أخبار عاجلة

الحسناء والامير

الحسناء والامير

2022 شباط
في احدى دول شرق آسيا، تعود الأمير أبن الملك أن يتنكر ويتجول في الأسواق، يسترق السمع لم يدور من أحاديث حول حكم أبيه الملك. كان الناس يتكلمون عن فساد الطبقة الحاكمة التي تنهب الدولة، وتفرض المزيد من الضرائب على المواطنين، مستغلين فرصة ضعف الملك، ليسرقوا كل ما أمكنهم من خزائن الدولة.وكان الأمير يسجل خفية هذه المعلومات…ويتأكد منها.
والدا الأمير الملك والملكة، كان يريدان أن يفرحا بولدهم الوحيد، لكن الأمير كان غير راغب في الزواج من بنات حاشية القصر بسبب قناعته الكاملة بفساد تلك الحاشية.
ذات يوم كان الأمير المتنكر يتنقل في ساحات البلدة يسترق السمع من هنا ومن هناك، لفت نظره صبية جميلة جداً، تحمل سلة وتشتري خضارا…أخذ يراقبها مفتون في جمالها…
الذي حدث في تلك اللحظة، كان شيخ التجار يحاول أن يمتطي حصانه فجأة جفل الحصان، وسقط كيس نقود الشيخ من جيبه. لاحظت الصبية بأنه لم يراها أحد، التقطت كيس المال وخبأته في سلتها وابتعدت بهدوء…
لحقها الأمير المتنكر إلى بيتها، وطلب منها شربة ماء، شرب وتشكر الحسناء وانصرف.
في اليوم التالي جاء الأمير، وطرق باب الصبية، وقدم لها سلة كبيرة مليئة بالخضار والفواكه… استغربت الحسناء وأمها العاجزة هذا الكرم الغريب.
قال أنتما اكرمتماني أمس بكأس ماء، ولا بد لي من رد الجميل الذي فعلتماه لي بمحبة.
قالت الحسناء لكن هذا كثير جداً، نحن لم نعطك شيئا مقابل هذه السلة غالية الثمن.
أصرت الصبية أن تستضيف الشاب ليحتسي القهوة معها ومع أمها، وطال الحديث بينهما الشاب أعجبه ذكاء الصبية وجمالها، ثم تكررت زيارات الأمير وتكررت الهدايا المختلفة…
قالت الحسناء يبدو لنا بانك رجل مقتدر حتى تأتينا بهذه
الهدايا؟
قال الأمير: بصراحة يا سيدتي، انا لا املك نقوداً، أنا أسرق من الاغنياء، وأعطيه إلى الفقراء…
ضحكت الحسناء، وقالت يبدو إنك ذكي يا رجل، تسرق من الأغنياء، وتعطيه إلى الفقراء، هل أنت من أتباع (روبن هود؟) ضحك الأمير ونطقت القلوب باشتياق الحب إلى القلوب…
في يوم لاحق، جاء الأمير المتنكر يجر حماراً محملاً بمواد غذائية كثيرة، طرق باب الحسناء… استقبلته الحسناء بفرح
قالت العجوز: يا ابني من كان بمثل ذكائك وفطنتك، لا يمكن أن يكون سارقاً، السارقون هم أناس حمقى وأغبياء… أكيد أنت تخفي ذاتك، ولا أدري ما هو سرك؟
قال الأمير المتنكر، لا يا سيدتي، أنا حرامي محترف، ورجال الملك يطاردونني…لكنني دائما أهرب منهم
لكن لا اخفاك، السرقات الصغيرة لم تعد تقنعني، أنا أنوي سرقة خزنة الأمير أبن الملك…لكنني أبحث عن سارقة ذات خبرة حتى تساعدني…
شهقت الأم وابنتها وقالتا سوية خزنة الأمير أبن الملك؟
ضحك الأمير وقال بعدما نسرق خزنة الأمير نصبح أثرياء، أو امراء،

سألت الصبية: لماذا لا تساعدك زوجتك، أليست هي سارقة مثلك؟
قال الشاب: أنا غير متزوج، لكنني سمعت عن حسناء جميلة هي سارقة مثلي، أود أن اتعامل معها، لكنني أخشى أن اصارحها بما اريده، فتهرب مني، وربما تشتكيني لرجال الملك، لتبيض صفحتها…
قالت: الحسناء ومن هي تلك السارقة؟
قال: أنا لا أعرفها. لكنني سمعت من بعض الناس الذين كانوا متواجدين قرب متجر الفاكهة، بأن شيخ التجار فقد كيس نقوده، وقال أحدهم صبية مرت من هناك لا يعرفها لكنه اعطى بعض اوصافها، وقال بأنها صبية جميلة تضع قرطا في إذنها اليمين…
فورا تلمست الفتاة القرط في إذنها وخرجت من الغرفة، وعادت بدون قرطها…
ضحك الأمير وتظاهر بانه لم يلاحظ الأمر.
وقالت هل لي أن اخبرك بسر؟ أنا هي الحسناء التي سرقت كيس نقود شيخ التجار… لكن لأنني احببتك. وأنت سارق مثلي أخبرك سري…
شهق الأمير متظاهرا بالدهشة والاستغراب وقال: لها اياك أن تقولي مثل هذا الكلام لغيري، الجدران لها آذان…وجنود الملك يسمعون همس الناس، حذاري منهم…حذاري…
في اليوم التالي جاءت الشرطة وسحبت الشابة الحسناء وأمها في عربة إلى القصر…
كان الأمير متنكراً في باحة القصر، عندما شاهدته الحسناء قالت له، وهل انت ايضاً اعتقلوك، يبدو إنهم شاهدونا سوية أمس.
ضحك الأمير وخلع ثوب التنكر وقال أنا هو الذي سيسرق خزنة الأمير، لكنني ابحث عن سارقة تساعدني، وقد وجدت أجملهن…والآن أعيدي كيس النقود إلى شيخ التجار ..
سقطت الحسناء مغمى عليها، حملها الأمير وأدخلها إل داره وأيقظها وقال لها: حكمنا عليك في السجن المؤبد، في بيت الزوجية، وسوف اسمح لك بسرقة خزنتي، ساعة تشائين…
جن جنون الملك، كيف ابنه يتزوج سارقة ومن العوام، بينما الأميرات يملأن القصر، ولكن أحكام القلب تختلف عن أحكام العقل…
في حفل زواج كبير حضره جميع رجال الدولة وزوجاتهم…
أمر الأمير بإقفال باب القصر، وجاء الجنود وساقوا جميع الطبقة الحاكمة إلى السجن وقال لهم حتى نخرجكم من هنا عليكم أن تعيدوا جميع الأموال التي نهبتموها إلى خزنة الدولة. غير ذلك لا كلام يدور بيننا…
صار صياح وصار تهديد وصار وعيد، لكن الأمير تناسى تلك التوسلات، ولم يكترث لصوت أبيه.
أعاد السارقون الأموال المنهوبة، والسبائك الذهبية، والمجوهرات بالصناديق وبدأت البلد تعيش فجرا جديدا…

كتب القصة: عبده داود

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …