أخبار عاجلة

الأم واستقرار المجتمع

الأم واستقرار المجتمع

بقلم الدكتورة: إيمان نوار
الأم هي الضمان الوحيد لاستقرار المجتمع وتطوره والمحافظة عليه، فهي الجدة والأم والزوجة والإبنة وهي الأسرة بكاملها ولا نبالغ إذا قلنا أن الأم هي المجتمع بأكمله فهي نصف المجتمع وهي من تنجب النصف الآخر. ومن ثم فإن الأم الصالحة هي نواة المجتمع الصالح إن أردنا تقدمًا وإصلاحا.
وهنا يقول د. علي قائمي أستاذ علم النفس والتربية “الأمهات إن عقدن العزم قادرات على أن يكن شافيات وأن يحققن المعجزات، ولا شك في هذا الكلام ابدًا”
وتقول فيلما رودولف لاعبة ألعاب القوى الأمريكية والبطلة الأولمبية التي أصيبت في طفولتها بشلل الأطفال ولكن مع العلاج وإصرار والدتها تعافت حتى أصبحت بطلة أوليمبية: “أخبرني الأطباء أنني لن استطيع السـير ثانية، ولكن أمي قالت لي أنني سأفعل، فصدقت أمي”.
أما العالِم الشهير توماس أديسون المخترع العبقري الذي توقع الكل فشله، إلا أمه التي راهنت على نجاحه وتحدت الجميع بما فيهم المدرسون الذين طردوا ابنها من المدرسة لغرابة تفكيره، وقامت بتعليمه وتثقيفه بالبيت، وأحضرت له كتب التاريخ والأدب والعلوم ومنحته الثقة بالنفس، لذلك قال عنها: الأم هي أطيب كائن؛ لقد دافعت عني أمي بقوة عندما وصفني أستاذي بالفاسد، وعزمت أن أكون جديرًا بثقتها ولولا ثقتها بي لما اخترعت، أمي هي التي صنعتني لأنها احترمتني ووثقت بي وأشعرتني أنني أهم شخص في الحياة فأصبحت مهمًا.
فهي بمثابة مصد الرياح التي تحافظ عليه من أي انحرافات ، من خلال تربيتها السليمة والقويمة لأبنائها، فهي حصن الأمان للمجتمعات، ومن هنا فإن مهمة الأم تُعَد من أهم وأصعب المهام في العالم.
لذلك يقول الأديب الروسي الشهير مكسيم جوركي “الأمهات هن فقط القادرات على التفكير في المستقبل لأنهن ينجبنه من خلال أطفالهن”.
ويقول نابليون بونابرت الإمبراطور الفرنسي الشهير مستقبل الولد صنع أمه والأم التي تهز المهد بيسارها تهز العالم بيمينها.
ويقول سقراط: لم أطمئن قط إلا وأنا في حضن أمي، أما محمد على كلاي فقال: كل القلوب يغيرها الوقت، إلا قلب الأم جنة دائمة.
وهكذا نُدرك دورالام في رقي المجتمع فهي أحد الأعمدة الأساسية التي يقوم عليها نجاح أي مجتمع ورقيه وتطوره، فإذا نجحت في القيام بدورها ومسؤوليتها داخل الأسرة امتد أثرهذا النجاح ليشمل المجتمع بأثره.
يقول الشاعر المصري حافظ إبراهيم في قصيدته (الأم ):
الأُمُّ مدرَسةٌ إِذا أَعددتَها أَعددتَ
شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأمّ روضٌ إن تعهّده الحياة
بالريّ أورق أُيُماً إيراق
وهنا يقول الشاعر الكُردي جميل الزهاوي “لَيْـسَ يَرْقَـى الأَبْنَـاءُ فِـي أُمَّـةٍ مَـا لَـمْ تَكُـنْ قَـدْ تَـرَقَّـتْ الأُمَّـهَاتُ”.”
ونتمنى ألا تقلل أي أم من قدراتها، وأن تسعى لامتلاك أفضل الوسائل للتعامل مع أبنائها وتتقن فلترة النصائح التي تقرأها أو تشاهدها أو تستمع إليها من صديقاتها، وتراقب نتائج تنفيذها لهذه النصائح، وأن تغير في طرق تعاملها مع أبنائها، وتوازن بين الحزم والحنان، وتعرف أن الأول ليس قسوة ولكنها “رحمة” وكالدواء الذي إن لم نعطه للأبناء ستتراجع صحتهم.
وفي الأدب يقول الشاعر حامد الصفدي:
الأمّ تذوب لكي نحيا ونذوق من العمر هناه
الأمّ بحار من خير والبحر تدوم عطاياه
أمّاه أحبّك يا عمري يا بهجة قلبي ومناه
ضمّيني واسقيني حبّاً ودعيني أحلم أمّاه
ولذلك كَرَّمها الله سبحانه وتعالى، وذكرها في محكم قرآنه فقال عَزوجَل
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُه ثَلَاثُونَ شَهْرًا).
وقال تعالى: ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ).
نلاحظ أن الله عز وجل قدم بر الأم على بر الأب، فالأم هي التي تكبدت مشاق الحمل ، ووضعت وأرضعت وسهرت وعانت وتحملت بصبر وحب ورغبة.
ونختم تلك الأقاويل بأفضل الكلام وهو كلام الرسول محمد عليه الصلاة والسلام حيث جَاءَ إليه معاوية بن جاهمة فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ، وَقَدْ جِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ»؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَالْزَمْهَا؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلِهَا”.
دعا الإسلام إلى برّ الوالدَين والإحسان إليهما، إلّا أنّه أولى الأمّ اهتماماً خاصاً، وقد دلّ على ذلك
قول رسول الله ﷺ عندما جاءه رجل يسأله مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسنِ صَحابَتي؟ قال: أمُّكَ، قال: ثمَّ مَن؟ قال: أمُّكَ، قال: ثمَّ مَن؟ قال: أمُّكَ، قال: ثمَّ مَن؟ قال: أبُوكَ، ثمَّ أدناكَ فأدناكَ). فكرر كلمة ” الأم ” ثلاثاً للتأكيد على أهمية وحيوية وفاعلية دورالأم في حياة الأفراد والمجتمعات.
وقوله صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللهَ يُوصِيكمْ بِأمَّهاتِكمْ -ثلاثًا-، إنَّ اللهَ تعالَى يُوصيكُمْ بآبائِكمْ -مرَّتيْنِ-، إنَّ اللهَ تعالَى يُوصيكُمْ بالأقْرَبَ فالأقْرَبَ).
يقول أبو العلاء المعري:
العيشُ ماضٍ فأكرِمْ والدَيكَ بهِ
والأُمُّ أوْلى بإكرامٍ وإحسانِ
ومن هنا يُعدُّ برُّ الوالدين، بشكل عام ، والأم بشكل خاص، والإحسان إليهما من أسمى معاني الطاعات لله تعالى حيث يفتح أبواب الرحمة، ويزيدُ من بركة العمر والرزق، ويُثقل ميزان الحسنات، ويُميط الأذى عن القلب، ويُيسر الأمورجميعها، كما أنّ طاعةَ الأم وبرّها فيها امتثالٌ لأوامر الله تعالى ورسوله ﷺ وهذا بحدّ ذاته مَدعاةٌ لبرّها في كلّ وقت، فهنيئًا لمن كانت أمّه راضية عنه، وهنيئًا لمن أعطاها حقّها وأطاع الله فيها، وقيل في الأثرإن رجلاً، في الحج، كان يحمل أمه، أثناء تأدية المناسك، فقال لعبد الله بن عمر: أرأيتني أعطيتها حقها، فقال بن عمر لا ولا طلقة من طلقات الولادة.
ولكن عليهم أن وهذا يدل على إن الأبناء مهما فعلوا فلن يستطيعوا أن يوفوا الأم حقها،
يعاملوا معاملة حسنة تليق بمكانتها ، وتقديراً لما فعلته معهم، فالأم هي خير العطايا وأكبر النِعم.
وفي ذلك يقول الإمام الشافعي: واخضع لأمك وأرضها فعقوقها إِحـدى
الكبـر والأم هي الحجر الأساسي لتكوين الأسرة ، والعمود الفقري العاطفي للعائلة ، إذ تقوم بالعديد من التضحيات لأبنائها وعائلتها، فحب الأم هو من الحب النادر الغير مشروط.
ورغبة من المجتمع في إحداث تقدم ملموس،على كل المستويات الديني والأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي وغيرها، وجه ومازال يوجه جل اهتماماته بالأم.
ومنها تحديد الدولة بعمل يوم للأم، في الواحد والعشرين من شهر مارس، مع اعتبار أن كل العام هي للأم والأب معا.
لذلك أوصيك ابني وأخي وزوجي اغتنام فرصة وجود أمك إذا كانت حية ترزق، أو إذا كانت انتقلت إلى جوار ربها كما في قوله تعالى ” ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا”.

شاهد أيضاً

رساله من عشائر الحمير لبنى البشر 

بقلم /سيد عبدالتواب السويفي يحكى أن حمارا أضرب عن الطعام مدة من الزمن فضعف جسده …