الاعتداء الوحشي على الطفل محمد يهز قرية ميت العز
في قلب قرية ميت العز الهادئة التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، لم تكن تلك الليلة كسابقاتها، هزت أركانها جريمة ارتكبها الحقد الأعمى، وتطايرت أنوار البراءة لتتبدل بظلام الغيرة العمياء.
طفل لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، محمد السيد عنتر، ابن القرية الذي كبر وسط تلاوات القرآن الكريم، وجد نفسه فجأة ضحية لجريمة مروعة.
محمد الذي أحب القرآن منذ نعومة أظافره، حفظه بتلاوة شجية تلامس القلوب، لم يكن يعرف سوى السعي نحو الأفضل في كل مجال من مجالات حياته.
صبي ذو قلب نقي، يملأ المسجد بصوته في كل صلاة، حتى أن تسجيلاته القرآنية كانت تجذب الكبار قبل الصغار.
محمد كان قدوة لأبناء القرية، وكانوا يرونه مثلاً أعلى في الأخلاق والدين، ونموذجًا يُقتدى به في حفظ القرآن وتفوقه الدراسي والرياضي، كان طفلًا ينير الطريق لمن حوله، فكيف لطفل بهذا النقاء أن يُستهدف بمثل هذا الحقد الغادر؟
في تلك الليلة التي لا تُنسى، وبينما كان محمد يسير نحو المسجد كعادته، اقترب منه طفل آخر كان يُفترض أن يكون رفيقه في طريق العبادة، لكن بدلاً من التوجه إلى بيت الله، انحرف هذا الطفل المملوء بالغيرة والحسد عن مسار النور إلى الظلام، لينهال عليه بوحشية لا يصدقها عقل، وبضربات لا ترحم، انفجرت قرنية عين محمد، لتسقط كل أحلامه في لحظة دامية.
الحادثة هزت القرية بأكملها، كيف يمكن لطفل أن يعتدي بهذه القسوة على زميله الذي لم يعرف إلا الخير؟ كيف يمكن للغيرة أن تزرع في قلب طفل هذا الكم من الكراهية والعدوان؟
أهالي ميت العز أصيبوا بالصدمة والذهول، فمحمد لم يكن مجرد طفل، كان قدوة ومثالًا للتفوق، عشق القرآن وتفوق في دراسته كما حصل على الحزام الأسود في الكاراتيه إلى جانب رخصة قيادة الحاسب الآلي، وكانت صورته محفورة في قلوب الجميع.
اليوم، يرقد محمد في مستشفى صيدناوي بالزقازيق، حيث يكافح من أجل استعادة بصره وصحته، بينما يقف والداه المكلومان بجواره، يحملان الأمل في أن ينال العدالة.
“لن يضيع حق ابني”، يقول والده بحزم، رافضًا كل محاولات التوسط أو التسوية، فالحادثة ليست مجرد ضرب وإصابة، بل هي اعتداء على البراءة وعلى القرآن الكريم الذي ينبض في قلب محمد.
أما القرية، فقد غمرها الغضب والاشمئزاز من هذا الحادث المروع، الجميع يُطالب بمحاسبة الجاني، وبتوعية الأطفال بمخاطر الغيرة والحسد.
كيف يمكن أن يتحول طفل بريء إلى أداة لتدمير زميله؟ كيف لمثل هذه المشاعر أن تجد طريقها إلى قلوب صغيرة كان من المفترض أن تكون مليئة بالمحبة والتسامح؟
في خضم هذه المأساة، يبقى محمد رمزًا للالتزام وحب القرآن، ورغم كل ما مر به من ظلم وعدوان، فإن روحه النقية لن تنكسر، وسيظل مثالاً للصمود والإيمان.
تلك الحادثة يجب أن تكون جرس إنذار لكل أسرة ومجتمع، التربية لا تقتصر على السلوكيات فقط، بل تمتد إلى تهذيب النفوس وتطهير القلوب من الغيرة والحسد.
ما حدث لمحمد ربما لا يمكن إصلاحه، لكنه بالتأكيد يمكن أن يكون عبرة لمن يعتبر.
محمد، الذي كان يسير في طريق النور، لم يكن يستحق أن يُقطع عليه الطريق بهذا الظلام الحالك.
نطلب من الله تعالى أن يشفيه، ومن العدالة أن تأخذ مجراها دون محاباة لأحد.