إسلاميات ومع ركائز الإيمان “الجزء الخامس عشر”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس عشر مع ركائز الإيمان، وقد توقفنا عند وعلى قدر يقظة العقل والقلب في أثناء الصلاة تكون مكانة المصلي عند الله ويكون حظه من المثوبة، وإن العادات وان كانت من وضع الله جل شأنه ولا صلة لنا بأشكالها واعدادها، الا انها اولا وآخرا وعاء لمعان وغايات مقبولة، وفي هذا ما يكفي للحفاوة بها، وإذا لم يفلح الدين في شد زناد الفكر، والشعور الى أبعد مدى مستطاع، فحقيق به ان ينهزم، وحقيق بأتباعه أن يبيدوا، وإنه لثقل على صدر الحياة أن يوجد جيل من الناس لا يعي أن الكون محكوم بقوانين عتيدة، ولا يدري ان العقل اليقظ هو الوسيلة الفذة لمعرفة الله عن طريق تأمل ملكوته وتدبر وحيه وإنفاذ وصاياه وإعلاء كلمته.
والرزق مثل النصر، غيب مرتقب، وعندما ينفق المؤمن ما عنده على أمل أن الله باعث خلفا له وعوضا عنه، فهو يسير على منطق اليقين المحض، ويرشد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث إلى مراقبة الله تعالى واللجوء إليه والاستعانة به والإيمان بالقضاء والقدر، فإن الإيمان هو التصديق، وهو قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فيجب علينا تربية النشء على الإيمان، وهو تربية الصغير على الايمان والعقيدة الصحيحة والأخلاق الفاضلة وهى كفيلة بصلاحه عند الكبر, ولها آثارها ونتائجها الطيبة في الدنيا والآخرة، وكذلك حفظ العبد لله تعالى وجزاؤه، فمن حفظ اللهَ تعالى بالقيام بأوامره واجتناب نواهيه.
حفظ الله عليه دينه, ويحفظه من كل سوء, وينصره ويحميه ويحيطه برعايته، وأيضا سؤال الله والاستعانة به سبحانه، فإن من كمال التوحيد هو ترك سؤال الناس، وسؤال الله وحده في كل شأن, فقال تعالى فى سورة غافر ” وقال ربكم ادعونى أستجب لكم” وإذا أراد العبد العون فلا يطلبه إلا من الله عز وجل، فالمؤمن يستعين به في دينه ودنياه, وإذا أخلص الاستعانة بالله وتوكل عليه أعانه، وكذلك الإيمان بالقدر خيره وشره، فإن الايمان بالقضاء والقدر يكسب المؤمن الرضا والاطمئنان والتسليم, لأن ما يجري في الدنيا بقدر الله, فما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وهكذا فعلينا جميعا وجوب الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه، ووجوب القيام بالطاعات وترك المنكرات.
وكل من يحفظ الله يحفظه في نفسه، واللجوء إلى الله تبارك وتعالى يكون بسؤاله والاستعانة به، وأنه لن يصيب إنسان إلا ما كتب الله له، وهكذا فإن الإسلام دين السعادة والطمأنينة، فالإسلام حينما أمرنا بفعل الأوامر والطاعات ونهانا عن النواهي والمحرمات فلا شك أن لذلك معنى ومغزى هاما وحكمة جليلة ألا وهي سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، والسعاده هى شعور داخلي يحسه الإنسان بين جوانبه يتمثل في سكينة النفس، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر، وراحة الضمير والبال نتيجة لاستقامة السلوك الظاهر والباطن المدفوع بقوة الإيمان، وإن الهدف من بعثة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هو إخراج الناس من الشقاوة إلى السعادة.
ومن الضلالة إلى الهدي ومن الجهالة إلى العلم ومن الظلمات إلى النور، فالقرآن نزل لسعادة البشرية لا لشقائها وحينما ننظر إلى سورة طه نجد أنها تكلمت في مطلعها وثناياه وخاتمتها عن الشقاوة التي هي ضد السعادة، ففي مطلعها قال تعالى “طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى” وفي ثناياها بيّن الله أن سبب طرد آدم من الجنة هو اتباع إبليس الداعي إلى العصيان والشقاوة فقال تعالى فى سورة طه “فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى” وفي ختام السورة يبين الله أن طريق السعادة في الدنيا والآخرة هو اتباع هدى الله عز وجل وأن شقاوة الناس في الإعراض عنه سبحانه وتعالى، فقال تعالى ” فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى”