلامية في نظر القرآنيين تضمن حرية الرأي والتعبير وتراعي حقوق الإنسان والحريات الشخصية ليست مسوؤله عن إدخال المواطنين الجنة مثلما هو الحال الأنظمة الإسلامية السائدة مثلما في السعودية وإيران وأفغانستان تحت حكم طالبان السابق، فالقرآن لم يذكر أي عقوبات دنيوية ضد من يرتكب معاصي لا تضر الآخرين وتدخل في نطاق الحرية الشخصية، كما لا يذكر عقوبة ضد من يعبر عن رأيه أيا كان أو من يغير عقيدته أو يبدل دينه، بل على العكس فقد دعا إلى حرية الاعتقاد وحرية التعبير واحترام الرأي المخالف.

سادسا يؤمن القرآنيون بعدم عصمة النبي، وبأن النبي بشر يوحى إليه، يجوز أن يخطئ أو أن يصيب، باستثناء في تبليغه للآيات القرآنية فهو معصوم من السهو والخطأ وفقا للنص القرآني.
وكذلك لا يؤمن القرآنيون بعدالة الصحابة، ويرون أنهم لا يكتسبوا العصمة لمجرد رؤيتهم للرسول، وكان منهم المنافق والفاسق وضعيف الإيمان كما كان منهم المؤمنين والصالحين. ويخالف هذا المعتقد معتقد المسلمين السنة في كون كل شخص رأى الرسول وهو على دين الإسلام هو صحابي عدل حتى وإن كان طفلا.

شاهد أيضاً

دعامات القيادة بقلم محمد تقي الدين

دعامات القيادة بقلم محمد تقي الدين القيادة درب العظماء يسعى إليها كل عظيم لكن هيهات …