التعامل بالرشوة وقبولها 

التعامل بالرشوة وقبولها 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد ذكرت المصادر الإسلامية وكتب الفقه الإسلامي الكثير عن أضرار ومخاطر الرشوة علي الفرد والمجتمع، وفي قصة عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم خالصا على يهود خيبر، فجمعوا له حليّا من حُليّ نسائهم، فقال إنكم من أبغض خلق الله إليّ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، أما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت، وإنّا لا نأكلها، فقالوا بهذا قامت السماوات والأرض، وقيل أنه إشتهى عمر بن عبد العزيز رحمه الله تفاحا، فلم يجدوا في بيته ولا ما يشتري به، فخرج وهو الخليفة آنذاك، فتلقّاه غلمان بأطباق التفاح، فتناول واحدة فشمها ثم ردّها إلى الأطباق، فقيل له في ذلك، فقال لا حاجة لي فيها، فقيل له ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يقبلون الهدية. 

 

فقال إنها لأولئك هدية، وإنها للعُمّال بعده رشوة، فيا عباد الله اعلموا أن العبث بالأموال العامة والتصرف بها دون وجه حق وسلبها وإعطاءها لمن لا يستحقها وحجبها عن من يستحقها عن طريق الرشوة من أعظم الموبقات وأشنعها، وهي أمانة في عنق كل من تحمّل الإشراف والمحافظة عليها قال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ” ويقول حبيبكم عليه الصلاة والسلام محذرا كل من يتهاون في المال العام ” إن أقواما يتخوّضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ” رواه البخاري، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فيا سعادة من اتقاه، ويا فوز من خافه في سره ونجواه، فيا عباد الله لقد جاءت شريعة الإسلام بما يحقق الخير للأمة جمعاء، ويحفظ المصالح، ويكفل الأمن والرخاء، ولا يستقيم للمجتمع أمر ولا يتسق له شأن. 

 

إلا إذا قام كل بمسؤولياته، وإلتزم بواجباته، بصدق وإخلاص، وتفاني وتضحية، ومراعاة لحدود الله وأحكامه، وبخاصة ما يتعلق بحفظ المال العام الذي به قوام الأمة وقوتها ليكون عونا على عمارة الأرض، وإحقاق الحق ودرء الباطل، ومما جاءت به الشريعة الغراء النهي الأكيد والزجر الشديد عن جريمة الرشوة أخذا وإعطاء وتوسطا، والرشوة أكل للأموال بالباطل، وتناول للسحت، والله عز وجل يقول ” ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلي الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ” أي لا تصانعوهم بها ولا ترشوهم ليقتطعوا لكم حقا لغيركم، وأنتم تعلمون أنه لا يحل لكم، وهي من صفات اليهود التي ذمهم الله عليها ومقتهم بسببها فقال تعالي ” سماعون للكذب أكالون للسحت ” والرشوة من السحت كما فسره ابن مسعود وغيره، والتعامل بالرشوة وقبولها. 

 

بلاء عظيم فهي مغضبة للرب ومجلبة للعذاب، ففي الحديث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لعن الله الراشي والمرتشي ” رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه، وهي من كبائر الذنوب كما قال أهل العلم كالذهبي وغيره، فيا إخوة الإيمان، اعلموا أن الرشوة داء وبيل ومرض خطير، ضررها على الأفراد والمجتمع عظيم، وفسادها كبير، فما يقع فيها امرؤ إلا ومُحقت منه البركة، وما تدنس بها أحد إلا وذهبت مروءته، وفسدت أخلاقه وساءت عاقبته، والرشوة معشر الفضلاء ما تفشت في مجتمع إلا وغابت منه الفضيلة، وحلت فيه الكراهية محل النصيحة، والخيانة محل الأمانة، والظلم محل العدل وإنتشر الغش والتزوير، وإستغلت الوظيفة العامة، وضيعت الأمانة، وبالرشوة تهدر الحقوق، وتعطل المصالح، وبها يقدم السفيه الخامل، ويبعد المجدّ العامل، فكم ضيّعت من حق، ورفعت من لئيم، وأهانت من كريم.

شاهد أيضاً

بروتوكولات آل صهيون

بروتوكولات آل صهيون بقلم الأديب المصرى  د. طارق رضوان جمعة    هناك قرابة حميمة بينك …

” أنا وقيس وعنترة “

” أنا وقيس وعنترة “ ‘ ثلاثة مجانين وأنثى لا تُرى ‘ (الخشبة مظلمة . …