يحاربون العنصرية وهم اهلها
خالد السلامي
قبل بضعة أيام من اندلاع الأزمة الأوكرانية الروسية كان آلاف اللاجئين العراقيين والسوريين وغيرهم في نفس المكان الذي يمر منه اليوم اللاجؤون الاوكرانيون بسياراتهم او بدون سيارات لمن ليس لديهم سيارات وبكل سلاسة واحترام وبتوفير مختلف الخدمات من الخيم المفروشة و المكيفة والمواد الغذائية والمشروبات الفاخرة والتبرعات وبطاقات الاتصال الخلوي والنقل المجاني بأحدث الحافلات إلى أي مكان يختاره اللاجؤون فقد فُتِحت لهم جميع أبواب الدول الأوربية وعلى جميع مصاريعها وقد شاهدنا من خلال النقل الفضائي المباشر والاهتمام الإعلامي المنقطع النظير مدى اهتمام حكومة بولندا وحكومات اوربا وامريكا والإعلام العالمي والعربي بهؤلاء اللاجئين ، بحيث نسي إعلامنا العربي قضايانا العربية المتعددة في سوريا والسودان وليبيا ولبنان والعراق وتونس واليمن وفلسطين ومايجري في فينا النمساوية من مفاوضات حول الاتفاق النووي ، ولا نخف سعادتنا بهذه المعاملة الرائعة معهم وتعاطفنا الكبير مع معاناتهم وهم يتركون بلادهم الجميلة تحت ضغط نيران الحرب بغض النظر عن أسبابها ومسببيها لأننا نتعاطف مع حالة انسانية نعرف ماذا تعني وماهي آثارها النفسية والمعنوية على النازح والمهاجر كوننا كعرب اكثر شعوب الأرض تعرضاً للتهجير والنزوح منذ الغزو الاستعماري لبلداننا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى إلى اليوم ، نقول نعم اسعدتنا كثيراً تلك المعاملة الرائعة مع هؤلاء اللاجئين ، ولكن كم ستكون سعادتنا أكبر لو حصل لاجؤونا الذين عانوا خلال سنين نفس ماعاناه الأصدقاء الأوكران خلال أيام وربما اكثر بكثير من معاناة نازحي الحرب الروسية الاوكرانية بدلا من مواجهتهم بالهراوات وخراطيم المياه والإهانات وحتى بإطلاق النار أحيانا، فمن المنطق الذي يتمنطق بها الاوربيون والامريكيون والشرق والغرب أن الانسان هو الإنسان بغض النظر عن جنسه وعرقه ودينه ولونه والكل سواسية في الحقوق ولهم حق اللجوء والفرار بأرواحهم من مخاطر الحروب والعنف والظلم في دولهم ومعروف أن اكثر اللاجئين في هذا الزمان هم من العرب والمسلمين بحكم الحروب والفتن التي تشهدها بلدانهم على مدى عشرات السنين ونادرا ماحدث لجوء ونزوح لأي شعب أوربي او امريكي او حتى أجزاء كبيرة من اسيا وافريقيا حيث تركزت الفتن التي يؤججها الحاقدون على العرب والمسلمين والطامعين في أراضيهم وخيراتهم في منطقتنا العربية وبعضٍ من الدول الاسلامية دون توقف على مدى اكثر من قرن من الزمان. ترى لماذا كل هذا التمييز بين بني البشر ؟ ولماذا يُحتَقر هذا ويَحتَرم ذاك مع انهم كلهم متساوون كما تضمنته لوائحكم لحقوق الانسان التي تحارب العنصرية التي تمارسونها مع قسم من اللاجئين دون غيرهم ؟