إصلاح
- بقلم الأدبية عطر محمد لطفي
الصمت ساد المكان لم يعد ينفع الكلام فقط نظرات مشتتة وأيد متباعدة وقلوب حائرة بعدما كانت عاشقة ، بدأت تتلاشى ودخل الشتاء بصقيعه دون سابق إنذار إلى الأعماق ليسكن مودعا عبير الورود الجورية .
المشاعر بردت والعبارات غرقت في بحر المجادلات والمحاضرات التي لا طائل منها سوى الهروب من المواجهة وعدم الإعتراف بالخطأ .
الفراق او بالأحرى الطلاق أصبح حلا لمشاكل عديدة من كلا الطرفين، فقد أصبح كل منهما يظن أنه قادر على الاستغناء عن الرفيق الذي عاهد أن يكمل معه مسيرة الحياة .
ضاعت إبتسامتهما في أمور تافهة، هو وهي سمعوا كلام قالوا وقالوا وادخلوا أناس ساعدت في إشعال الفتيل، وغرقوا أكثر فأكثر في متاهات لا طائل منها ، لم يترك أحد للآخر مجال للتفاهم او التصالح رغم كل ما في قلبيهما من حب، أين رحل؟!!! لا أحد يعلم.
حاول الكثير أن يصلحوا بينهما- لأن أبغض الحلال عند الله الطلاق- لكي يجعلوهما يتراجعا عما عزموا عليه لكنهما قررا وحسم الأمر .
والآن حان وقت الرحيل، بدأ يجمع اشياءه ليضعها في الحقيبة وضع ملابسه ثم رفع رأسه فقابلته صورته معها وهما عروسان، امسك بالصورة ونظر فوجد نظرة الحب والفرحة البادية عليهما وقتها، أغمض عيناه يتذكر ما عاناه من غلاء المعيشة وندرة العمل وكيف ساعدته وصبرت معه لكي يتجاوزا تلك المرحلة وكيف كانا سعيدين بتلك اللقيمات لتسد رمقهما، تنهد بحرقة سائلا نفسه: ماذا أفعل هل جننت لكي أبتعد عن رفيقة دربي؟!!!.
ذهب إليها وجدها جالسة في صمت وحزن، تتذكر أول مرة دخلت فيه إلى هذا المنزل عروس مزينة بفستان زفاف ناصع البياض وكيف كانا فرحين بلم شملهما في الحلال ، بدأت تذبل تلك الوردة التي أخذها من بيت أهلها يانعة .
أمسك يدها وقال: تجادلنا كثيرا ولم يفكر اي منا في تغيير تصرفاته أو تنبيه الجانب الآخر بخطئه ولم نحاول أن نصلح ما كسر بيننا، وتركناهم يوغرون صدورنا دون أن نراعي مدى حبنا، تسرعنا لكن لم يزل متسع لنعيد ترميم ما كسر، ارجوكي ساعديني لنبدأ من جديد لا أريد أن أخسرك .
نظرت إليه وبريق في عينيها مع إبتسامة ، وكأنها كانت تتمنى هذه الكلمات منه منذ زمن ليجبر خاطرها، فهي أيضا احست بمدى خطئها وحاجتها إليه في هذه اللحظة بالذات حينما حان وقت الرحيل، فالقول ليس كالفعل .
كم هو صعب الإعتراف بالخطأ والاصعب منه استيعاب و تفهم الطرف الآخر.
بقلم الأدبية عطر محمد لطفي