إسلاميات… مع الحياة الآمنة والفساد
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
إن الإسلام هو الذي جاء لتحقيق المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، فإن أحكامه الغرّاء تعتبر أي فعل أو تصرف أو دعوة لزعزعة أمن المجتمع جريمة كبرى وجناية عظمى ومفسدة جلى، وإن أعظم سبيل لتحصيل الأمن بجميع صوره هو تحقيق التوحيد الخالص، والالتزام بالعقيدة الصحيحة، والتعلق الكامل بالله عز وجل، وإن الأمن بأشكاله المختلفة لا يتحقق إلا بطاعة المولى عز وجل والتقيد بشرعه ومنهجه، مع الحفاظ على سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وإن من أسباب تحقيق الأمن هو الحرص على رد كل تنازع في أمور الدين والدنيا إلى الأصلين العظيمين والوحيين الكريمين، ويتبع هذا الأصل أن يرجع الناس خاصة في أزمان الفتن.
إلى علماء الشريعة الراسخين الذين ينظرون إلى الأمور بفهم دقيق واستنباط عميق وخبرة طويلة، فالحمد لله سبحانه على هذه النعم الغالية، ولنحرص جميعا في جميع بلدان المسلمين التي منّ الله عليها بالأمن، لنحرص على شكر الله عز وجل على هذه النعم، ولنتعاون على الحفاظ عليها بكل غالى ورخيص، ولنحذر أيها المسلمون، أيها المؤمنون من كل دعوة تهدد الأمن، وتزعزع الاستقرار، فلا هناء في عيش بلا أمن، ولا سعادة في مال بلا استقرار، فإن الأمن من أهم مطالب الحياة الطيبة المطمئنة، ذلكم أن الأمن يعني السلامة من الفتن والشرور، ويعني الاطمئنان والاستقرار والرخاء والازدهارن، وإن الأمن فى حقيقته هو انتفاء الخوف على حياة الإنسان.
وعرضه وملكه ومكتسباته، فالأمن نعمة عُظمى ومنّة كبرى لا يعرف كبير مقداره وعظيم أهميته إلا من اكتوى بنار فقده، فوقع في الخوف والقلق والذعر والاضطراب ليلا ونهارا سفرا وحضرا، وإن الأمن هو الهدف النبيل الذي تنشده المجتمعات البشرية، وتتسابق إلى تحقيقه الشعوب العالمية، ولأهمية الأمن وعظيم مكانته كان من دعائه صلى الله عليه وسلم “اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي” رواه أحمد، وأبو داود، فإذا اختل نظام الأمن وزعزعت أركانه واخترق سياجه، فكم يقع حينئذ من الفتن العريضة والشرور المستطيرة، إذ لا يأتي فقد الأمن إلا بسفك الدماء، وقتل الأبرياء، وتناثر الأشلاء، وإثارة الفتن العمياء، والجرائم الشنعاء.
والأعمال النكراء، ومن هنا فالأمن في الإسلام مقصد عظيم شرع له من الأحكام ما يكفله ويحفظ سياجه، ويدرأ المساس بجنابه، فقد تضافرت النصوص القطعية على وجوب المحافظة على الضروريات الخمس، وهي الدين، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال، وحرّمت الشريعة كل وسيلة إلى النيل من هذه المقاصد، أو التعرض لها، وشرعت من الأحكام الزاجرة ما يمنع من التعرض لها أو يمس بجوهرها، بل إن الإسلام حرم كل فعل يعبث بالأمن والاطمئنان والاستقرار، وحذر من كل عمل يبُث الخوف والرعب والاضطراب، من منطلق حرصه على حفظ أجل النعم الأمن والأمان، ومن هذا المنطلق نهى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
أن يتسبب الإنسان إلى فعل يؤدي إلى المساس بالأمن والاستقرار، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “لا يحل لمسلم أن يروع مسلما” رواه أحمد، وأبو داود، ويقول صلى الله عليه وسلم “لا يُشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار” متفق عليه، بل ولقد بلغت عناية الإسلام ونصوصه أن جاءت بالنهي عن كل ما يؤذي المسلمين في طرقاتهم وأسواقهم ومواضع حاجاتهم، فقال صلى الله عليه وسلم “إياكم والجلوس في الطرقات” ويقول صلى الله عليه وسلم “إذا مر أحدكم في مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليُمسك على نصالها أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشيء” متفق عليه، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار”