أخبار عاجلة

أخطاء بريئة

أخطاء بريئة
قصص من الأرشيف
11.2021
قررت المعلمات رحلة في القطار إلى الزبداني/ قرب دمشق يوم عطلة، وقررن التواجد قبل الساعة السابعة صباحا في محطة القطار ليذهبن إلى منابع نهر بردى، رغبة بالتمتع بنسمات الربيع الدافئة، والعيش في الطبيعة، ويكسبن يوما يكسرن فيه نمط الحياة اليومية، ويستعدن به بعض نشاطهن في حياتهن العادية…
بالفعل رحلة إلى وادي بردى في القطار عبر حقول الغوطة والبساتين، وبين الاشجار هي رحلة ممتعة بحد ذاتها لتعيد البسمة لحياتنا المتعبة.
صيحات الأطفال في القطار، وأصوات ضحكاتهن، وموسيقى أصوات صافرات القطار… جميعها حكايات ساحرة…
في الزبداني رتبت المعلمات جلستهن فوق الحشائش تحت أشجار تفاح الزبداني الشهير، وبدأن بتحضير القهوة، وهن يستمتعن بزقزقة العصافير وطيور الوروار، وطيور أخرى كثيرة …والأكثر روعة، هو شرب الماء من عين نبع بردى مباشرة أثناء خروجه من جوف الأرض. مياه طاهرة، باردة في الصيف، ودافئة في الشتاء، ومشاهدة الحصى بألوانه الزاهية الجميلة في قاع النهر والسمك الصغير الملون، لوحات غاية في الجمال ابدعتها ريشة الخالق…
من يعيش في تلك الاجواء يسبح الله تلقائياً ويتساءل: إذا كان هذا المكان هو جنة من جنات الله على الارض، كيف تكون الجنة الحقيقية عند خالق الجنات؟؟؟
ضحكات وأحاديث ونميمة وشاي وقهوة ومته ومكسرات حتى الظهيرة…
كان اولويات المعلمات اعداد وجبة الغذاء. اشتركت جميع المعلمات في تهيئة اعداد الطعام، بعضهن يصنعن التبولة والفتوش، وبعضهن يعملن في جمع الأخشاب الجافة من الأرض لتشعلنها لتصبح جمراً لشوي اللحومات….
بالفعل كانت وجبة غذاء فريدة من نوعها. أكلت المعلمات كميات من الطعام لم يأكلن بحجمها يوماً… جميعهن أوقفن (الريجيم الغذائي) وأكلن بنهم حقيقي وشهية عجيبة…
بعد الغذاء، قالت المديرة، من أرادت التسوق، او زيارة المدينة لتذهب، لكن ليكن تواجدكن في المحطة قبل الساعة الخامسة موعد عودة القطار إلى دمشق.
جميع المعلمات تواجدن في محطة القطار في الموعد عدا المعلمة سمر…
اقتربت الساعة من الخامسة تماماً وأخذ القطار يصفر معلناَ التحرك، لكن سمر لم تحضر… وهاتفها الجوال لا يرد…
القلق أخذ مأخذه في المعلمات، رجون قائد المحطة بتأخير الرحلة قليلا، وتحت الحاح شديد ورجاء المعلمات، تأخرت الرحلة عشر دقائق. لكن سمر لم تأتي…
صعدت المعلمات إلى القطار، ما عدا المديرة قررت البقاء في الزبداني والبحث عن المعلمة الغائبة، تحرك القطار، ووجوه المعلمات صفراء داكنة، لم تنبث واحدة منهن بكلمة أو حتى بحرف…
المديرة حجزت في فندق المدينة، ثم ذهبت إلى دائرة الشرطة والمسئولين والجميع قاموا باتصالاتهم المختلفة في المستشفيات، وفي الأماكن المعتادة،في الفنادق، في الشوارع وكل مكان… لكن لا وجود للمعلمة سمر في المدينة…
رجعت المديرة إلى الفندق والدموع تملأ عيناها
رفضت الطعام ورفضت حتى الكلام……
وأخذت الأفكار السوداء تتقاطع في رأسها، وخاصة حينها كانت توجد حالات اختطاف في البلد، مما جعل المديرة بحالة خوف حقيقي…
في الثامنة مساءً. رن جوال (المديرة)
واحدة من المعلمات على الخط تبكي وتضحك بذات الوقت.
قالت للمديرة: سمر صارت في بيتها، جاءت مع اقرباء لها صادفتهم في المدينة. وعندما أرادت الاتصال بنا لتخبرنا بأنها رجعت مع اصدقائها، لم تجد موبايلها واكتشفت بانه سرق منها، أو نسته في المقهي الذي كانت فيه مع معارفها الذين التقت بهم.
جن جنونها، كانت في منتصف الطريق إلى دمشق. والمشكلة إنها لم تتذكر أي رقم من ارقام هواتف جوالات زميلاتها المعلمات لتتصل من موبايلات نوكيا مو اصدقائها في السيارة، والأصعب من كل هذا، اصدقاؤها توقفوا في مضايا لشراء بعض الأغراض…
كانت المعلمة سمر تتحرق من الداخل، وكل همها أن تصل إلى بيتها لتخابر زميلاتها وتعتذر عن خطأ حصل رغماً عنها… وحدث ما حدث. وكانت الفرحة، وكانت الدموع والعتاب، والمسامحة على خطيئة بريئة بحسن نية…قالت المديرة: اشحنوا موبايلاتكم وتفقدوها قبل التوجه إلى أي مكان… ذاك احسن.
كتب القصة: عبده داود

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …