الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرىَ ( المقال 8 )
في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر
أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي )
الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى
في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر
رؤية تحليلية و تحقيق و دراسة فقهية نقدية مقارنة
بقلم الباحث \ جمال الشرقاوي \
( المقال 8 )
و من ضمن المفاهيم المهلهلة* في كتب السابقين من العلماء و الفقهاء القدامى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و للأسف وجدنا المفاهيم في كتب التفسير مهلهلة و لا تعطيك معنى محدد لكل لفظة لدرجة أنك تجد لكل لفظة أكثر من تفسير و أكثر من معنى و ـــ للأسف ـــ تجد كل كتب التفسير تنقل من بعضها بشكل مستفز و أقصد ( أمهات الكتب ) ـــ للأسف ـــ و بالقطع أنا أعرف أن اللغة العربية غنية بألفاظها و مفرداتها و كلماتها و معانيها و جذور ألفاظها و كلماتها , و هذه صفة حسنة و لكن المفردات التي نحن بصددها ( الذنوب ) ( الخطايا ) ( الأثام ) ( المعاصي ) لابد أن تكون ألفاظاً محددة في مبناها و معناها و مضمونها اللغوي لأنها تتحكم في حياة الفرد على مستوى العالم و لن أقول تتحكم في حياة المسلمين فقط , و إنما تتحكم في حياة الفرد على مستوى العالم , لإن هذه الألفاظ تتشكل في صميم الضمير الإنساني لكل فرد على مستوى العالم تشكيلا واحداً من حيث أن فعل هذه الألفاظ ( الذنوب ) ( الخطايا ) ( الأثام ) ( المعاصي ) إمَّا من القبائح و المنكرات و إمَّا من الطيِّبَات و المُسْتَحْسَنَات , إمَّا ستُنْجيه من النار و تدخله الجنة أو ستبعده عن الجنة و ترميه في النار … لذلك يجب فقهياً و شرعياً و قانونياً أن تكون لهذه الألفاظ معاني محددة مفهومة للقاصي و الداني للكبير و الصغير للجاهل و المتعلِّم عن طريق وسائل الإعلام العالمية المقروءة و المرئيـَّة و المسموعة , حتىَ تكون مفهومة و ظاهرة للكل بلا تفرقة و لا غموض , لا أن تكون مهلهلة كما هى في كتب الفقه و التفسير كما قلنا و نبهنا سابقاً , و على سبيل المثال لا الحصر , جاء في تفسير العلامة ( مجاهد )
[ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ } [ البقرة : 79 ] ، يَعْنِي : مِنَ الْخَطِيئَةِ ]
( المصدر : تفسير مجاهد )
(( قلتُ : أنا الباحثُ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
… و الحقيقة أن تبديل كلام الله تعالى , بل تبديل كلام الرُسُل و الأنبياء الذي هو في مجمله و مضمونه العام وحي الله تعالى للأنبياء و الرُسُل كفر و الكفر أكبر من الخطيئة , و أقصد الكلام في الأية القرآنية عن تبديل اليهود كلام الله تعالى و هو ليست ( خطيئة ) كما ذكر العلَّامة مجاهد رحمه الله تعالى في تفسيره , إنما هو كفر صَرَاح بَوَاح … و جاء أيضاً في تفسير مجاهد ما نصه
[ عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : الْخَطِيئَةُ ، يَعْنِي : مِمَّا يُعَذِّبُ اللَّهُ عَلَيْهَا ]
( المصدر : تفسير مجاهد )
(( قلتُ : أنا الباحثُ ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكل المعاصي من المفترض أن يعذب الله تعالى عليها , إلَّا إذا شاء الله تعالىَ أن يعفو عن المُخطيء أو المُذنب أو الآثِم , ( إذاً ) أو ( إذن ) ما الجديد في تعريف ( الخطيئة ) عند العلامة ( مجاهد ) في تفسيره ؟! و ماذا استفدت أنا كقاريء ؟!
و أيضاً جاء في تقسير العلامة ( مقاتل بن سليمان ) رحمه الله تعالى ما نصه
{ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً } يعنى عذابا مِنَ السَّماءِ
( المصدر : تفسير مقاتل بن سليمان ــ بتصرف )
(( فلتُ : أنا الباحث ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ قال , الرجز أو الرجس هو عذاب من السماء و هو الطاعون ]
أي ـــ : بسبب الخطيئة ]
و ذلك لأن قوم موسى حينما دخلوا أريحا في فلسطين أو أرض كنعان أرض الجبارين لم يقولوا ( حِطَّة ) و قالوا ( حِنْطَة ) و كما قلنا سابقاً إذا كان تبديل كلام الرُسُل هو الكفر بعينه و ليس ( خطيئة )
( المصدر : كتاب : تفسير العلامة مقاتل بن سليمان )
ـــ بتصَرُّف ـــ
يعني بتعبير الكاتب عنه مختصراً , و ليس نصاً كما قاله العلامة مقاتل بن سليمان في تفسيره
الشاهد هنا
[ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ لِجَنْبِهِ مَضْجَعًا مِنَ النَّارِ ] (( قلتُ : أنا الباحثُ ))
هذا حديث صحيح مشهور لموافقته القرآن الكريم و السُنـَّـة النبوية الشريفة الصحيحة , كما أن موافق للعقل و المنطق و الواقع , فمَن يكذِّب كلام الأنبياء و الرُسُل الذين اصطفاهم الله تعالىَ أو كذَب عليهم و قال عكس ما قالوه و أخبروا به , فذلك كُفر لا محالة
( إذاً ) أو ( إذن )
, فما هو الوصف الملائم لتبديل كلام الله تعالى , إذا كان تبديل كلام الأنبياء و الرُسُل بمثابة الكفر وعقوبته النار ؟!.. هل نعتبره ( خطيئة ) أيضاً ؟!
و كذلك جاء في تفسير العلامة ( مقاتل بن سليمان ) عن قصة سيدنا يوسف مع ( زليخا ) امرأة العزيز
{ يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَٰذَاۚ وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔينَ ٢٩ }
[ يوسف \ 29 ]
قال [ قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ يقول مُزِّق من ورائه قالَ لها : إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ يقول تمزيق القميص من فعلكن يعني امرأته ثم قال : إِنَّ كَيْدَكُنَّ يعني فعلكن عَظِيمٌ – 28- لأن المرأة لا تزال بالرجل حتى يقع في الخطيئة العظيمة ثم قال الشاهد ليوسف : يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا الأمر الذي فعلت بك ولا تذكره لأحد ثم أقبل الشاهد على المرأة فقال : وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ يعني واعتذري إلى زوجك واستعفيه ألا يعاقبك إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ- 29- ]
( المصدر : تفسير مقاتل بن سليمان )
(( قلتُ : أنا االباحثُ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و قد أطلق على فعل الزنا أو الشروع في الزنا أو محاولة ( اغتصاب امرأة العزيز لسيدنا يوسف ) ــ على حد تعبيري الشخصي ــ أطلق عليها العلامة ( مقاتل بن سليمان ) لفظ ( الخطيئة العظيمة ) ؟! و لو جئنا لتحليل … جملة أو كلمة … أو تحديداً فعل , فقط من الأية الكريمة و هو { وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِ } و { ٱلۡخَاطِـِٔينَ } من الطبيعي أن نفهم أن الزنا ( ذنب كبير ) و المطلوب للتخلص منه ( الإستفغار ) و السؤال , لِمَ كلمة ( الخاطئين ) ؟! و الصحيح أن ( الذنب ) أكبر و أشمل و أعم من ( الخطأ ) فلِمَ إضافة كلمة ( الخطأ ) هنا في هذه الأية ؟! و الجواب هو , لأنه ليس كل جريمة زنا عليها شهود و ليس في كل جريمة زنا سيذهب الزاني أو الزانية للمجتمع ليعترفا بفضيحة الزنا !!! و هنا لزم الإستغفار لإن فعل الزنا من المفترض أنه جريمة سرية و في غالب و معظم الأحيان و طول الوقت تتم باتفاق الطرفين , إذاً هنا لا دخل للعقاب و التهديد بالسجن و التلويح بسلاح الترغيب بالجنة أو سلاح الترهيب بالنار , و لذلك نقول , لزم الإستغفار , و هنا نقول بالله تعالى , إضافة { ٱلۡخَاطِـِٔينَ } و هى ( تخصيص ) بعد { وَٱسۡتَغۡفِرِي لِذَنۢبِكِ } و هى ( إجمال ) من وجهة نظري الشخصية اجتهاداً لسببين , ( السبب الأول ) : أن جريمة الزنا بدأت ( بخطأ ) صغير بين رجل و امرأة أو بسبب صغير مثل قبلة أو احتضان أو مقابلة سرية و مكالمات تليفونية ساخنة بألفاظ مشحونة بالشهوة سواء في الواقع أو على (( مواقع التواصل الإجتماعي فيس بوك و تويتر )) مثلاً , و انتهت بفعل الزنا في السر سواء (( الزنا الإليكتروني )) مثل (( مواقع التواصل الإجتماعي فيس بوك و تويتر )) أو على فراش الرجل أو المرأة في الواقع , فكان هذا هو ( الخطأ ) الذي تحوَّل أو ( الخطيئة ) التي تحوَّلت ( لذنب ) , لأنه بدأ صغيراً و انتهى كبيراً , و السبب الأقوى و هو ( السبب الثاني ) : و هو أن الحكم الشرعي يؤخذ من ( التخصيص ) و هو أصل الفعل و هو ( الخطأ ) و ليس من ( الإجمال ) العام الذي هو يُعَد ( الأصل ـــ الذنوب ) إذ ( الذنوب ) جنس و ( الخطأ ) ( نوع ) يندرج تحت مسمىَ هذا ( الجنس ) أو جنس( الذنوب ) و لذلك نرىَ في قصة سيدنا يوسف عليه الصلاة و السلام هل عاقبه الله تعالى أم عفى عنه ؟! و الجواب عفى عنه و غفرله لأنه لم يخطيء و لم ينسى و لكنه ( استُكْرِه ) فلم يرضىَ ( الإستكراه ) و قاوم رغم تهديده بالسجن و العذاب و ربما الموت من ( زليخا ) امرأة العزيز , حينما كانت زوجة عزيز مصر , ـــ أي : الذي