اذا اردت ان تعصى الله فأعصه حيث لايراك

إذا أردت أن تعصي الله فاعصه حيث لا يراك

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أنه جاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم أحد السلف الزاهدين العابدين، هذا الرجل أسرف على نفسه في المعاصي، فجاء إلى إبراهيم فقال له عظني حتى لا أعود إلى معصية، قال له إبراهيم إن إستطعت على خمس أمور فلن تعصي الله تعالي إذا أردت أن تعصي الله فاعصه حيث لا يراك، قال وكيف ذاك وقد وسع علمه السموات والأرض؟ وإذا أردت أن تعصي الله فاخرج من داره، قال وكيف ذاك وكل ما في السموات والأرض ملك لله؟

 

وإذا أردت أن تعطي الله فلا تأكل من رزقه، قال وكيف ذاك وكل ما في السموات والأرض رزق الله؟ وإن أردت أن تعصي الله فإذا جاء ملك الموت فقل له أخرني إلى أجل قريب، قال وكيف ذاك وهو القائل ” فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ” وإن أردت أن تعصي الله فإذا جاءك زبانية جهنم ليأخذوك معهم فلا تذهب معهم، فما كاد أن يسمع إلى هذه الخامسة حتى بكى بكاء شديدا وعاهد الله أن لا يعود إلى معصية، فيا عبد الله، يا من أسرف على نفسه في المعاصي، يا من ابتعد عن الله، يا من أعرض عن الله، عد إلى الله فهو القائل ” قل يا عبادي الذين أسرفوا علي انغسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ” وهو الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها.

 

وهو القائل “يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو جئتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً لغفرت لك على ما كان منك ولا أبالي” فلا يغرنك يا ابن آدم ستر الله فإن كنت سترت هنا فتذكر الفضيحة يوم الفضائح والكربات، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، تعرض لنفحات الله يا عبد الله ما دمت فوق الأرض قبل أن تصير في بطن الأرض، تزود من الأعمال الصالحة ما دمت في النور قبل أن تصير إلى ظلمة القبور، تعرض لرحمة الله وأنت تسمع المواعظ قبل أن تسمع قرع نعال من ودعوك وأودعوك في قبرك، تذكر يا عبد الله واتعظ وأنت في المهلة قبل النقلة، وأنت في دار العمل قبل أن تصير إلى دار الجزاء.

 

فيا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان، فيا معاشر المسلمين حينما يتأمل المسلم اليوم في أحوال نفسه وأحوال من حوله في الجملة، سيعرف كم أشغلته نفسه التي بين جوانحه عن الغاية التي خلقه الله من أجلها، تلك الغاية التي أصبح قليل منا من يسأل نفسه بين الحين والآخر عنها، هل سلك طريقها وهل توخى وسائلها وطمع في جوائزها، إنها غاية ليست كالغايات التي تفنى ثمارها، وتنسى نتائجها، نعم ربما تفكر طويلا في الغاية من عملك، والغاية من تجارتك والغاية من دراستك، ولا أشك أنك ستبحث عما يوصلك إلى تلك الغايات الشريفة، فاللهم اجعلنا ممن يحيون على عبادتك ويموتون وهم يعبدونك ويحشرون مع عبادك الصالحين، هذا وصلوا وسلموا على حبيب الله ومصطفاه، كما أمركم ربكم.

 

فقال “إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم أعز دينك وأعل كلمتك وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه

عن المنكر.

شاهد أيضاً

هذيان رجل

هذيان رجل بقلم الصحفية/ سماح عبدالغنى   ماذا فعلت ألا تفهمني ؟! كيف تسكن بعيوني …

حكايات النصر ابطال مصر

حكايات النصر أبطال مصر بقلم المحرر الصحفي /سيد عبدالتواب السويفي الراجل اللي فالصورة ده ذو …