بقلم / سمير ألحيان.
● المهدي المنجرة: ( المنذر بألام العالم)
● المهدي المنجرة: ( أو نستراداموس العربي)
● فقيه الإقتصاد وحكيم المثقفين ●
* طبقي المعرفي الدي سأقدمه لكم اليوم هو حديث ذو شجون عن شخصية وعن قامة وعن علم من أعلام الفكر والثقافة والسياسة في المغرب الأقصى الحافل والزاخر بلألئ وجواهر الفكر العلم والثقافة شخصنا المستهذف والمعني بمقالي هذا هو المهدي المنجرة فهو فعلا مهدي في أفكاره واختياراته وفي تنبؤاته وفي رؤيته الثاقبة والسديدة لمجريات الأحداث والأمور سواء تعلقت بماهو داخلي المتشعب والمتعب والمتشابك الخيوط والتقاطعات أو فيما مايتعلق بماهو خارجي المليئ بالصراعات والمتخم بحروب إثبات الذات وسط هدا الخضم المصطك ووسط هياج البحر هذا من سنة 1933 في عاصمة المملكة المغربية الرباط ولد المهدي المنجرة عالم المستقبليات المغربي، هذا العالم ويالا الغرابة ويالا الصفاقة عرفه الغرب أكثر مما عرفه العرب. آثر المهدي المنجرة التفرغ لمشاريعه العلمية على العمل السياسي، وترجمت مؤلفاته لعشرات اللغات العالمية. أطلق جائزة للتواصل الثقافي بين الشمال والجنوب وموّلها من ريع مؤلفاته. انشغل بسؤال “إلى أين نسير؟”، ومدى امتلاك العالم العربي والإسلامي لرؤية مستقبلية.
ولد المهدي المنجرة كما اسلفنا بالضبط يوم 13 مارس سنة 1933 في الرباط لأسرة محافظة.
تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة “أبناء الأعيان المسلمين” بحي موغادور بالرباط بالموازاة مع تعلمه في الكتّاب( دار القرآن)، وتعلم اللغة العربية في البيت على يد إدريس الكتاني ومصطفى الغرباوي.
التحق بثانوية ليوطي (ثانوية محمد الخامس حاليا) وكان يناقش الأساتذة الفرنسيين ويواجههم بقوة حول الاستعمار الفرنسي للمغرب، وحصل أن استفزه أحد الفرنسيين في حادث فضربه فاعتقل على إثر ذلك.
وفي عام 1948 قرر والده إرساله إلى أميركا لمتابعة دراسته في مؤسسة “بانتي”، وهناك حصل على الإجازة في البيولوجيا والكيمياء، وفي العلوم السياسية كذلك بجامعة “كورنيل”.
انتقل عام 1954 إلى إنجلترا لإكمال دراسته العليا، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة لندن، وأنجز أطروحة الدكتوراه في موضوع “الجامعة العربية”.
شغل مناصب مختلفة في المغرب وخارجه، ففي عام 1959 استقبله الملك محمد الخامس كأول أستاذ مغربي في كلية الحقوق بالرباط وأصغر الأساتذة فيها سنا، وعينه مديرا للإذاعة والتلفزة المغربية خلفا لقاسم الزهيري.
وفي عام 1970 عمل في كلية العلوم الاقتصادية بلندن أستاذا محاضرا وباحثا في الدراسات الدولية، وخلال سنتي 1975 و1976 تولى مهمة المستشار الخاص للمدير العام لليونسكو، وكان أول مستشار للبعثة الدائمة للمغرب لدى الأمم المتحدة.
وانتخب عام 1981 رئيسا “للاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية” ورئيسا للجمعية الدولية للدراسات المستقبلية(1977-1981)، وساهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات التي كان من بين أعضائها كذالك علماء و دعاة ومفكرين ومثقفين من بينهم ( الغزالي والغنوشي والترابي والقرضاوي)
وعمل مستشارا وعضوا في العديد من المنظمات والأكاديميات الدولية، وتولى عمادة جامعات يابانية في التسعينيات، وتولى رئاسة لجان ووضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية، وأسس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ونال عضوية أكاديمية المملكة المغربية والأكاديمية الإفريقية للعلوم والأكاديمية الدولية للفنون والآداب.
كان مساره رحمه الله حافلا وغنيا بالأنشطة والندوات المؤتمرات واللقائات مع أبرز الشخصيات العالمية المرموقة و المعروفة على الساحة الدولية فلقد كانت رحلاته مكوكية يجوب من خلالها جل بقاع العالم يمثل بلده و ينشر بالتوازي مع ذالك فكره وإنتاجه الثقافي والمعرفي حتي لقب بالمفكر المحلق لكثرة أسفاره ورحلاته حتي قال في إحدي أقواله أنه قضي نصف حياته محلقا في السماء
ففي سفره إلى مصر للقاء بعض المسؤولين في الجامعة العربية بقصد إنجاز أطروحته، التقى بالمجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي (أسد الريف ) وشقيقه محمد، وكان واحدا من الطلبة المغاربة الذين استقبلهم الملك محمد الخامس بباريس في طريق عودته من المنفى إلى أرض الوطن.
ولما عاد إلى الوطن عام 1957 عمل أستاذا في كلية الحقوق وتولى بعدها إدارة مؤسّسة الإذاعة المغربية، وفي عام 1962 عينه المدير العام لليونسكو “روني ماهو” مديرا عاما لديوانه، وتولى خلال عامي 1975 و1976 مهمة المستشار الخاص للمدير العام لليونسكو.
ترك العمل في اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية بعد ما خبر دهاليزها وخباياها، ووصل إلى قناعة بأنها لا تخدم إلا الغرب ورؤيته فقط وتسير في اتجاه واحد هو خدمة الدول الكبرى، فعاد إلى المغرب.
رفض تولي مناصب حكومية كثيرة (وزارة المالية والوزارة الأولى) في عهد الملك الحسن الثاني، وتفرغ لمشروعه العلمي الكبير، وانشغل بسؤال “إلى أين نسير؟”، ومدى امتلاك العالم العربي والإسلامي لرؤية مستقبلية.
ورأى أنه لا يمكن الجواب عن هذا السؤال قبل الجواب عن سؤال: “من أين أتينا؟”، فانشغل بمجتمع المعرفة وكان من أوائل الدعاة للاستثمار في العنصر البشري ومناهضة العولمة والأمركة، واعتبرها تكرس أشكالا جديدة من الاستعمار والعبودية ومنطق الفكر الواحد والوحيد وتقصي الشعوب والثقافات الأخرى، ورأى أنها منطق قائم على اغتيال الحق في الاختلاف والتميز.
هاجر إلى اليابان ومكث فيها سنوات غضبا من تعامل السلطة معه، وخاصة بعد منعه من إلقاء محاضرة في جامعة فاس.
ألف بالعربية والفرنسية والإنجليزية واليابانية عددا من الكتب التي ترجمت لعشرات اللغات العالمية، ومئات المقالات التي اهتمت أساسا بقضايا القيم والعولمة والحقوق والتنمية والإستراتيجية فلقد كان إنتاجه الفكري والثقافي زاخرا وخصبا وغزيرا رحمه الله.
طرح إشكالات ووضع مقاربات للحلول واستشرافات للمستقبل لقيت قبولا وإقبالا، حيث نفدت طبعة كتاب له في اليوم الأول من صدورها، واعتبرت كتبه الأكثر مبيعا في فرنسا ما بين 1980 و1990.
من أبرز كتبه وأشهرها “الحرب الحضارية الأولى”، و”الإهانة في عهد الميغا إمبريالية”، و”عولمة العولمة”، و”انتفاضات في زمن الذلقراطية”، و” قيمة القيم”، و”حوار التواصل”.
حصل خلال مساره الأكاديمي الغني والطويل على جوائز وأوسمة عديدة، فمُنِح في المغرب الوسام الملكي في العديد من المناسبات، ونال جائزة من الإمبراطور الياباني عن بحث بخصوص أهمية النموذج الياباني بالنسبة للعالم الثالث ونال وسام ( الشمس المشرقة) من إمبراطور اليابان وهو وسام لم يمنح إلا لفئة قليلة من الشخصيات في العالم التي خدمت وكان لها تأثير في العالم .
وحصل على جائزة الحياة الاقتصادية عام 1981، والميدالية الكبرى للأكاديمية الفرنسية للمعمار عام 1984، وقلادة الفنون والآداب بفرنسا عام 1985، ، وميدالية السلام من الأكاديمية العالمية لألبيرت آينشتاين، وجائزة الفدرالية الدولية للدراسات المستقبلية عام 1991.
أطلق المهدي المنجرة عام 1991 جائزة “التواصل الثقافي بين الشمال والجنوب”، وهي تموَّل من ريع كتبه، ومُنحت لعدد من المثقفين كوزير العدل الأميركي السابق رامسي كلارك والمسرحي المغربي الطيب الصديقي، والفكاهي المغربي السياسي الساخر السنوسي كما مُنحت عام 2001 للطفل الفلسطيني الشهيد محمد جمال الدرة، ومصوره طلال أبو رحمة.
توفي المهدي المنجرة بعد مسار مهني وثقافي وفكري ونضالي معطاء وزاخر عن عمر يناهز 81 سنة وذالك في يوم الجمعة 13 يونيو 2014 ببيته في الرباط بعد معاناة طويلة مع المرض
* عرف عنه عدائه للرأسمالية والإمبريالة والصهيونية ورفضه المنقطع لكل أشكال التطبيع مع الكيان المحتل (إس رائ ي ل)
* هل تحققت نبوءات المهدي المنجرة؟
عرف عنه رحمه الله أنه تنبأ بمجموعة من الوقائع والأحداث عرفها العالم وكانت تنبأته صادقة ودقيقة وفي الصميم ومن بينها أحداث حرب العراق ومن بين أقواله التي قال فيها
“الأطفال هم الأمل، كتبت كتابي الحرب الحضارية الأولى عام 1991 وأهديته لأطفال العراق، و أنا كعالم مستقبليات أهديتها لأطفال العراق الذين سيموتون من بعدما ماتوا، كم من شخص يقول المهدي يبالغ، وفي كل مرة يقولون أبالغ، أعرف أنني سأكون على حق بعد عشر سنوات”
–المهدي المنجرة_
* ومن أبرز أقواله الشهيرة التي تركها لنا رحمه الله
“أجدني متشائما على المدى القصير لأنني متفائل على المدى البعيد”
– المهدي المنجرة_
* إنه أيقونة الفكر في المغرب الأقصى ياسادة إنه المهدي المنجرة المفكر الذي ادهش فكره الحكماء