بقلم / جمال الشرقاوي
عن أبي حنيفةَ ، عن حمَّادٍ ، عن إبراهيمَ ، قال : قال عبدُ الله في البكرِ يَزْني بالبكرِ : يُجلَدانِ مئةً ، ويُنْفَيانِ سنةً , قال : وقال عليٌّ : حَسْبُهما من الفتنةِ أن يُنْفَيا ]
قلتُ : أنا الباحثُ تعقيب على اختلاف شيوخ الإسلام الكبار
و لمَّا كان أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب و علي بن أبي طالب رضي الله عنهم يختلفون حول حبس المرأة الزانية أو تغريبها و نفيها و هم كبار الصحابة و أصهار النبي صلى الله عليه و سلم و من العشرة المبشرين بالجنة ـــ أقول ـــ لمَّا يختلف هؤلاء في مثل هذه المسألة , يحق للمسلمين المساكين الضعفاء أمثالنا الذين تحوطهم الفتن كقطع الليل المظلم من كل ناحية , بل و ينغمسون فيها بكل جوارحهم سواء شعروا أم لم يشعروا , فالمسلم كما وَرَدَ في حديث الصحيح للنبي صلى الله عليه و سلم فيما معناه , تكون فتنة يصبح الرجل فيها مؤمناً و يُمسي كافراً , و يُمسي مؤمناً و يُصبح كافراً .
[ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قَيْسٌ ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، عَنْ أَبِي عَازِبٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : صَحِبْنَا النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ : أِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَأَنَّهَا قِطَعُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا ، يَبِيعُ أَقْوَامٌ خَلَاقَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ ] ( المصدر : كتاب : مسند أبي داود الطيالسي ـــ باب : النعمان بن بشير ـــ الجزء : 2 ـــ الصفحة : 149 )قلتُ : أنا الباحثُ هذا حديث صحيح
هذا حديث مشهور و مشهود له من أهل الفقه و العلم و الأصول بالصحة , كما أنه موافق للقرآن الكريم و السُـنــَّـة النبوية الشريفة , كما أن هذا الحديث من علامات النبوة و بشائرها لأنه تنبَّأ بما يحدث لنا الأن في عصرنا المعاصر بالتفصيل
ـــ أقول ـــ ماذا نفعل نحن طالما شيوخنا الكبار و خلفاء الرسول صلى الله عليه و سلم يختلفوا , فمن حقنا نحن أن نتقاتل على حرف و كلمة و مسألة فقهية , ـــ أقول ـــ من حقنا ( على سبيل التهكم و السخرية )ـــ أقول ـــ من حقنا أن يُكفِّر بعضنا بعضاً و يقتل بعضنا بعضاً , من أجل مذهب فقهي أو من أجل نشر أفكار يأباها البعض و يعتقدها البعض , أرأيتم كيف كان النفي و التغريب و الجَلْد و التعزير و الإخصاء و قطع اليد شيئاً بسيطاً , لأنه من الشريعة !!! فلا عجب أن يأتي بعد شيوخنا الكبار أمثال أبي بكر و عمر و علي رضي الله عنهم , خلفاء و أمراء و فقهاء أشد اختلافاً و تعصباً لمذاهب و مناهج بعينها , و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم.