يتولىَ وزارتين معاً , و حينما كانت لها الدَولَة و الدِوَلَة , و هذه إعانة من الله تعالى لسيدنا يوسف عليه الصلاة و السلام , لكن أغلب البشر لو وُضِعُوا في هذا الإختبار الذي وُضِعَ فيه سيدنا يوسف عليه الصلاة و السلام لفعلوا جريمة الزنا , و مع ذلك سيتم وضعهم في خانة ( الإستكراه ) و هو ( المعذور ) لأنه ( مضطر ) و إلَّا كان مصيره سيكون الموت أو السجن كما حدث مع سيدنا يوسف عليه الصلاة و السلام , و بالقطع سيدنا يوسف عليه الصلاة و السلام إستثناء من القاعدة و ليس هو الأصل فيها , لإن عموم البشر لو كانوا مكان سيدنا يوسف لارتكبوا الزنا طواعية مع امرأة جميلة جداً و ناعمة و زوجة كبير الوزراء , الذي نطلق عليه اليوم , رئيس الوزراء , و خاصة و أنها هىَ التي تريده بكل وسيلة , هذه هى القاعدة العامة و لكن سيدنا يوسف عليه السلام كان استثناء
و قد جاء في صحيح بن ماجة
[ حدثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حدثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ]
و الشاهد الأول في الحديث [ تَجَاوَزَ ]
الشاهد الثاني [ الْخَطَأَ ]
الشاهد الثالث [ النِّسْيَانَ ]
الشاهد الرابع { اسْتُكْرِهُوا ]
( قلتُ : هذا حديث صحيح لأنه يتفق مع الواقع المُعَاش و مع طبيعة الإنسان و احتياجه و ضعفه و اضطراره و كذلك موافقته للقرآن الكريم في العفو و السماحة و المغفرة )
و السبب في التجاوز لهذه الأمة عن ( الخطأ ) لأنه من ( صغائر الذنوب ) أو من ( محقرَّات الذنوب ) أي : من صغائرها , و يعتبر الخطأ من ( اللَمَمْ ) أي : من الصغائر
{ ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ إِذۡ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَإِذۡ أَنتُمۡ أَجِنَّةٞ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡۖ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ ٣٢ }
[ النجم \ 32 ]
الشاهد الأول في الأية الكريمة { ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ }
الشاهد الثاني { إِلَّا ٱللَّمَمَۚ }
و مع ذلك قال الله ربنا تبارك و تعالى في الأية القرآنية الكريمة
{ إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ }
و المقصود : هو أن الله عز و جل أعلم بعباده و هو بهم الخبير البصير العليم بذات الصدور , فهو يعلم مَن ( اضطر ) لفعل ( الشيء ) أو مَن ( أخطأ ) أو مَن ( نَسِيَ ) أو مَن ( استُكْرِه ) و العَجب كل العجب من الوحي الإلهي للرسول صلى الله عليه و سلم و أعتبرها كما يقول علماؤنا و فقهاؤنا القدامىَ ( نُكتة ) في الإعجاز اللغوي , أن ( الخطأ ) و ( النسيان ) و ( الإستكراه ) جمعت كل ما يخص الإنسان اجتماعياً من ظروف و مشاكل تؤدي به إلى أي فعل جميل أو قبيح و لا عجب لإن الله تعالى كما ذكر في الأية القرآنية الكريمة يريد أن يظهر عفوه و رحمته و مغفرته لعباده الذي هو أعلم بهم فقال جل في عُلاه
{ إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ }
[ النجم \ 32 ]
و من هذا الحديث و من التحليل للأيات القرأنية نفهم أن الحكم الشرعي يؤخذ من ( التخصيص ) لا من ( الإجمال ) , لإن ( التخصيص ) هو روح الحالة و جوهر الموضوع الذي يحتاج للحكم … و من هنا نفهم عدم الإعتماد بعض الشيء على ما جاء في بعض الكتب القديمة التي تحتاج لتنقيح و تخصيص لمعاني الكلمات حتى نفهمها بشكل موضوعي واعٍ و صحيح … و أكتفي بهذا القدر من تحليل كلام علماؤنا السابقون رحمهم الله تعالى , و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم
القاهرة \ سبتمبر \ ليلة الخميس 2 \ 9 \ 2021 م
الساعة 49 و 2 ليلاً \ أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) كاتب و شاعر و باحث \