**مُدُنُ الْهَوْلِ**
بقلم_رؤوف بن سالمة_تونس
مَدِينتِي هَجرَتهَا الْلُّغَةُ
مْنذُ الأَزمَانِ الرَّبِيعِيّةِ..
الْمُحْتشِدَةِ فجْأَةً،
فِي بَرْدِ الشَّمسِ..
حِينَ كَانَ الْعالَمُ الْمَاكِرُ
يَسْتقِرُّ عَلَى ذَاتِهِ
فِي الْهَواءِ الْمُتَجمِّدِ..
هُناَ فِي مفَاصِلِ مَديِنتِي
حَلَّتْ وُجوهٌ مُحَطّمَةٌ
وَبَانَتْ مَنارَاتٌ
مقْطُوعَةُ الأطْرافِ
فِي أَرْضِ مَقْبَرَةِ الْجَمالِ
عَصَفتْ رِياحُ السِّنِينِ
وَتكَلَّمَ الْهَوَاءُ معَ ذَاتِهِ
ودَارَ فِي الْجَمَاجِمِ الْفَارِِغَةِ
طَحنَتْ الأَعاصيرُ السَّوْداءُ
كلَّ الأفْكَارِ وَالأَحْلاّمِ
وَمَشَتْ مدِينَتِي الْمَتْرُوكَةُ
دُونَ التَّحَرُّكِ لِلْأَمَامِ
خَلْفَ نَبْضِ الزَّمَنِْ
وَأَعْمدَةُ الْلَّيْلِ عَابِثَةٌ
تَسْحَقُ قَبْضَةَ الضَّوْءِ،
فِي هَذا الْفَرَاغِ الْمُسْتَدِيرِ
مثْلَ أرْدَافِ زَانِيَةٍ
فِي بَحْرِ الشَّهْوَةِ
بُهْتَانًا منْثُورًا،
عَلى جَبِينِ مَدِينَتي
فَلاَ تَنَامْ أَجْفَانِي..
تَنْفَتِحُ أبْوَابُ مَدينَتِي
مِثْلَ أبْوابِ اللُّغَةِ
نحْوَ غيْمٍ ممْطِرٍ
وفِي تَشقُّقَاتِ الأُفُقِ..
تعْبُرُ الأَحْلاَمُ،
وَرأَيْتنِي كالثَّلْجِ
أَخترِعُ نِساءً
تجُرُّ الْفَرَحْ
بِخُيُوطٍ مِن نُورٍ…