قلتُ : أنا الباحث تعقيب على نفي المُخَنَّث
و الحقيقة أيها القاريء الكريم , أنا عندي تعقيب على حكاية ( نفي المُخَنَّث ) فلو أن النبي صلى الله عليه و سلم نفى مُخَنَّثاً , فهذا هو مقام النبوة و الرسالة ( سمعاً و طاعة ) لله تعالى و لرسوله صلى الله عليه و سلم , و لكن في زماننا هذا , هل يجوز نفي المخنث ؟! الجواب , لا , … هل تحكم المحكمة بذلك ؟ الجواب , لا , … أليس المخنث اليوم له الأهلية الكاملة و المواطنة الكاملة ؟ و الجواب , نعم ، أليس من حق المخنث أن يعيش مثل كل الناس ؟ و الجواب , نعم , … إذاً كيف نعمل عمل الرسول صلى الله عليه و سلم مع المخنث و قد تغيَّرَت أوضاع الدنيا و أفكار الناس و قوانين الحياه ؟! أترك لكم الإجابة على هذا السؤال , سأحاول الإجابة معكم , الحقيقة إن الحالة الوحيدة التي ننفي فيها المخنث هى أننا نكون متطرفين داعشيين لنزعم أننا نفعل سُنـَّة رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم , و ماذا نفعل اليوم في علمنا المعاصر إذا كان الطب الحديث اكتشف أن خَنَاثَة المخنث ليست بيده إنما هى مرض , و المخنث مريض بداء التخنيث إن صح اللفظ , و السبب أن هرمونات الأنوثة تغلب على هرمونات الذكورة في جسده فما عساه أن يفعل ؟! و لو افترضنا أن الحل للتخلص من المخنث هو في النفي , أليس في نفيه راحة لنا و جلب المشقة للذين سيُنْفَىَ إليهم المخنث ؟! هل هذا هو الحل أيها السادة ؟! و لو سرنا في هذه الفكرة للنهاية ( فكرة النفي كما وَرَدَت بالشريعة الإسلامية ) سنجد أن الحل الوحيد للمخنث هو قتله و التخلص منه و إراحة المجتمعات منه !!! هل هذا هو الحل أيها السادة ؟! و الحقيقة أن المخنث مريض يحتاج للعلاج و العملية الجراحية التي تجعله بإذن الله تعالى شخصاً سويَّاً سليماً , و ليس للنفي و التغريب و النفور منه اجتماعياً و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم.
قلتُ : أنا الباحثُ تعقيب على نفي المرأة أو تغريبها بسبب الزنى
لو تغرَّبت المرأة عاماً بسبب الزنى ستكون أكثر فُجْرَاً و أكبر أداة لشيوع الزنا و عموم البلوى , و كما قلنا عن المخنث نقول عن المرأة , أين تتغرَّب المرأة ؟! في وطن غريب غير وطنها , و هنا سترتمي في أحضان الغرباء كما تشاء , و ربما تحدث لها حالة من العند فترتد عن دينها و تكفُر , هل نقتلها و نُريحَها و نستريحُ منها ؟! هل هذا هو الحل أيها السادة ؟! أم نحنو عليها قبل و بعد عقوبتها و نعطف عليها و نقوِّم أخلاقها و نرشدها للطريق الصالح ؟! بالطبع تأخذ عقوبتها بالحبس مثلاً , ثم نعلُّمها كيف تكون عضواً نافعا في بناء المجتمع لا معول هدم للمجتمعات .
و انظروا لحوادث النفي , كما نفى سيدنا عمر بن الخطاب الشاعر الحُطَيئَة
[ وثبَت الإِجْلاء أيضًا في التَّعزير ، فإن عُمرَ بن الخطَّاب – رضي اللَّه عنه – نفَى نَصرَ بنَ الحَجَّاج ، وكان رجُلًا وسيمًا حتى إن النساءَ بدَأْنَ يَتَغزَّلْنَ به ، يَقول قائِل :
هَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا … أَمْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ
فأَمَره عُمرُ – رضي اللَّه عنه- أن يَحلِق رأسَه حتى لا تَفْتَتِنَ النِّساء به ، فلمَّا حَلَق رأسه صِرْنَ يَتَغزَّلن به من وجهٍ آخَرَ بعد الحلْق ، فرأى عُمرُ – رضي اللَّه عنه – أن يُنفَى فنَفاه إلى البَصْرة ، وكذلك أيضًا نفَى الحُطيْئَةَ ]
( المصدر : كتاب : تفسير القرآن الكريم سورة الأحزاب ــ باب : الأية ( 60 ــ 61 ) ــ الصفحة : 501 )
و الحقيقة ليست عندي أي تعليق على هذه القسوة بإسم الشريعة , فإن القوم أرادوا قتل الفطرة في الإنسان المسلم بإسم الشريعة و تطبيق الشريعة و عقوبة التعزير التي فتحت علينا باباً من جهنم .
