أخبار عاجلة

إنما الليل والنهار مراحل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله، أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبيّنا محمدا عبد الله ورسوله خير من علَّم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلّم تسليما مزيدا ثم أما بعد، قيل أنه لقي معاوية بن قرة أحد إخوانه، وقد جاء من الكلأ، فقال له معاوية ما صنعت؟ قال اشتريت لأهلي كذا وكذا، قال وأصبت من حلال؟ قال نعم، قال لأن أغدو فيما غدوت به أحب إلى من أن أقوم الليل وأصوم النهار، وكان حسان بن أبى سنان يقول لولا المساكين ما اتجرت، أريد من الدنيا ثلاث وإنها لغاية مطلوب لمن هو طالب، تلاوة قرآن ونفس عفيفة وإكثار أعمال عليها أواظب. 

 

وإذا تأملت القرآن وجدت أن الله تعالى حين ذكر الدنيا قال” فامشوا في مناكبها ” وحين ذكر الذكر فيها قال ” فاسعوا إلى ذكر الله ” وحين تكلم عن الجنة قال” وسارعوا” وكما قال ” سابقوا ” وحين تكلم عن العلي القدير قال ” ففروا إلى الله ” وروى أن سليمان بن عبد الملك تجمل يوم ولبث ثيابه وإعتم بعمامة، وعنده جارية، فقال لهـا كيف ترين الهيئة ؟ فقالت أنت أجمل العرب لولا، فطلب منها أن تكمل الجواب، وتصرح بما أضمرت فقالت أنت نعم المتاع لو كنت تبقي، غير أن لا بقاء للإنسان، أنت خالي من العيوب ومما يكره الناس غير أنك فاني، وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال يؤتى بالدنيا يوم القيامة على صورة عجوز شمطاء زرقاء، أنيابها بادية، مشوهة الخلقة، لا يراها أحد إلا كرهها، فتشرف على الخلائق، فيقال لهم أتعرفون هذه؟  

 

 

فيقال لهم هذه التي تفاخرتم وتحاربتم عليها، ثم يؤمر بها إلى النار، فتقول يا رب، أين أتباعي وأصحابي وأحبابي؟ فيلحقونها، ووجه إلقائها في النار لينظر إليها أهلها فيرون هوانها علـى الله عز و جل، فحب الدنيا يورث الضغائن والعداوات، ويزرع الأحقاد، ويكمن الشر ويمنع البر ويسـبب العقوق وقطيعة الرحم والظلم، وطالب الدنيا قصير العمر، كثير الفكر فيما يضر ولا ينفع، فأمر الدنيا أفقر من أن تتعادى فيه النفوس، وأن تطاع فيه الضغائن والأحقاد، وقال رجل لداود الطائي ذات يوم أوصني؟ فدمعت عيناه، وقال يا أخي إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة بعد مرحلة، حتى ينتهي ذلك إلى آخر سفرهم، فإن إستطعت أن تقدم كل يوم زادا لما بين يديك فافعل، فإن إنقطاع السفر عن قريب، والأمر أعجل من ذلك فتزود لنفسك، واقضي ما أنت قاض، فكأنك بالأمر قد نعتك. 

 

إني لا أقول لك هذا، وما أعلم أحدا أشد تقصيرا منّى ثم قام وتركه، قيل فمن على إثره؟ قال مؤمن في خلق حسن، فالخلق الحسن صفه سيد المرسلين، وأفضل أعمال الصديقين، وهو شطر الدين، وثمره مجاهدة المتقين، ورياضة المتعبدين، فتزكيه النفوس ملاك دعوة الرسل بعد التوحيد، فهذا نبي الله موسى عليه السلام يقول لفرعون “هل لك أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى ” فحسن الخلق يغطى غيره من القبائح، وسوء الخلق يغطى غيره من المحاسن، ومن حسن خلقه طابت عيشته ودامت سلامته في الغالب وتأكدت في النفوس محبته، ومن ساء خلقة تنكدت عيشته ودامت بغضته ونفرت النفوس منه، وقال تعالى ” ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن “

شاهد أيضاً

مصر والمخطط الشيطاني

بقلم ياسر منيسي مما لا شك فيه أن الحرب بين إيران وإسرائيل هو مخطط شيطاني …