(المتقاعد الشاب)
“الفصل الثالث”
-الكائن –
“الغريب في وطنه ”
،،قصص،،
-١٢-
(الوظيفة )
،،إفراج،،
بعد خمسة وعشرون عاما خدمة في الوظيفة ،
اليوم استعد للمغادرة ..آه يادنيا،
،،،خروج أخير،،،
سلمت مافي عهدتي…
سلمت كل مافي حوزتي للإدارة من عهدة ..وثم
مفاتيح غرفتي،
البعض كان يرمقني بنظرات لها عدة تفاسير ..إما
أن إنتهاء مدة خدمتي قد أوضحت أن الوحيد
الصالح ..الشريف سيغادر المستنقع..مستنقع الوحل
بلا عودة ،
لكن الجميع يصر على أنه لاشرفاء في ذلك المستنقع العفن ..نعم ذلك الرجل سيترك ساحة
الصراع لهؤلاء أصحاب هز الذنب ومسح الجوخ
للذين يبرعون في ذلك ،
وذلك بلا شك افضل لي ولهم ،ولكن نظرات
الكراهية إلي لم أجد لها أي تفسير سيما وانا
أستعد للخروج ،قلت :
“الأن ساغادر ..وهذه المرة الأخيرة التي سأكون
فيها أمامكم بخيري وشري..سامحوني ؟”
وعندما أردت أن أستدير ناداني نائب المدير وكان
رجلا صالحا ..الرجل الوحيد الصالح والذي له
نظرة ثاقبة في الجميع ،بينما إلتفت الجميع
باستغراب..ثم نظر هو إليهم بأسف شديد وقال
لي :
“إنتظر كيف تغادر هكذا دون أن أودعك إيها
الرجل الطيب ؟”
“شاهد”
يوما ما زميل لي قال بتأثر :
“كان من العدل أن تعيش أنت في بلد أخر ..وشعب
أخر ..وبيئة أخرى ؟”
وأزيدك من الشعر بيت :
…………………………………………………………
…………………………..؟
،،،عودة،،،
بينما انا أشد الخطى إلى الوزارة للحصول على
مستحقاتي بعد نهاية الخدمة ،تذكرت تلك المرآة
الفاضلة التي كانت واسطتي للالتحاق بتلك
الوظيفة عندما قالت لي :
“إسمع ياإبني ..إسمعني جيدا ..في الوظيفة عليك
أن تترك كرامتك في الخارج وتدخل في هذا
المعترك..وإلا ستتعب كثيرا؟”
وبالفعل تعبت كثيرا .
،،،تعاقب،،،
كانت لوحة كبيرة على الجدار في الإدارة تأخذ
حيزا كبيرا ،كتب عليها بالخطوط العريضة
“المدراء اللذين تعاقبوا على إدارة هذه الدائرة ”
وكانت أسماؤهم مكتوبة كما تكتب اسماء رؤساء
الدول ،إسم المدير ،سنة إستلامه الإدارة ،سنة
مغادرته لأي سبب كان ،
وجميعهم عملت معهم ..
من “مستعمر إلى مستعمر”….
،، مستنقع واحد،،
لم أرى مدير واحد طوال خدمتي يطلب
من الموظف الإخلاص في العمل بقدر ماكان يريد منه التجسس على زملائه
أو مسح الجوخ وهز الذنب
مقابل أن يرضى عنه ،
وإلا ..سيتعب الموظف …وبالطبع انا كنت من
من تعبوا ،
،،عذر ،،
أحدهم قال لي بالحرف الواحد:
“أفعل كما يفعلون ،الله ماسمع من ساكت ؟!!”
،،،كفاح،،،
الإخلاص في العمل ..والصدق ..والدقة . والأخلاق..
والانضباط ،تلك مصطلحات لايمكن أن تشفع
للموظف .
،،سر ،،،
………… لاالسر مكشوف هذه المرة ،
طلبني المدير يوما في أخر السنة، وإثناء كتابة
التقارير السنوية وقال لي بالحرف الواحد:
“أنظر ..لقد قيمت تقريرك السنوي بممتاز ..لأول
مرة..لكن ماأريده منك هو إخباري أول بأول
بتحركات الجميع ؟
قلت :
“ذلك مستحيل أن يحدث”
لكن لو لم يمت المدير لكان حاربني بالتقارير والعقوبات حتى يتم الإستغناء عن خدماتي،
،،دنيا ،،
بعد عدة سنوات من التقاعد..إلتقيته ..
كان أحد المدراء الطموحين في ذلك المستقنع،
إلتقيته في عيادة الدكتور “ج” لأمراض المفاصل،
وكان يتعكز على عصا ..عرفني على الفور ..نظر
إلي نظرة فيها إرتباك معتقدا أني لن ألتفت إليه
وقد اسبب له الحرج ،
بالفعل كان إعتقاده في مكانه ..لم أنظر إليه ،
لكنه نهض عن مقعده بصعوبة..إستجمع كامل
شجاعته ..وقف أمامي مباشرة..إبتسم وقال:
“كيف رضاك علي ؟”
إبتسمت بإشفاق وقلت :
“رضاء الله هو الأهم. ”
وضع عصاه على المقعد ..عانقني بمحبة وإحترام،
إستاذن مني مؤكدا علي أن أبقى لحين مايذهب
لا حضار القهوة من الماكنة،
لكني غادرت .
،،الصعلوك،،،
لاأحد يعلم من أين أتى..هو شاب أسمر..كريه
الرائحة ..كثير الكلام والمديح لنفسه بالرغم من
أنه أقرب إلى القرد ،
صوته مرتفع ..مقزز..ينتسب إلى عشيرة كبيرة
ومشهورة ..يقال أنه وكما يحدث غالبا في بلادنا
تحضر عائلة صغيرة أو شخص بمفرده من
الأرض العربية الواسعة المشتتة، لاحول لها ولا
قوة ..تلجأ تلك العشيرة الغير معروف أصلها من
أين، إلى عشيرة مشهورة كبيرة ويحتمون بها
وتضمهم إليها ويصبحون منها،
كان ذلك الصعلوك يفتخر بأسم تلك العشيرة
ولاأحد يعلم عن أصله أي شي، عدى أنه من
تلك العشيرة ،
كان صعلوك الدائرة التي أعمل بها ..يتجسس على
الجميع..يخون ..يطعن في الظهر ..يعض اليد
التي تطعمه ،فكان هو كما يقال “الكل في الكل”
في تلك الدائرة ،
بل وصل نشاطه إلى السياسة ليتجسس “ويتبلى”
ويلصق التهم بمن لايأخذ بعض العمل عنه ،
يوما ماكان مكلف بالحراسة ..في يوم ماطر ..
إستلقى على سريره إلى جانب المدفأة ..تسرب
الوقود من المدفأة ..إشتعل السجاد ..وصلت النار
إلى أنبوبة الغاز ..وإنفجرت،
وفي الصباح وجدوه وراء باب غرفة الحراسة
متفحم عندما كان يحاول الخروج .
وهذا سر أخر …………………………………………
…………………………………………………………
………والله العظيم ؟!
(يتبع…)
تيسيرمغاصبه
٢٠١٩–٢١-١٢-٢٠٢١