و انظروا معي … يتراجع العظيم عمر بن الخطاب عن نهيه الشعراء وصف النساء بأشعارهم , و الخليفة سليمان بن عبد الملك الأموي يأمر بإخصاء المغنيين في عسكره و يعترض العظيم عمر بن عبد العزيز و قال إنها ( مُثْلَة )
[ قال أبو إسحاق : وكناية الأُدباء عن الزوجة بالهَدِيَّة ، كنايةٌ رفيعة سَنِيَّة ، وكان شُعراءُ العرب في الجاهلية ، وصدرِ
الإسلام يُشَبِّبُون بالنساء ، ويُعلنون بأسمائهم ، حتى توَعَّدهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ذلك .
وعهد إليهم ألا يُشبب أحد منهم بامرأة معلناً باسمها , وقد نفى نَصْر بن الحجاج بن علاط البهزي من
المدينة، وكان فتى جميلاً ، من أحسن أهل المدينة صورة حين سمع امرأة تنشد :
هلْ منْ سبيلٍ إلى خمر فأَشْرَبَها … أمْ هل سبيلٌ إلى نصر بن حجاج
وحكى الفضل بن موسى عن داوود العطار ، أنه قال : سمع سليمان بن عبد الملك في معسكره صوت
غناء ، فَدَعا بهم ، فقال : أمَا أنَّ الفرسَ ليصهل فتستودق له الرَّمَكَةُ ، وأنَّ الجمل لَيَخْطِرُ فتضبع له
النَّاقة ، وأن التِّيس لينهب فتستحرمَ له العَنْز ، وأن الرجل ليغني فتشتاقُ إليه المرأة , أُخْصوهُم , فقال له
عمر بن عبد العزيز إنها مُثْلة وطلب إليه فخلَّى سبيلهم
قال : ولَمّا كان ذلك من أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عادَ الشعراء بعد ذلك يُكنون عن
النساء بالشجر ، والثِّيابِ ، والأزُرِ ، والحُلَلِ ، وما أشبهها , من ذلك قول أحدهم :
فيا سَرْحَةَ الرُّكْبانِ ظِلُّكِ بارِدٌ … وماؤُكِ عذْبٌ لو يُباحُ لشارِبِ
ومنه قول حُمَيْد بن ثور الهلالي :
أبَى الله إِلَاّ أنَّ سرْحةَ مالِكٍ … على كلِّ أَفْنانِ العِضاه تروقُ
فالسرحة في هذين البيتين كناية عن امرأتين ]
( المصدر : كتاب : كنز الكتاب و منتخب الأداب ( السفر الأول من النسخة الكبرى ) ــ المؤلف : أبو إسحاق بن إبراهيم بن ابي الحسن الفهري ( المعروف بالبونسي ) ــ الباب : فصل و من أحسن ما كتبوا من التهنئة من الكلام الرفيع و النثر المشتمل على كل معنى بديع ــ الجزء : 1 ــ الصفحة : 394 )
قلتُ : أنا الباحثُ تعقيب على النفي و الإخصاء
لم يعد النفي يُجْدي نفعاً يل يزيد تفاقم المشكلة بشكل كبير , و هل رأيتم كيف كان الإخصاء و النفي و غير ذلك كان شيئاً بسيطاً جداً , كأن الشخص الذي وقع عليه حكم النفي أو الإخصاء ليس بشراً له كرامة و إنما كأنه حيواناً لا أكثر و لا أقل , بل و بكلمة واحدة من فم رجل مهما كان هذا الرجل ليس له أي حق في أن يقضي على مستقبل إنساناً واحداً حتى لو كفر , فهل كان يحق للخليفة سليمان بن عبد الملك ـ الأموي ـ أن يأمر بإخصاء الرجال الذين يغنون مثلاً ؟! و الجواب , ليس من حقه إلَّا أنه فهم الشريعة خطأ , إلَّا أنه لا يريد أن يسمع الغناء !! أهواء شخصية ما أنزل الله تعالى بها من سلطان .
