الشيخ المفوه وحقوق الجار
بقلم
ممدوح عكاشة
فى الغالب اتوجه يوم الجمعه لمسجد بجوار منزلى للصلاة
وللاستمتاع لخطبه الجمعه من إمام اعتدنا على أقل الكلمات وتنفيذ التعليمات التى ترد له وتأدية الواجب بلا جديد ونخرج بأقل القليل من فوائد خطبة الجمعه ونستفيد بحسنات صلاة الجماعه ليس أكثر .
لكن هذه المره توجهت للصلاة فى مسجد الحداد ببنها وسماع خطبة الجمعه وكان موضوعها عن حقوق الجار واستمعت للخطبة من الامام المفوه فضيلة الشيخ مصطفى كمال إمام المسجد .
فى هذه الخطبه وجدت البلاغه والاتقان وروعة الاختيار من فضيلة الشيخ الامام المفوه مولانا الشيخ مصطفى كمال، ما كل هذا الجمال يامولانا، وكل هذا العلم والفصاحة والاتقان، لقد ابدعت وابهرت وتجليت ، وضحت وفسرت واستشهدت بالقران الكريم وبأحاديث رسول الله
انها خطبه لابد من تدريسها للاجيال القادمه لما لها من بدايه وعرض ونهايه، لقد قسمت الخطبه وانتقلت بنا ذهنيا بالتواجد بأسلوب راق جذاب وكأننا نعاصر ايام الرسول فى هذه الحقبة من الزمن، ولقد نجحت فى جذب الناس .
وصفت حقوق الجار ولم ياتى على بالنا يوما ما ومايحدث فيه من عظات ورحمات ودعوات والمستمعون الاخيار فى حالة انجذاب وانتباه شديد لما يقول هذا الشيخ الجليل والتخيل اننا بين الصحابه ومع الله .
القاء وحضور ليس لهما مثيل للامام العالم حباه الله حب الحاضرين وبارك الله فيه وحفظه اللهم امين
ما كل هذا الجمال والجلال انه التجلى من عند الله .
وكان نص الخطبه قال الله سبحانه وتعالي:
“وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا” (النساء 36)
وسئل سيدنا رسول الله ﷺ عن امرأة كثيرة الصيام والصدقة غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها فقال: “هى فى النار” فقيل: إن فلانة، فذكروا قلة صلاتها وصيامها وصدقتها ولا تؤذى جيرانها بلسانها فقال: “هى فى الجنة”
النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أوصانا على الجار وحسن معاملة الجار
فقال صلى الله عليه وسلم: ” ما زال جبريل يُوصيني بالجار حتى ظنَنْتُ أنه سيورِّثه” رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم : “مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُؤذِ جاره ” رواه البخاري ومسلم
والنبي صلى الله عليه وسلم نفى كمال الإيمان عن من يؤذي جاره
فقال صلوات ربي وسلامه عليه
” واللَّهِ لا يُؤْمِنُ ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ” قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ”. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي روايةٍ لمسلمٍ: “لا يَدْخُلُ الجنَّة مَنْ لا يأْمَنُ جارُهُ بوَائِقَهُ”.
البوائِق: الغَوائِل والشرور.
ومفهوم الجار أوسع من جار السكن
فجار السكن جار وزميل العمل جار ورفيق السفر جار ولهم جميعاً حق الجوار وحسن المعاملة
والجار القريب في السكن أولى بالإحسان من البعيد
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ: يا رسول الله، إنَّ لي جارَين فإِلَى أَيِّهِما أُهْدِي؟ قال: (إلى أَقرَبِهما مِنك بَابًا).
وحقوق الجار هي : كف الأذى، فالمولي سبحانه وتعالى قال :
( والذين يُؤذونَ المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا )
وأيضاً من حقوق الجار على جاره تحمل الأذى
فقد روي أن رجلاً ذهب إلى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يشكو إليه سوء معاملة الجار فقال له اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع أنت الله فيه
وقال الحسن البصري
ليس حسن الجوار كف الأذى ولكن حسن الجوار تحمل الأذى، وقد كان لأبي حنيفة جار مغرمٌ بالشراب، وكان أبو حنيفة يحيي الليل بالقيام، ويحييه جاره بالشراب، ويغني على شرابه:
أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا … ليوم كريهة وسداد ثغر
فأخذه العسس ليلةً فوقع في الحبس، وفقد أبو حنيفة صوته واستوحش له؛ فقال لأهله: ما فعل جارنا ؟ قالوا: أخذه العسس فهو في الحبس.
فلما أصبح أبو حنيفة خرج حتى أتى باب عيسى بن موسى، فاستأذن عليه، فأسرع في إذنه، فأقبل عليه عيسى بوجهه، وقال: أمرٌ ما جاء بك أبا حنيفة! قال: نعم، أصلح الله الأمير، جار لي أخذه عسس الأمير ليلة كذا، فوقع في حبسك.
فأمر عيسى بإطلاق كل من أخذ في تلك الليلة، إكرامًا لأبي حنيفة؛ فأقبل الرجل على أبي حنيفة متشكرًا له، فلما رآه أبو حنيفة قال: أضعناك يا فتى؟ يُعرّض له بقصيدته؛ قال: لا والله، ولكنك بررت وحفظت.
وأخيراً من حقوق الجار حسن معاملة الجار والإحسان إليه ورعايته وحفظه، فقد قال النبي لأبي ذر
“يا أبا ذَرٍّ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فأكْثِرْ ماءَها، وتَعاهَدْ جِيرانَكَ” .
طَلَب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مِن أَبي ذرٍّ أنَّه إذا طَبَخَ مَرَقةً فلْيُكثرْ مِن مائِها، أي: عَلى المُعتادِ لنَفسِه؛ وذلكَ ليُكثرَ الائتِدامَ بِها؛ وليَتعاهدَ جِيرانَه، أي: يَتفقَّدَهم بزِيادةِ طَعامِه.
في الحديثِ: الحَضُّ عَلى تَعاهُدِ الجِيرانِ وَلو بالقَليلِ، لِمَا يَترتَّبُ عَلى ذلكَ منَ المَحبَّةِ والأُلفَةِ، ولِمَا يَحصُلُ بِه منَ المنفَعَةِ ودَفعِ المَفسدَةِ.
وانتبه أيها الحبيب فأنت تحتاج لجارك فقد قال النبي:
«ما مِنْ مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين إنهم لا يعلمون عنه إلا خيرا إلا قال الله : قد قبلت علمكم فيه، وغفرت له ما لا تعلمون».
وقد كان الرجل في الماضي يبيع جاره قبل داره لحسن خلق الجار، فقد روى أنه كانَ “لسعيد بن العاص” جارٌ أصابته ضائقة، فعرضَ داره للبيعِ بخمسينَ ألف درهم.
• فلمَّا حضرَ المُشتري، واتَّفقَ معه، قالَ له الجارُ : والآن، بكم تشتري جِوار سَعيد بن العاص؟
• فقالَ له الرجل: وهل يُشترى جِوارٌ قط!
فقالَ له: وكيف لا يُشترى جِوار من إذا سألته أعطاك، وإذا سكتّ َعنه ابتدأكَ، وإن جافيته وصلكَ، وإن غبتَ عنه سألَ عنكَ، وإن أسأتَ إليه أحسنَ إليكَ!
• فبلغَ ذلك سعيد بن العاص، فبعثَ إليه بمئةِ ألفِ درهم، وقالَ له: أمسِكْ عليكَ داركَ، وأقِمْ في جِوارنا!
فيجب علينا جميعاً حسن معاملة الجار والإحسان إلى الجار حتى لو كان الجار غير مسلم فله علينا حق الجوار
فعبدَ اللهِ بنَ عمرو ذُبحتْ لهُ شاةٌ فلمَّا جاءَ قال أهديتُمْ لجارنَا اليهوديِّ؟ أهديتُمْ لجارنا اليهوديِّ؟ سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم يقول: (ما زالَ جبريلُ يُوصِيني بالجارِ حتَّى ظننتُ أنَّهُ سيورِّثُهُ) .