️تخصصي ليس مهنة بل هو اسلوب حياة 

 ️تخصصي ليس مهنة بل هو اسلوب حياة 
كتب سمير ألحيان إبن الحسين
➖️علم الاجتماع وسؤال الراهنية :
(…)
__ سألني صديقي لماذا إخترت علم الإجتماع كتخصص لإتمام دراساتك الأكاديمية؟
__ فأجبته جواب عاشق متيم بهدا العلم فقلت له علم الاجتماع ياأخي ليس مهنة، بل هو بالنسبة لي أسلوب حياة! فمن يبحث عن عمل، أو يريد كسب الكثير من المال ليس من الضروري أن يختار دراسة وتدريس علم الاجتماع!
قال في إستفهام واستفسار فماذا يفعل من ليس لديه أي حرفة ولا يجيد أي عمل، ولم يبق له من خيار آخر غير الجامعة. فبعد إستنفاذه كل المحاولات غير المجدية، وقرر التسجيل بالكلية، ولم يجد أي تخصص بإمكانه مسايرة التكوين فيه غير علم الإجتماع، لأنه سمع أن أغلب أبناء الشعب يختارون هذا التخصص، ويقال له عنه أيضا أنه ليس تخصصا صعبا؟
قلت له فعلا! من المرجح أن يكون الطلب الاجتماعي المتزايد على علم الاجتماع ناجما عن ظن عامي يعتقد أصحابه أن هذا العلم سهل المنال! بينما واقع الحال يكشف ان مبدع السوسيولوجيا “أوغست كونت” اعتبر الفيزياء الإجتماعية(علم المجتمع) أعقد من الفيزياء الطبيعية(علم الطبيعة)!!
قال لي فكيف له إذن، أن يكون متمكنا ومتملكا لهذا العلم الصعب؟
اجبته قائلا له عليك ياصديقي أن تختار بين أن تكون من مطاردي الشهادات والمناصب، أو أن تكون من مطاردي الأفكار والمعاني!! لا يكفي فقط دراسة علم الاجتماع في إحدى الجامعات، حيث يتم حشوك بالمعلومات المبعثرة والأفكار العقيمة والمهام الرتيبة أحيانا.. فالعديد من الطلبة تم حشوهم وتعميدهم بالشواهد الجامعية، وبعدما حصلوا على مهنة لم تعد تربطهم أي صلة بعلم الاجتماع!! ما أكثر هؤلاء وأولئك الذين لا يسسلجون حياتهم ولا يحيون سوسيولوجيتهم باعتبارها علما/فكرا حديثا وليد الحداثة .. ولا يكتبون وحتى وإن تراموا على الكتابة كتبوا نصوصا رديئة كلها تهافت وهراء تنقلب إلى حجة عليهم لا لهم!!
سألني مقاطعا..هل يحصل هذا رغم حصولهم على الدبلومات!؟
قلت له مؤكدا نعم!.. أحيانا يكون الفرق الوحيد بين الحاصل على الدبلوم وبين غير الحاصل عليه، هو أن الثاني قد يرتاب من الأخطاء والأحكام القبلية ويحتاط منها، بينما الأول يشجعه دبلومه على ارتكاب المزيد من الأخطاء واستصدار أحكامه المسبقة بثقة أكبر من السابق!!!…وأحيانا يكون المدرس هو ذلك الشخص الذي دخل الجامعة وفشل في الخروج منها بعدما لم يفلح في إيجاد بديل عنها…!!!
ياصديقي علي أي حال، دعك من هذا الموضوع المعضلة… لأن النقاش فيه طويل…!
لنعد إلى سؤالك..فلكي تكون من مطاردي الأفكار والمعاني ويكون علم الاجتماع لديك ليس مجرد مهنة، وإنما أسلوب حياة، أعتقد أن من بين ما تحتاجه هو الفضول أولا لتغوص في تاريخ الفكر الاجتماعي وتسافر في جغرافيات علم الاجتماع، ثم الشجاعة ثانيا لتتجرأ على التساؤل والشك الجذري في كل البديهيات، وتفكر خارج الصندوق الاجتماعي الذي صنعه المجتمع لك ولي ولنا جميعا قبل أن يقذف بنا إلى العالم الاجتماعي!
قال لي متسائلا كيف سأفكر خارج الصندوق الاجتماعي، علما أن هذا الصندوق هو نتاج تاريخ طويل من التجارب والخبرات التي راكمها الأجداد جيلا بعد جيل؟
قلت له موضحا صحيح أن العديد من المعتقدات والعادات والممارسات والظواهر الاجتماعية السائدة في المجتمع تبدو “بديهية” و”طبيعية”، إلا أنها تبدو كذلك فقط لأننا آلفناها، ومعلوم أن الألفة حجاب يحجب عنا الحقائق المتوارية خلف مظاهر الأشياء!!
يكفي ياصديقي أن تتجرأ على التساؤل وأن تساير السؤال! وأن تطرح دائما سؤال لماذا؟: لماذا نحتاج الذهاب إلى المدرسة؟ لماذا هناك غنى وهناك فقر؟ ولماذا بعض الناس يكسبون أكثر والبعض الآخر أقل؟ ولماذا يعاقب المجتمع_الدولة من يقتل الناس، وفي حالات أخرى يتوجان القتلة بالأوسمة؟ وهلم جرا من الأسئلة والأمثلة!
بالنسبة للكثير من الناس، تبدو الإجابات على هاته الأسئلة واضحة، ولا تحتاج أدنى تفكير! لكن إذا ما حاولت التفكير خارج الصندوق، وطورت أجوبة مفكر فيها على نحو أصيل، ستحصل على إجابات مختلفة بل متناقضة أحيانا!! فعلى سبيل المثال، قتل أشخاص آخرين خلال الحرب، ليس بالفعل الشنيع وإنما هو فعل نبيل يستمد نبله من واجب الدفاع عن الوطن وحمايته. لكن ما هو الوطن!؟ ولماذا يجب أن نموت من أجل الوطن؟
وهاته المسميات الوجودية المصيرية الكبري مثل ماهية الوطن والسعادة والعدل والوجود والعدم والقدم والفناء وغيرها كثير وكثير هي البحار الهادرة العصية والمتلاطمة التي تبحر فيها سفينة علم الاجتماع بإثقان وحرفية عالية ولاتخشي من الغرق
علم الإجتماع ياصديقي لذة خاصة عصية على الترك لمن ذاق حلاوته وانا ممن ذاق تلك الحلاوة حتي الثمالة والعشق الأبدي .

شاهد أيضاً

الإصطلام 

الإصطلام  كتب سمير ألحيان إبن الحسين __ الحب الاصطلامي هو ذلك الشعور المباغت الذي يخطف …