و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم , و آخر دعوانا أن الحمد لله تعالى رب العالمين
المفاهيم المهلهلة في كتب السابقين من العلماء و الفقهاء*
و من ضمن هلهلة المعنى في كتب التفسير وجدنا الأتي
[ { غَافِرِ الذَّنْبِ } [ غافر : 3 ]
[ أَيْ : إِنِ اسْتَغْفَرْتُ غُفِرَ لِي ]
( المصدر : تفسير مجاهد )
و هنا نلاحظ أن العلامة مجاهد لم يأتي بشيء جديد فكل إنسان يستغفر الله تعالى يغفر الله تعالى له , و إنما ما معنى كلمة ( الذنب ) تحديداً ؟! لم يذكرها بشيء !!
مثال أخر من نفس المصدر يدل على الإبتعاد عن تحديد المعنى المُراد و من هنا تأتي هلهلة المعاني في كتب القوم
[ {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ }
[ الواقعة : 46]
[ يَقُولُ : كَانُوا يُدْمِنُونَ ]
( المصدر : تفسير مجاهد )
للأسف هذا ما أشقانا حينما نبحث في كتبهم عن تحديد معنى نريده و السبب لإن هؤلاء العلماء و الفقهاء القدامى كانوا ينقلون من بعضهم نقل ( مسطرة ) و السؤال ( ماذا كانوا يدمنون ) ؟! هل يدمنون الخمر ؟! هل يدمنون الكذب ؟! هل يدمنون الرجوع في وعودهم و مواثيقهم و يحنثوا فيها أي يرجعوا عنها ؟! ماذا كانوا يدمنون ؟! لا نفهم , و هنا يتحيَّر الباحث , فما بالك بالجاهل أو الشخص العادي الذي يقرأ تفسير الأية من باب التقرب إلى الله تعالى , أو من باب ( التدين ) فلن يفهم و ( يوجع دماغنا ) بجهله !!! ثم انظروا معي أيها القرَّاء الكرام إلى طول سلسلة السند حتى في نهاية المطاف يأتوا بشيء عجيب
[ أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حدثنا إِبْرَاهِيمُ ، قَالَ : حدثنا آدَمُ ، قَالَ : حدثنا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : الْحِنْثُ : الذَّنْبُ ]
( المصدر : تفسير مجاهد )
و من وجهة نظري الشخصية حسبما أدَّى إليه اجتهادي
الحنث : تحديداً : هو الرجوع : بصفة عامة , أي : الرجوع في الكلام أو الفعل , أو الرجوع في العهد و الميثاق , أي : باللغة المعاصرة : يبتلع الإنسان كلامه و فعله , أي : تبرَّأ منه , أو : يلحس كلامه و فعله , و هو برائته و انسحابه من قوله و فعله , و لكنه أبداً لن يكون ( الحنث ) هو ( الذنب ) و ربما المعنى البعيد الذي يريده العلامة مجاهد و لن يدركه الكثرة الكاثرة من الناس و هو كثرة الرجوع في المواثيق و العهود و كثرة الكذب و غير ذلك من الأفعال المُنكرة طالما تكررت فهى ( ذنب ) و هذا خطأ لإن هذا التصور أيضاً في فهم العلامة مجاهد هو خلط و تشويش عقلي للقاريء لسببين , السبب الأول : تصوره و تفسيره لمعنى ( الحنث ) أنه ( الذنب ) تشويش للتصور الذهني و عدم الفهم عند القاريء لمدلول الكلمات و عدم معرفتها تحديداً , و السبب الثاني : أن العلامة مجاهد يخلط بين الفقه و بين تفسير الكلمات , لإن معنى ( الحنث ) هو ( الرجوع في القول و الفعل ) أو ( عدم الوفاء بالقول و الفعل ) و هذا تفسير الكلمات , و لكن في عُرف الفقه أن تكرار الفعل العير محبوب مثل ( الحنث ) و ( الكذب ) و غيرهما يجعل الفعل نفسه ( ذنباً ) و مَن فعَل ( الذنب ) مَرَّة أو و كان مضطراً كان ( ذنباً صغيراً ) و مَن اعتاده مثلاً أصبح ( ذنباً كبيراً ) و من هنا أقرر أن العلامة مجاهد يخلط بين لغة و إسلوب التفسير و لغة و إسلوب الفقه , فمن أين يفهم ( الرويبضة ) هذا الخلط و يصل لهذه النتيجة ؟! و لذلك يظل ( الرويبضة ) ( يوجع دماغنا ) في تعليقاته و يطلب دليلاً على ما لا يعرفه و مالا نقصده , و هذا راجع إلى ( المعاني المهلهلة في كتب التفسير )*
