إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب
بقلم/السيد شحاتة
بداية لابد وأن نعلم علم اليقين بأن الدنيا دار إبتلاء فإذا بلي أيا منا بشئ فهو إبتلاء من الله وإذا تفضل المولي علينا بنعمة فهي إبتلاء أيضا فهل نحن أدينا حق الله في النعمة وهل صبرنا علي إبتلاء الله لنا
فالصبر من أعظم الصفات التي حثنا عليها المولي عز وجل وتحدث القرآن الكريم علي العديد من آيات الصبر وأمر الله نبيه بالصبر حيث قال (فإصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) وأثني الله علي الصابرين ومحبته لهم ووعدهم بأن يوفيهم أحسن ما عملوا (إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب) وقال أيضا
(ولا تنازعُوا فتفشلُوا وتذهَبَ رِيحُكمْ وَاصبِرُوا إِنَّ اللَّهَ معَ الصَّابِرِينَ)
(ولَنجزِينَّ الذين صَبَرُوا أجرهمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فالصبر من أهم الصفات الحميدة التي يحتاجها كل إنسان في مواجهة صعوبات الحياة وهو مرتبط إرتباط وثيق الصلة بالثقة بالله وهو نوع من أنواع العبادة التي لابد وأن يحرص عليها كل منا ومهما كان الصبر مرا فإن عاقبته دائما جميلة
وتتنوع معاني الصبر لدي كل إنسان فهو عند المصيبة يسمي إيمانا وعند الطعام والشراب يسمي قناعة وفي حفظ الأسرار يسمي كتمانا وقد يكون حب الله لك علي قدر إبتلاؤك وصبرك
فالحمد لله الذي زرع فينا القدرة على الصبر والتحمل حيث يعتبر من أفضل الأشياء التي يمكن أن نستعين بها علي مر الزمان إذا مسنا ضرر وهو أفضل علاج للحزن فحينما فقد نبي الله يعقوب ولدة يوسف الصديق بنكاية من إخوته فلم يقل إلا وصبر جميل والله المستعان على ما يصفون
وحينما ألقي خليل الرحمن في النار فصبر يقينا بالله وفي الله وكيف نحن من نبي الله أيوب الذي صبر أعواما عديدة علي البلاء والمرض وفقد الأبناء والأموال حتي جاء غيث الله فابدله الله أكثر مما فقد وكذلك جميع الأنبياء والمرسلين صبروا علي إيذاء قومهم حتي جاء نصر الله
وما قصة حديث الإفك للسيدة عائشة أم المؤمنين ببعيدة حتي جاءت براءة السماء
فلابد من الصبر ليجتاز العابدين البلاء فيقاس مدي قدرة الإنسان علي تحمل ظلم الدنيا وقدرته علي مالا يطيق به نفسه
فإذا أراد الإنسان منا أن يحصل علي مايريد وتحقيق أمنياته فعليه إتخاذ الصبر منهاج حياة فلن تخلوا الدنيا من وجود عقبات وصعوبات وهذه هي طبيعتها فلا تيأس وكن متفائلا وعلي يقين بالله
لقد وعد الله عباده الصابرون بأن يجعل لهم من بعد العسر يسرا وسوف تجد الخير والسعادة فإصبر وتجلد ولتعلم بأن الدهر غير مخلد فإذا صبرت جري عليك القلم وأنت مأجور علي ذلك وإن جزعت جري عليك القلم وأنت مأزور عليه
ومن أعظم أنواع الصبر هو الصبر على البلاء فهو يزلزل أركان العبد بل يضعف من رباطة جأشه لذلك إن صبرت فهو أعظم جهاد للنفس بل إن الصبر على النفس الأمارة بالسوء عن الأنقياء وراء المعاصي والملذات رغم إنتشارها فهو جهاد أيضا
ودائما فالصبر مقترن بالأمل فإذا وضع الإنسان أقدام الصبر على بساط الأمل واثقا من رحمة ربه في تحقيق مايتمني فلا تؤثر فيه أيه عوائق ولا تعرقل له الأيام خطوات
لذا فلابد من أن كل إنسان يتحلى بصفة الصبر ويعرف أنه من أهم الصفات لأن الصبر يكون في كل شيء سواء في الفرح أو في الحزن
فالصبر ليس بالأمر السهل بل يحتاج الإنسان إلى إعدادٍ نفسي كبير حتى يستطيع الثبات عليه والمقاومة والبقاء في دائرة الصابرين المحتسبين دون أي شكوى أو تذمُر ولهذا على الإنسان أن يتعلّم التمرس على الصبر وأن يلتمس جميع الوسائل المعينة عليه
وأهم الوسائل التي يستعين بها الإنسان على الصبر هو أن يقوي إيمانه بالله تعالى ويعلم بينه وبين نفسه أن الحياة الدنيا ما هي إلا متاع الغرور وأن الأصل فيها هو الصبر على الأحداث وعدم الجزع وتجاوزها بالتوكل على الله حق التوكل فإن وقع قضاء الله وقدره فلا راد له أبدًا
و يتمرس الإنسان على الصبر بأن يستشعر قيمته والأجر الكبير الذي أعده الله له إن كان صابرا محتسبا ويعرف أنه مقتدٍ بالأنبياء والصالحين وهذا ما يجعله أيضًا قدوة لأبناء المجتمع الذين يرون صبره وثباته
ويمكن التمرس عليه أيضا بالدعاء إلى الله تعالى والإلحاح في الدعاء بالصبر الكبير الجميل الذي ليس فيه يأس أو جزع او شكوى أو تذمر
وأن يعلم الإنسان جيدا أن الدعاء يرد القدر ويمكن أن يعجل الله بالفرج إذا ألح فيه فتكون نتيجة صبره فرج قريب من الله