مقال بعنوان:تجربتي مع كورونا،ج2.
بقلم ا.د. عادل خلف عبدالعزيز القليعي استاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان.
بعيدا عن الصخب الإعلامي بكل وسائله وكل منصاته تعالوا معي سادتي وسيداتي نتأمل المشكلة ونفكر فيها ونتعقلها في هدووووء ، في البداية لابد أن يعلم الجميع أن هذه الازمة (أزمة الفيروسات) ، ليست جديدة علي عالمنا الذي نحياه.
صحيح قد تكون جديدة علي كثير من جيل الشباب الذي لم يعاصر أمراض كثيرة وخطيرة مرت علي العالم عبر عصور مختلفة فلم يشاهدوا الكوليرا وما حصدته من أرواح البشرية وكان لمصر نصيب وافر من هذا الحصاد، وكذلك لم يروا الملاريا وأيضا السارس والايبولا وغيرها من الامراض الفتاكة.
ومن ثم وبمجرد ما ظهرت هذه المحنة وطفت علي سطح واقعنا، وجدنا كثيرون يهون منها ومن خطورتها، ووجدنا أيضا من يستهزأ ويسخر ممن يتحدث عنها، ووجدنا من ينكرها ولا أعلم مبررا للانكار خوفا من ماذا؟!، خوفا من الانهيار الاقتصادي مثلا نعتم ولا نتكلم ولا نعلن، والانسان بما هو انسان أليس هو الثروة الحقيقة التي تصنع الاقتصاد وتصنع الحياة، أليس هو الذي يدير عجلة الإنتاج.
ليس الحل في الانكار أو الاستهزاء،أو السخرية،وانما الحل الأنجح والأمثل في المواجهة،وهذا ما انتهجته تقريبا معظم الدول التي ظهر فيها هذا الوباء ومنها بلدنا الحبيب.
الذي بدأ يصارح الناس بأعداد المصابين وما تتعرض له مستشفياتنا من تكدس للحالات.
إذن المصارحة والشفافية هما الطريق الأمثل للعلاج، ثم الخطاب التوعوي بمعني توعية الناس بخطورة الأمر دون إرهابهم وتخويفهم حتي لايصابوا بالمرض واليأس والاحباط.
خطاب توعوي متخصص من أساتذة في الطب الوقائي والطب النفسي والطب العضوي كل في تخصصه،اذ ليس كل من سمع كلمتين أو عبارتين يخرج علي الناس ليشرح لهم ويفهمهم،
وكأننا صرنا جميعا أطباء ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيحدث ما نري من هرج ومرج وتوهان
نحن في محنة نعم ومن ينكر ذلك فهو مكابر أو عنيد معاند.
وهذه المحن كما نعلم لا تدوم ولا تستمر إذ ليس ثم ابتلاء يستمر ويدوم،وكما نعلم يبتلي المرء علي قدر إيمانه.
صحيح من الممكن أن يطول هذا الابتلاء، لكن هل نجزع هل نسأم،هل نصاب باليأس أم نصبر ونصطبر.
ونمتثل لقول الله تعالي (ولنبلونكم بشيئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات،وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون،أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) ، والحمد لله أن ابتلائنا لم يكن في ديننا إذن الصبر الجميل والأخذ بالأسباب والتوكل علي رب الأسباب سبحانه وتعالى.
أخذ الحيطة والحذر واتباع التعليمات وتحري هذه الأسباب من مصادرها الرئيسة لا من كل من هو مضلل ومغرض يريد اثارة الفتنة والبلبلة بين الناس .
هذه المحنة لم ولن تحل إلا بتضافر كل الجهود، الكل يصبح علي قلب رجل واحد، الكل يعمل بكل ما أوتي من قوة الجيش الأبيض الذي لا يكل ولا يمل نرفع له القبعة ونشد علي يده ونحييه .
وعلي الجانب الآخر نقول لمن يتقاعس منهم ونقول لمن أغلق عياداته خوفا من العدوي اتقوا الله وبروا بالقسم الذي حلفتموه عند تخرجكم من الكلية.
فهذا دوركم وواجبكم فانتم جند الله في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الأمة وسيذكركم التاريخ من استشهد منكم ، ومن تخاذل فالتاريخ لا ينس ورب التاريخ لا ينس ونقول للمسؤلين عنكم ضعوهم بين أعينكم، وقدروا تضحياتهم ولو حتي بالكلمة الطيبة التي تفتح طرقا في أرض الله .
وأقول لشعبنا المصري الغالي يعرف الرجال بالشدائد والمحن،واليوم محنة وأزمة أروا الله من أنفسكم خيرا.
وجدت ذلك وشاهدته ولمسته بنفسي ورأيت الناس يساعدون رجال الإسعاف ،لكن مع أخذ الحيطة والحذر.
يا رجالات الله الهمة الهمة الجد الجد ، الاجتهاد الاجتهاد،،وأقول إذا ما تم ذلك وتضافرنا وتكاتفنا ووقفنا في خندق واحد اليد مع اليد، الكتف بجوار الكتف حتما ثم حتما سيندحر هذا المخلوق هذا الفيرس الذي حتي لا يري بالعين المجردة.
سينهزم هذا الذي اربك العالم بأسره شريطة أن ننفذ ما سبق ساعتهاستأتي المنحة الربانية ساعتها سيمنحنا الله جوده ورضاه ويمن علينا بالشفاء ونعود سيرتنا الأولي ونعود الي أعمالنا ونعود إلي شوارعنا التي تتطهر الآن بالمطهرات الصناعية.
نتطهر من داخلنا بالمطهرات الربانية حتي تهب علينا النسمات الإلهية ، حتي يمنحنا الله منحه ونعمه التي لا تحصي حتي نعترف بذنوبنا وبتقصيرنا حتي نعترف ونقول ياربنا انا تبنا اليك ، انا عرفنا قدرنا وعرفنا قدرك ، فاعدنا إليك وردنا إليك فانت الإله الرب الرحيم العفو الغفور وجدتنا حدنا عن الطريق فأردت تأديبنا وتربيتنا من جديد وأنت الرؤوف الرحيم الأرحم بنا من والدينا فقد ابتليتنا لتطهرنا ونحن إن شاء الله سنكون من الصابرين.