و كذلك مثل ما وجدنا عند العلامة مجاهد نجد مثله حذو النعل للنعل عند العلامة مقاتل بن سليمان في تفسيره
[ فيما مضى قبلكم { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ } – 81 – يعني الذنب العظيم ]
( المصدر : تفسير العلامة مقاتل بن سليمان )
الكلام هكذا بدون ذكر إسم السورة في تفسير الأية و هى الأية 81 من سورة الأعراف
و كذلك نجد في الحواشي للتفسير قد كتب محقق التفسير الأستاذ عبد الله محمود شحاتة رحمه الله تعالى
[ والمراد أن الإسراف هو الذنب العظيم أى مسرفون فى اقتراف الذنب العظيم وهو اللواط ]
و كذلك نجد كلام المحقق ( عبد الله محمود شحاتة ) رحمه الله تعالى هو ذاته كلام المفسر العلامة مقاتل بن سليمان و لكن بإسلوب أخر و بنفس إسلوب العلامة مجاهد و هو يُعَدُّ خلط لغة و إسلوب الفقه بلغة و إسلوب التفسير للأسف
و هنا كما هو واضح فسر ( الإسراف ) ( بالذنب ) العظيم ؟! كيف ذلك ( فالإسراف ) هو الإكثار من الشيء سواء شيء جميلا أو شيئاً قبيحاً , فأين تحديد معنى ( الذنب ) هنا ؟! لا ندري
و الدليل على صحة ما أقول
[ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَزَلُوا بِأَرْضٍ قَفْرٍ مَعَهُمْ طَعَامٌ لَا يُصْلِحُهُمْ إِلَّا النَّارُ ، فَتَفَرَّقُوا فَجَعَلَ هَذَا يَجِيءُ بِالرَّوْثَةِ ، وَيَجِيءُ هَذَا بِالْعَظْمِ ، وَيَجِيءُ هَذَا بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا مِنْ ذَلِكَ مَا أَصْلَحُوا بِهِ طَعَامَهُمْ ، فَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحَقَّرَاتِ ، يَكْذِبُ الْكَذْبَةَ ، وَيُذْنِبُ الذَّنْبَ ، وَيَجْمَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ]
(( قلتُ : هذا حديث صحيح بإذن الله تعالى لموافقته أيات القرآن الكريم و موافقته للعقل و المنطق و الطبيعة البشرية و الواقع الذي يعيشه الناس ))
و الشاهد الأول [ مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ]
و الشاهد الثاني [ صَاحِبُ الْمُحَقَّرَاتِ ]
و المعنى المقصود من [ مُحَقَّرَاتِ ] و [ الْمُحَقَّرَاتِ ] أي : الصغائر , أي : تبدأ الكذبة فتكون ( ذنباً ) حقيراً لا يؤاخذ الله تعالى عليه في بدايته لإنها كذبة واحدة ربما كانت سهواً أو نسياناً أو اضطراراً , ثم تتكرر مرتين أو ثلاث* فتصبح ( ذنباً صغيراً ) و لكن لو كانت فعلا يومياً اعتيادياً سيتحول هذا ( الذنب الصغير ) إلى ( ذنباً كبيراً )
و الدليل من القرآن الكريم
{ لِيَحۡمِلُوٓاْ أَوۡزَارَهُمۡ كَامِلَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۗ ألَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ ٢٥ }
[ النحل \ 25 ]
و الشاهد الأول هنا { اْ أَوۡزَارَهُم }
أي : ذنوبهم و سيئاتهم و خطاياهم و معاصيهم و أثامهم
و الشاهد الثاني هنا { وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم }
أي : كثرة الأوزار .. أي : ( الذنوب ) التي يحملونها فوق أوزارهم .. أي : فوق ( ذنوبهم ) و هى التي تجعل الذنوب كبيرة