الخرطوم / مصطقى محتار
لأكثر من 5 آلاف عام ظلت رائحة “الحلو مر” تشكل أول مؤشر على قرب شهر رمضان، في السودان، حيث تحرص جميع الأسر السودانية على صناعة رقائق “الحلومر”، وهي عملية تكلف الكثير من الجهد والمال لكنها تشكل جزءا من الطقوس الرمضانية الأصيلة.
ووفقا لإحدى الروايات الأكثر ترجيحا، فإن تاريخ علاقة السودانيين بـمشروب “الحلومر ” تعود إلى ما قبل 5 آلاف عام، عندما فكرت سيدة من شمال السودان بالاستفادة من جوال ذرة غمرته مياه الأمطار لعدة أيام؛ فقامت بطحنه وتخميره وأضافت له مجموعة من التوابل المحلية من أجل تحسين رائحته وفائدته الغذائية ، ثم صنعت منه رقائق بنية اللون جمعت بين نكهتين، مما جعلها تطلق عليه تسمية “الحلومر”.
وبدأت تلك السيدة بتقديم عصير تلك الرقائق لضيوفها بعد إضافة الماء والسكر إليه، لكنها سرعان ما اكتشفت ميزة أخرى له إضافة إلى طعمه الجميل، انه يساعد بشكل سريع في قطع حالة العطش خصوصا في المناطق الحارة ومن هنا جعله السوداميون المشروب المفضل في شهر رمضان.
وعلى الرغم من حرص الأسر على إرسال شحنات من “الحلو مر” إلى أقاربهم في دول المهجر قبل وقت كاف من بداية شهر رمضان، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت مبادرات نسوية في العديد من بلدان المهجر لتصنيع رقائق الحلومر في تلك البلدان.
طريق عمل المشروب
وتتكون عجينة الابري ( الحلو مر) من دقيق الذرة أي ما يسمى (بالفتريتة) والكثير من التوابل (شمار قرفة جنزبيل وعرديب غرنجال (عرق أحمر) كمون وحلبة وتمر هندي وكركديه، تصحن جميع المكونات باستثناء العرديب الذي ينقع في الماء ثم يصفى، وطريقة عمل الذريعة تبدأ بغسل الذرة جيدا ثم ينقع في الماء ليلة كاملة ويجهز في مكان على الأرض ويوضع عليها خيش رطب، تنشل الذرة من الماء وتفرش على الخيش الرطب، لمدة أربعة أيام ثم تغطى أيضا بالخيش الرطب تترك يوما كاملا تم تبلل، بالماء كل يوم لمدة يومين أو عندما يلاحظ أنها بدأت تنبت وتظهر عروق النبتة تترك بدون ان ترش بالماء، ثمّ تقلب على وجهها الآخر وتغطى لمدة ليلة كاملة.
في اليوم التالي يصبح لون العروق احمر بعد ذلك تعرض للشمس حتى تجف ثم تطحن وتبدأ خلطة الدقيق بالماء الدافئ وإضافة جميع المكونات الأخرى أي البهارات وتترك العجينة لمدة ثلاثة أو أربعة أيام ومن بعد ذلك تبدأ عواستها بالطريقة التقليدية بوضع (الصاج) الذي صنع خصيصا لصناعة الكسرة والابري، ويوضع الصاج على أربع اثافي وبعد دهنه بالزيت تبدأ عواسة الابري بما يسمى بـ(القرقريبة) وهي أداة للعواسة عبارة عن قطعة بلاستيكية تسهل طرح العجينة وتفريقها بصورة متماسكة على أجزاء الصاج في شكل بيضاوي وبعد ثلاث أو اربع ثوان تقوم المرأة بتطبيقها إلى مستطيلات وهنا تكون قد أخذت لونا احمر وطعما جميلا.
ومشروب الابري عبارة عن اخذ كمية من الرقائق ونقعها في الماء لمدة نصف ساعة ومن ثم يصفى ويضاف له السكر ويقدم باردا.