أخبار عاجلة

إسلاميات ومع الغاية من العبادة ” الجزء العاشر “

إسلاميات ومع الغاية من العبادة ” الجزء العاشر ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع الغاية من العبادة، والحق أن السعادة الحقيقية والحياة السعيدة ليست في شيء مما مضى كله بدون توفيق الله تعالى، فقد شقي أناس بأموالهم وأولادهم وأزواجهم، وشقي آخرون بعواقب مناصبهم وجاههم، وشقي آخرون بلعبهم ولهوهم، وإن السعادة الحقة ليست في وفرة المال، ولا كثرة الولد، ولا سطوة الجاه، ولا رفعة المنصب، فالسعادة أمر معنوي ملموس لا يقاس بالنوع والكم، ولا يشترى بالدينار والدرهم، لا يملك بشر أن يعطيها من حُرمها، ولا أن ينتزعها ممن أوتيها، والسعادة الحقيقة والحياة الهانئة المطمئنة إنما تكون في الإيمان والعمل الصالح، يقول ربنا عز وجل ومن أصدق من الله قيلا “من عمل صالحا من ذكر او أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة”

والحياة الطيبة هي السعادة بكل معانيها “فلنحيينه حياة طيبه” أي في الدنيا، أما في الآخرة “ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون” وذلك في جنة عرضها السموات والأرض، فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، لا مرض فيها ولا نصب، ولا هم ولا غم، ولا تعب ولا موت، بل لذاتها متتابعة، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فهذه هي السعادة التي أخبرنا عنها ربنا عز وجل، بل أخبر أن من أعرض عن ذكره فإن له المعيشة الضنك، ويحشر يوم القيامة أعمى، فإن الحياة بغير الإيمان تعقيد تحفة المنغصات، بضعف الإيمان تنبت الاضطرابات الاجتماعية، والأمراض النفسية، والدنيا للمؤمن ليست عبئا مضجرا، ولا لغزا محيرا.

ولكنها مرحلة ومزرعة، ودار ممر واختبار يرجو بعدها لقاء الله تعالى، والمؤمن تغمره السعادة لأنه مؤمن بأن الحياة محكومة بأقدار الله تعالى فلا ييأس على ما فات، ولا يبطر بما حصل، ولا يستسلم للخيبة، ولا يهلك نفسه تحسرا، بل كل مواقف الدنيا عنده ابتلاء بالخير والشر، ولئن زلزلته وقائع البلوى رده الإيمان إلى استقرار النفس، وبرد اليقين، ورباط الطمأنينة، فنعم بالسكينة من غير هلع ولا شقاء، فالمؤمن يملك السعادة والراحة التي تجمع له بين التوكل والعمل الكادح، لا يزلزله جزع، ولا يرهقه قلق، يعمر الحياة نشاطا واجتهادا، والمؤمن يعلم أن السعيد لا يأكل أكثر مما يأكل الناس، ولا يملك أكثر مما يملك الناس، ولكن السعيد يرضى أكثر مما يرضى الناس.

وإن من أسباب السعادة الإيمان بالله عز وجل والذي يتضمن الرضا والقناعة بما أعطي العبد، هذا هو الغنى الحقيقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس” متفق عليه، رضا وقناعة بما يعطى، رضا بما يقدر الله عز وجل على العبد، فمن أعطي الرضا فقد أعطي السعادة، أما الساخطون الشاكون فلا يذوقون للسرور طعما، حياتهم سواد ممتد، وظلام متصل، وليل حالك، فإن الساخط المتسخط دائم الحزن والكآبة، ضيق النفس والصدر، ضائق بالناس وضائق بنفسه، والدنيا في عينه كسم الخياط، أما الرضا فسكون وطمأنينة ورضا بما قدر الله تعالى واختار، فمن أنعم الله عليه بالرضا تأتيه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.

ولا يصبح ولا يمسى إلا راضيا مرضيا، فهنيئا لمن ملأ الرضا فؤاده، لا يتحسر على ماضى باكيا حزينا، ولا يعيش حاضرا متسخطا جزوعا، ولا ينتظر المستقبل خائفا ووجلا، لا يعيش رهبة من غموض، ولا توجس من مستقبل، إيمانه مصدر أمانه، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” ويقول تعالى أيضا كما جاء فى سورة الأنعام “فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون” فلا بد أن يعرف المؤمن حقيقة السعادة، وأن تكون نظرته للحياة نظرة صحيحة سوية لأن بعض الناس ينظر للدنيا نظرة غير سوية.

شاهد أيضاً

===== خلي صورتك ذكرى =====

===== خلي صورتك ذكرى ===== لو تاني اتقابلنا في سكة واحدة اختفي عني وما تبصليش …